الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلب.. هل قُتل مسؤولون لحزب الله في نبل؟

حلب.. هل قُتل مسؤولون لحزب الله في نبل؟

05.05.2020
خالد الخطيب



تلفزيون سوريا
الاثنين 4/5/2020
شهدت الأحياء الجنوبية في مدينة نبل شمالي حلب، الجمعة 1 أيار الجاري، انفجارات عنيفة تسببت في تدمير منطقة سكنية بشكل شبه كامل، وأوقعت 20 شخصاً على الأقل بين قتيل وجريح، بعضهم تم انتشاله من تحت الأنقاض بعد تدخل فرق الإنقاذ وفريق الدعم الإيراني في المنطقة، واختلفت الروايات الرسمية والمحلية حول مصدر الانفجارات، في حين رجحت مصادر أخرى وقوع قصف جوي استهدف موقعاً عسكرياً للميليشيات الإيرانية في أطراف المدينة.
وشهدت أجواء ريف حلب الشمالي ليل الجمعة/السبت، تحليقاً لطائرات مجهولة على علوّ مرتفع، قال ناشطون في المعارضة إنها طائرات إسرائيلية وأخرى تابعة للتحالف حلقت بشكل متكرر في سماء المنطقة.
روايات متناقضة
زعمت وسائل إعلام النظام والمواقع الإعلامية الموالية أن "مستودعاً يحوي أسطوانات غاز في الحي القبلي انفجر وتسبب بمقتل عدد من المدنيين وأدى إلى دمار كبير في المنازل السكنية المحيطة بالمستودع" وقالت المواقع إن "الانفجار وقع ظهر الجمعة على أطراف البلدة وأسفر عن وفاة أربعة أشخاص وإصابة 23 آخرين إصابات بعضهم بالغة تم نقلهم إلى المشافي لتلقي العلاج"
تنوعت الروايات حول أسباب الانفجارات في نبل، ناشطون محليون من المدينة قالوا بأن المجزرة التي وقعت كان سببها "انفجار مواد متفجرة تستخدم في المقالع الحجرية وفي صناعة العبوات والصواريخ في الجهة الجنوبية في المنطقة القريبة من مقبرة نبل" أما عدد القتلى والمصابين فأكد ناشطو المدينة أنه "وصل إلى 5 قتلى، و16 جريحاً، القتلى غالبيتهم من الأطفال وهم من عائلة واحدة، تكنى بحاج محمد، الأطفال القتلى أيتام وفق المصادر ذاتها، قتل والدهم في وقت سابق في أثناء المعارك مع فصائل المعارضة السورية.
وتداولت مواقع إعلامية مقربة من ميليشيا "نبل والزهراء" شمالي حلب، فيديوهات وصوراً تظهر حجم الدمار الكبير الذي تعرض له الموقع، وتحدث عدد من أهالي الحي المدمر عن قوة الانفجارات التي حصلت بشكل متتالٍ في الموقع، وقال بعضهم إنهم لا يعرفون بالضبط سبب الانفجارات، ولم يرد في شهادات المدنيين المتضررين أي معلومات حول مستودع أسطوانات الغاز الذي تحدثت عنه وسائل إعلام النظام والمواقع الموالية. تناقض الروايات شمل أيضاَ توقيت الانفجارات، بعضها أكد الرواية الرسمية بأن الانفجار وقع ظهر الجمعة، في حين قيل إن الانفجارات وقعت ليلاً.
هل قُصف الموقع؟
دمرت الانفجارات جنوبي مدينة نبل أكثر من 14 منزلاً بشكل شبه كامل، ولحقت الأضرار الجزئية (تكسير زجاج النوافذ، وانهيار بعض الجدران، وتصدع المباني والشقق) بعشرات المنازل والشقق السكنية في منطقة واسعة في المحيط القريب من الموقع، وبدا أن قصفاً صاروخياً، جواً أو براً، قد استهدف المكان وذلك بالنظر إلى حجم الدمار وشكل الأنقاض التي خلفها الانفجار في الموقع المستهدف.
المنسق الإعلامي في "الجيش الوطني"، يحيى مايو، قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن " الدمار الذي لحق بموقع الانفجار في نبل يوحي بأن المكان قد تعرض بالفعل لقصف صاروخي، ومن المستعبد أن تحيل انفجارات سببها أسطوانات غاز منزلي أسقفاً من (الباتون المسلح) إلى أنقاض صغيرة الحجم، الانفجارات تسببت في تفكيك الجدران والأسقف المسلحة بشكل شبه كامل في مركز الاستهداف".
ورجح مايو بأن " يكون مصدر الانفجارات استهداف إسرائيلي لموقع عسكري للميليشيات الإيرانية في نبل، وتتالي الانفجارات قد يكون بسبب وجود كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة في الموقع المستهدف، هذا النوع من القنابل عالي التدمير في الغالب مصدره إسرائيل، والاستهداف تم خلال ساعات ليل الخميس/الجمعة غالباً، وذلك بخلاف الرواية الرسمية لإعلام النظام الذي روج بأن القصف كان نهاراً"
بدت منطقة الانفجار خالية بالفعل من وجود العائلات المتضررة خلال ساعات النهار، ولم يظهر في الصور والفيديوهات المسجلة أي دلائل تشير إلى وجود أجزاء من أسطوانات الغاز المنزلي التي كان من المفترض وجودها في الموقع، وبدا أن الميليشيات الإيرانية وميليشيا "نبل والزهراء" قد رتبت مسبقاً لالتقاط الصور بعد أن أنهت عمليات الإنقاذ وإخراج عناصرها من تحت أنقاض المواقع المدمرة.
مصادر عسكرية معارضة، قالت لموقع "تلفزيون سوريا" إن "موقع الانفجار جنوبي نبل يتوسط منطقة عمرانية ناشئة وليست مخصصة للسكن فقط، فيها مستودعات ومنازل مهجورة، ومقار عسكرية تشغلها الميليشيات، وبدت الكتل السكنية متباعدة في ضواحي المدينة الجنوبية وبرغم ذلك كان الانفجار كافياً لتدميرها وإلحاق الضرر بعدد منها في المحيط" وأضافت المصادر، بأن القصف "تسبب في مقتل عدد من عناصر الميليشيات، ومن المرجح أن يكون بينهم قادة وعناصر من حزب الله اللبناني، فالمنطقة المستهدفة قريبة من معسكرات تدريب يديرها الحزب جنوبي المدينة".
إعادة انتشار
تبدو فرضية استهداف مواقع عسكرية للميليشيات الإيرانية و"حزب الله اللبناني" في نبل ممكنة، وسبق أن شهدت مواقع الميليشيات المنتشرة في ريف حلب وضواحيها خلال العامين الماضيين قصفاً جوياً وصاروخياً مشابهاً، ففي أواخر آذار/مارس من العام 2019 استهدف الطيران الإسرائيلي بـ5 غارات جوية مواقع ل"الحرس الثوري" الإيراني في المدينة الصناعية في الشيخ نجار ومدرسة المشاة والشيخ زيات في ضواحي حلب الشمالية، وفي مطار حلب الدولي ومحيطه القريب بين بلدتي النيرب وجبرين في الضواحي الشرقية، ومنطقة جبل عزان وتل شغيب وتل مشرف في الضواحي الجنوبية، وبقيت النيران والانفجارات متواصلة في الصناعية لأكثر من 24 ساعة لأنها تحوي مستودعات أسلحة وذخائر صاروخية متنوعة.
وفي أواخر أيلول/سبتمبر من العام 2018 هزت انفجارات متعددة مواقع عسكرية إيرانية في أحياء مدينة حلب الغربية، مستهدفة مواقع ضمن المربع الأمني المحيط بنقطة المراقبة الإيرانية المتمركزة في الأكاديمية العسكرية في حي الحمدانية؛ مشروع 3000 شقة جنوبي الأكاديمية، وبرجيات الروس في الحي الثالث بالحمدانية، ومشروع 1070 شقة، والمواقع المُستهدفة حينها، مبانٍ تحوي إحداها غرفة عمليات مصغرة، وأخرى مخصصة للمبيت والسكن العسكري، لميليشيات "حزب الله اللبناني" و"حركة النجباء العراقية"، و"الحرس الثوري الإيراني".
نفذت الميليشيات الإيرانية بداية العام 2020 عمليات إعادة انتشار جديدة لتفادي القصف الإسرائيلي الذي يستهدف مواقعها في سوريا، بدأت في إعادة الانتشار في وقت مبكر أواخر العام 2019، وتأخر في حلب شمالاً حتى بداية العام 2020 بعد أن استفادت من تغير خريطة السيطرة شمال غربي سوريا لصالح قوات النظام، وشملت عمليات إعادة الانتشار تغيير مواقع الانتشار والتمركز والقيادة ومخازن الأسلحة والتصنيع العسكري، وانتقلت مساكن قادتها من مناطق مكشوفة بالقرب من المواقع العسكرية إلى مناطق سكنية داخل المدن والبلدات في ريف وضواحي حلب، ومن بينها نبل.
المواقع المعروفة للميليشيات الإيرانية في حلب عموماً تتوزع على الصناعيتين الأولى والثانية في الشيخ نجار، ومواقع في الشيخ زيات جنوبي المدينة الصناعية، وتتمركز فيها تشكيلات من "الفرقة الرابعة" و"لواء الباقر" و"نبل والزهراء" و"لواء فاطميون"، وإلى الشمال هناك موقع عسكري للميليشيات في معسكر التدريب الجامعي والإنتاجية في مدرسة المشاة، وهي منطقة عمليات عسكرية تدير من خلالها الميليشيات الإيرانية عملياتها المشتركة مع "وحدات حماية الشعب" الكردية ضد المعارضة شمالي حلب.
وتعتبر منطقة جبل عزان؛ والتي تضم القاعدة العسكرية التابعة لـ"الحرس الثوري"، أكبر المواقع التابعة للميليشيات الإيرانية جنوبي حلب، إلى جانب مواقع أخرى في تلة شغيب وتلة المشرف اللتين استحدثهما الحرس الثوري بالقرب من نقطة المراقبة الإيرانية في تل وضيحي العتيق.