الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلب.. معادلة العجز والغضب

حلب.. معادلة العجز والغضب

19.12.2016
محمد الطميحي


الرياض
الاحد 18/12/2016
بعد نحو خمسة وثلاثين عاماً عن مجزرة حماة؛ ها هي المأساة تتكرر مرة أخرى ولكن هذه المرة في حلب، وما بين الأسد الأب والابن يبقى الشعب السوري ضحية للقتل والقمع والتنكيل في سبيل الحفاظ على كرسي الحكم الأغلى والأكثر أهمية بالنسبة للنظام وحلفائه الروس والإيرانيين من دماء شعب بأكمله.
لم يكن مستغربا ما يحدث الآن في حلب فكل المؤشرات كانت تسير في نفس الاتجاه من التشاؤم المبني على تجارب سابقة وثقت عشرات المجازر التي ارتكبتها قوات الأسد والميليشيات الموالية لها خلال عمر الثورة السورية التي أصبحت على مشارف عامها السابع، الغريب في القصة هذا الصمت الدولي الرهيب الذي يرقى إلى درجة التواطؤ مع تلك الجرائم.
إطفاء الأنوار في برج إيفل في باريس وبضع مئات من المتظاهرين هنا وهناك لم تنقذ أطفال حلب، حتى القرارات الأممية وبيانات التنديد والشجب لن تغير من واقع الحال شيئاً سوى تشجيع الغارات الروسية على تسريع وتيرة القصف تحسباً لتحرك دولي شجاع لإنقاذ ما تبقى من إنسانية.
ووسط هذا الواقع المأساوي الذي يعزز عجزنا كبشر أولاً وأخيراً ينشط صنّاع الموت لاستغلال هذه الحالة لاستقطاب شباب المسلمين لمواصلة دائرة العنف والإرهاب التي أطلقها نظام الأسد لتبرير كل هذا القتل والتدمير في الأساس.
صور الأطفال القتلى بين الركام، وقصص الاغتصاب وانتهاك حرمات الآمنين، كلها وسائل تجنيد كلاسيكية انطلقت في أفغانستان مروراً بالعراق وصولاً إلى سورية التي تمثل هي الأخرى محطة ستمهد لمرحلة جديدة تغذي مشاعر التطرف والكراهية في بلداننا.
أيضاً لا يمكن أن تطالب شعوب المنطقة بالصمت وكبت كل هذه المشاعر المليئة بالغضب دون توفير وسائل تعبير و(تنفيس) قادرة على إحداث تحرك فاعل يساهم في تغيير هذا الواقع المرير دون الوقوع في شرك الإحساس بالعجز الكامل.
المشاركة في حملات التبرع الشعبية التي تنظم على مستوى العالم، وإتاحة الفرصة للشباب لزيارة مخيمات اللاجئين السوريين ومد يد العون لهم بشكل مباشر، والسماح بالمشاركة في الضغط على الحكومات الموالية للنظام في دمشق، أو لتشجيع المنظمات الدولية على بذل المزيد من الجهود السياسية والإنسانية لتغيير هذا الواقع المرير.
كل هذه المبادرات ستساهم في امتصاص هذه الحالة العامة من الغضب واستثمارها لتخفيف معاناة الإنسان السوري دون أن يترك هذا الشاب العربي المليء بالحماس هدفاً سهلاً في يد دعاة الظلام الذين استغل نظام الأسد خطبهم وشعاراتهم وتنظيماتهم المشبوهة لتصوير قمعه الدامي لثورة شعبية سلمية على أنه مجرد مواجهة عادلة مع الإرهاب!!