الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلب ضحية العرب

حلب ضحية العرب

31.12.2016
عبد الإله هزاع الحريبي


العربي الجديد
الخميس 29/12/2016
هذه التراجيديا الحزينة في حلب، وكلّ هذه الدماء المسفوكة ظلماً وعدواناً، هي حصيلة متوّقعة للتدخل العربي والدولي في الشأن السوري بطريقة سلبية جداً، إذ ارتبطت الثورة السورية منذ اندلاعها بالشارع السوري والجيش السوري الحر، وعندما بدأت أعداد المقاتلين الأجانب تتدفق عن طريق تركيا كانت بداية النهاية لسورية، فالعرب وقفوا كلّ في طريق مختلف، يتناحرون فيما بينهم على الأرض السورية، وكلّ منهم يدعم فصيلاً مسلحاً معيناً، وتوقفوا بشكل شبه جمعي عن دعم المعارضة الحقيقية التي مثّلها الجيش الحر، الذي انسلخ عن جيش النظام، على الرغم من محاولات أخونته (أي تكوينه من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين)، فالفصائل أخرجت من بين ثناياها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش ) والقاعدة وجبهة النصرة وفتح الشام وغيرها من الفصائل المتشدّدة التي تناسخت وتقاتلت بشكل أكثر ضراوة من قتالها مع نظام الأسد وحلفائه (للمخابرات الأميركية دور كبير في ظهور داعش لتحقيق أهدافها ومشاريعها في المنطقة تحت يافطة الإرهاب).
تكفي مراجعة الأحداث أولاً بأول، لنرى ونعرف مدى ما أجرم العرب بحق سورية وفي قلبها حلب، فيما اليوم يتباكون على حلب، ويدعون إلى خروج المسلحين والمدنيين من حلب، مع أن المبعوث الأممي إلى سورية، ستفيان دي ميستورا، عندما رأى هذه النهاية المتوقعة مبكراً، كان قد طالب بذلك، قبل أن تتطوّر الأمور بالشكل الذي نرى، فالمجتمع الدولي ساهم في ذلك كله، وجعلوا سورية مسرحاً للصراعات الكبرى بين القوى العظمى، وحوّلوها من ثورة شعب يتوق إلى الحرية من نظام ديكتاتوري مستبد، إلى بؤرة لجماعات إجرامية تشارك نظام الأسد في تدمير سورية وقتل شعبها. ومازالت تراجيديا الحزن والأسى والدمار والخراب مستمرّة، ولن تتوّقف عند حدود حلب الشهباء، أقدم المدن التي سكنها الإنسان.