الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلب تستعيد روسيا

حلب تستعيد روسيا

18.12.2016
سميح صعب


النهار
السبت 17/12/2016
على رغم أن السيطرة على حلب لا تطوي صفحة الحرب السورية، لكنها تمثل مفصلاً استراتيجياً لا يمكن المعارضة السورية ولا داعميها في الغرب والخليج وتركيا القفز فوقه. إذ لم تعد تمت الى الواقعية بصلة، المغالاة في طرح شروط ومطالب تنتمي الى بداية حقبة الاضطرابات في سوريا عام 2011.
والاتجاه الذي تسير فيه التطورات السورية اليوم تؤكد نجاح روسيا في مهمة أولى بعيداً من حدودها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي قبل ربع قرن. فالتدخل الروسي العسكري قبل سنة كان له الأثر الحاسم في اعادة رسم خريطة الميدان السوري. وروسيا تستأثر في الوقت الحاضر بالدور الأساسي في سوريا وتفرض حضوراً غاب عقوداً عن الشرق الاوسط. ولم تمنع العقوبات الاميركية والاوروبية الرئيس فلاديمير بوتين من المخاطرة بحماية دمشق. وهو نجح حتى الان الى حد كبير.
وعلى أهمية الثغرة التي أحدثها "داعش" في تدمر، فإنها لم تستطع حجب التحول الكبير في مجرى الصراع السوري الذي فرضه حدث بحجم استعادة مدينة حلب. والتحول الميداني سيترك بالطبع أثره على الحلول السياسية التي ستطرح لاحقاً. وما كان جائزاً قبل استعادة حلب بات من العسير القبول به بعد خروج المعارضة من المدينة. ومما لا يرقى اليه شك ان لا المعارضة السورية ولا أياً من الدول التي كانت تدعمها تخيلت أن روسيا ستذهب في حدود دعمها للنظام في سوريا الى هذا الحد.
وكما تمسك روسيا بتفاصيل الميدان السوري، ستكون من دون أدنى ريب هي اللاعب الاقوى عندما تحين ساعة التسوية السياسية. ومن سوريا تنطلق موسكو الى لعب دور أكبر في كامل الشرق الاوسط. والدليل على ذلك هذا الالتصاق التركي بموسكو في الموضوع السوري وابتعادها المتواصل عن الغرب الحليف التقليدي لأنقرة.
وبارزاً كان الدور الذي لعبته روسيا في اقناع السعودية وايران باتفاق خفض انتاج النفط داخل منظمة "أوبيك" وفي الاتفاق الذي حصل بين المنظمة والدول المنتجة للنفط من خارجها.
ولا بد من التوقف عند اختيار الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب شخصية مثل رئيس مجلس ادارة عملاق النفط "اكسون موبيل" ريكس تيلرسون الذي يقيم علاقات وثيقة مع روسيا، وزيراً للخارجية. كذلك تجدر الاشارة الى أن مرشح اليمين الفرنسي فرنسوا فيون الاوفر حظاً بالرئاسة يقيم علاقة ودية مع بوتين.
ومع تطورات سوريا واتجاهات السياسة الدولية، تستعيد روسيا الكثير من مكانتها على الساحة العالمية وتفرض نفسها لاعباً أساسياً يتعين على الغرب إعادة النظر في مواقفه من الكرملين والتخلي عن مواقف مجبولة بالاعتبارات الايديولوجية.