الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلب الشهيدة ومظلومية إيران

حلب الشهيدة ومظلومية إيران

26.12.2016
أحمد الحوسني


الاتحاد
الاحد  25/12/2016
تابع العالم المشاهد الوحشية في حلب، من تدمير وتهجير وإبادة سكانها على يد النظام وروسيا وإيران و"حزب الله" وميليشياتها الطائفية. منظر جثث الأطفال والنساء والمسنين، تحت الركام وفي الطرقات وصفه أحد مواطنيها بـ"يوم القيامة" والصور المعروضة في وسائل الإعلام كانت فاضحة لجرائمهم، بينما تروج روسيا في دعايتها بقتل 35 ألف مقاتل. ويبدو أن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، تأثر بهذه الصور وأحسن وصفها بـ"المدينة الشهيدة" بكلمته في الأمم المتحدة. وتابعنا سقوط حلب بالدعاء، بينما أطفالها يصرخون "لا نريد دعاءكم نريد سيوفكم". سقطت حلب وأسقطتْ معها الجميع في الإفلاس الأخلاقي والعجز العربي والتواطؤ الأميركي المخزي. وعجز الأمم المتحدة ومبعوثها، سوى عن التعبير عن القلق. وهي كالإسعاف الذي يصل بعد أن فارق المريض حياته، كما حدث في مذابح رواندا وسربرنيتشا في البوسنة.
النظام وإيران و"حزب الله"، كانوا على وشك السقوط، لولا الرافعة الروسية بكل قواها، قلبت موازين القوى، الذي نتج عنه سقوط حلب والاتفاق على إجلاء المدنيين ومسلحي المعارضة من شرق حلب إلى إدلب ومناطق أخرى. وإن أخطر ما في السقوط، هو تراجع الموقف العربي الذي خذلته أميركا، ذلك مهَّد لتحول كبير في تقدم روسيا وإيران لتثبيت "سياسة الأمر الواقع" ليصبح بشار رهينة لموسكو وطهران. هذا ما سيوسِّع نفوذ روسيا في الشرق الأوسط والمتوسط، وتعويضها عما خدعها الغرب والعرب في ليبيا. والخطورة، أن يطال التغيير السكاني مناطق أخرى، ونقل سكان الفوعة وكفريا، لإسكانهم في حلب بعد نقل سكان الأخيرة لإدلب التي لن تكون آمنة.
إعلان روسيا جاء خارج إطار قرارات الأمم المتحدة، وجنيف 1 و2 دون حضور المعارضة، ويدعو لمفاوضات سياسية تشمل كل المكونات العرقية ووقف موسع لإطلاق النار في سوريا من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة، والدول الثلاث روسيا وتركيا وإيران، متفقة على أن الأولوية في سوريا لمكافحة الإرهاب لا لتغيير النظام. بينما المعارضة أعلنت رفضها للإعلان. وصرحت بأن روسيا وإيران تقلصان دور الأمم المتحدة. ودي ميستورا ممثل الأمم المتحدة أعلن عن موعد 8 فبراير لمفاوضات جنيف.
كلنا نتطلع إلى السلام في سوريا ونقول إنه إذا أحسنت الأطراف المعنية تأسيس حل عادل ومنصف يأخذ بمطالب الشعب السوري. وإذا حاولت روسيا أن تستعجل حلاً فجّاً، قبل مجيء ترامب للرئاسة لتفاوضه على أمر واقع، ستكون سوريا أسوأ حالاً من العراق. أقول "قليل من سوء النية يُصلح السياسة" كيف تفسر إيران "المظلومية ونصرة المستضعفين"؟ فما حدث في حلب، كان اختباراً لسماحة الولي الفقيه وصفة "الجمهورية الإسلامية-الإيرانية"، نتساءل: كيف تدَّعي تمثلها لأخلاق آل البيت وهم المسالمون، و"حزب الله"، بأمر من الإمبراطور خامنئي، افتعل أكذوبة "لبيك يا زينب" تأشيرةً، بحجة حماية مرقد السيدة زينب في دمشق، ولم يستحِ وهو يعلم أن الشوامّ المحبين لآل البيت يحتضنون مرقدها الشريف لمدة 1373 عاماً؟! وقد انفضح أمرهم عندما ذهبوا للقتال خارج دمشق، وأنهم تقوَّلوا نفاقاً على السيدة زينب، واستغلوا إرث آل البيت الكرام، وجيّشوا الأفّاكين من كل فج، باسم "لبيك يا زينب" و"لبيك يا حسين"، وارتكبوا باسمهم مجازر وإبادة لنساء وشيوخ وأطفال سوريا، والتبجح بنصر مزيف.
وإذا كان من مظلومية، فهي لأشلاء الأطفال والنساء تحت الركام، تلك كانت كربلاء حلب على الهواء مباشرة. ويمثلها "شمر بن ذي الجوشن" اللعين متلبساً في "نصر الله"، بأمر"يزيد العصر، بشار"، وتذكرت "السيدة زينب" أن هؤلاء المنافقين، هم من خذلوا أباها الحسين وتواطؤوا مع جيش "يزيد"، ويلطمون وجوههم ندماً، عما فعلوه واليوم يتواطؤون مع جيش بوتين. فلعنة السيدة زينب ستلاحقهم عاجلاً أو آجلاً.
أما السوريون فقد خسروا الحرب، لكنهم لن ينكسروا وأطفالهم وهم يُرحَّلون قسراً ويرددون "إنهم عائدون".