الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حكم إعدام

حكم إعدام

27.07.2015
ميشيل كيلو



العربي الجديد
الاحد 26/7/2015
أصدرت محكمة إرهابيي دمشق حكما بإعدامي، والتهمة: تزويد الإرهابيين بالسلاح، وتحريض المواطنين على القتل، وتهم أخرى، لا تقل سخفا وتفاهة عن هاتين التهمتين.  أولاً وقبل كل شيء، ليس صحيحاً أنني أرسلت سلاحا إلى السوريين، لأنني كنت، وما زلت، ضد عسكرة الثورة التي أكدت ما أيدته دوماً: حق السوريين في المقاومة المسلحة ضد إجرام الأسد وإرهابه. كان رأيي أن العسكرة تعني خضوع الثورة للسلاح، وانفلات غرائز عنيفة، لا ضابط لها، تنتهي دوماً إلى القتل من أجل القتل، وتفتح الأبواب أمام تدخل كل من هب ودب في بلادنا، فلا بد من قطع الطريق عليها، ورفضها جملة وتفصيلاً، إن كنا نريد المحافظة حقاً على مجتمعنا ودولتنا، وصيانة حياة ووحدة مواطناتنا ومواطنينا. في المقابل، تعني المقاومة خضوع البندقية للثورة، وقطع الطريق على ظواهر قاتلة، كظاهرة أمراء الحرب، التي ساعد تفشيها النظام على احتواء الثورة، وأدخل اليأس إلى قلوب كثيرين من السوريات والسوريين، وأسهم في تمزيق مجتمعنا وزرع الفتن بين مكوناته، وزجنا في حروب مكّنت الخارج من انتزاع حقنا في تقرير أمورنا، والتحكم بنا وشطب ثورتنا، وتقديم خدمات شتى لأعداء شعبنا، وخصوصاً منهم ملالي إيران الذين أخذوا يشرقون ويغربون في بلادنا، ويقتلون ناسنا بلا حساب.
لو كانت هناك مقاومة تشبه التي قادت ثورات عديدة إلى الانتصار، وكانت لدي الموارد اللازمة، لأرسلت جميع أنواع السلاح إلى من يقاتلون نظام الأسد الإرهابي الذي بادر إلى إطلاق النار على مواطنيه، بمجرد أن طالبوا "فشاره" بإصلاح المزبلة التي يديرها، في سابقة لم يسبق لسورية، أو أي بلد عربي، أن شهد مثيلاً لها. لو كان هناك مقاومة، وكان الائتلاف قد وعى يوماً ضرورة أن يكون قيادة للشعب الثائر، ومارس دوره بنزاهة وإخلاص، وكانت لدي الموارد، لأرسلت إلى سورية من السلاح ما يكفي لسحق ليس فقط جرذ دمشق ونظامه، وإنما جرذان موسكو وطهران أيضاً الذين استباحوا دم شعب سورية، وفتكوا به، وقضوا على كل ما بناه في ألف عام، وارتكبوا مليار جريمة ضده، ولا يستحقون حتى أن يقدموا إلى محكمة الجنايات الدولية، بل يجب قتلهم، ضرباً بالأحذية، قبل شحطهم إليها.
لم يمكنني سوء الوضع، وحرف الثورة عن طابعها، وافتقاري المطلق إلى الموارد، من إرسال سلاح إلى سورية، ومنعتني مواقفي ومبادئي السياسية والأخلاقية من تحريض السوريين بعضهم ضد بعض، وألزمتني بالدفاع عن حياة كل واحد منهم، بمن في ذلك حياة الذين يقاتلون دفاعاً عن الجرذ المشوه، ويقتلون إخوتهم الأبرياء من المواطنين، وأقرّ، بكل صراحة واعتزاز، بأنني ارتكبت جرم التحريض على قتل المجرم الجنائي، المختبئ في الأقبية العميقة لقصر يقبع على قمة تلة غربي دمشق، يعد مجرد دخوله إليه جريمة ضد الوطن والشعب، لكونه آخر سوري يحق له الدخول إليه.
حرّضت السوريين على قتل الجرذ الجبان، وأحرّضهم الآن، أيضاً، على تخليص شعبهم ووطنهم منه، وانتظر أن ينفذ هذا الطلب في أقرب فرصة سوري ما يحب شعبه وبلاده، سيكون بالتأكيد أعظم المخلصين لوطنهم وناسهم على مر تاريخنا، والبطل الذي سيخلصنا من قاتل متعطش لدماء أطفالنا وأمهاتنا، تسلل في ليل الاستبداد البهيم إلى قصر جمهوري، بني بمال وعرق الشعب الذي يرفض بقاءه فيه، ويرى أنه كان يجب أن يمضي حياته في أقبية سجن عدرا، مكانه الطبيعي الذي سيرسل قريبا إليه، ليلتف حبل إحدى مشانقه حول عنقه الطويل.