الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حصص لروسيا وإيران قبل "السلام" في سوريا

حصص لروسيا وإيران قبل "السلام" في سوريا

24.01.2017
عبدالوهاب بدرخان


العرب
الاثنين 23/1/2017
قبيل انتهاء معركة حلب ضغطت روسيا أواخر نوفمبر من العام الماضي للحصول على اتفاقات وتعاقدات مع حكومة النظام السوري تتعلق بقطاعات مختلفة، بغية الحصول على أفضلية لموسكو في المرحلة المقبلة التي يُفترض أن تشهد انتهاء الأعمال العدائية وبداية مرحلة انتقالية. وسواء تم هذا السيناريو وفقاً لما يتصوره الروس أو لا، فإنهم يريدون ضمان مصالح موسعة ليس فقط في المجال العسكري بل أيضاً في قطاع النفط والغاز وحركة التجارة والنقل والاستثمار فضلاً عن مشاريع إعادة الإعمار. ويُذكر أن نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين قاد وفداً كبيراً ومتعدد الاختصاصات إلى دمشق، وحصل على وعدٍ من رئيس النظام بشار الأسد بضمان "الظروف الأكثر ملائمة" لتنفيذ المشاريع الاقتصادية الروسية في سوريا.
واستباقاً للمتغيرات أيضاً، وستكون كثيرة بالنسبة إلى إيران، طلبت طهران من دمشق عقد سلسلة اتفاقات تعاون، منها ترخيص لمشغل إيراني لشبكة هاتف نقال وتخصيص خمسة آلاف هكتار لإنشاء ميناء نفطي ومثلها كأراضٍ زراعية فضلاً عن استغلال بعضٍ من مناجم الفوسفات. وقد قصد رئيس حكومة النظام عماد خميس طهران قبل أيام لتوقيع هذه الاتفاقات، التي تُعتبر تطويراً نوعياً لـ "تعاون" طغى عليه الطابع العسكري والاستخباري والمالي لمنع انهيار النظام، طوال الأعوام الستة الماضية، وتخلله إرسال "مستشارين عسكريين" ثم قوات من "الحرس الثوري" الإيراني وميليشيات من لبنان والعراق وبلدان عدة.
لعل أهم المتغيرات بالنسبة إلى روسيا وإيران أن مرحلة جديدة ستبدأ لتوها مع وجود رئيس وإدارة جديدين في واشنطن، وبالأخص بعد معركة حلب التي اعتبرتها موسكو فاصلة ونهائية فيما كانت إيران والنظام يفضلان مواصلة الحرب وصولاً إلى سيطرة كاملة على كل الأراضي السورية. وتشير مسارعة الروس والإيرانيين إلى اتفاقات التعاون إلى أنهم متيقنون بأن إنهاء الصراع العسكري وبلورة حل سياسي لن يأتيا بتغيير جوهري يمكن أن يؤدي إلى إعادة النظر في هذه الاتفاقات. يستتبع ذلك أن الأسد يستخدم الاتفاقات لدعم الالتزام الروسي-الإيراني ببقائه في منصبه حتى انتهاء ولايته الحالية في 2021. لكن ذلك يكرس واقع أن استمرار الأسد في السلطة سيبقى مرتبطاً بوجود حليفيه، بشكل أو بآخر، ولذلك دانت المعارضة السورية الاتفاقات واعتبرتها ترخيصاً بـ "النهب" لـ "ميليشيات إرهابية إيرانية"، في إشارة إلى أن "الحرس الثوري" سيستفيد مباشرة من معظم التعاقدات بحكم أنه مهيمنٌ على قطاعَي الصناعة والاتصالات في إيران.
لكن جملة ملاحظات تفرض نفسها. أولاً، أن روسيا وإيران تتقاسمان المكاسب مع نظام تسيطران عليه كلياً وتعلمان أن لا مستقبل له. ثانياً، أنهما تتسابقان إلى الحصص فيما هما تتنافسان على النفوذ في مسعى لإقامة توازن بين وجوديهما ولا مؤشرات إلى أنهما متفقتان على إنهاء الصراع. ثالثاً، أنهما لا تستطيعان في كل السيناريوهات أن تنفردا بإعادة الإعمار وكلفته إلا أنهما تحاولان التموضع للتحكّم بتحديد المشاركين الأوروبيين والعرب فيها، ما قد يؤدي إلى عرقلتها وإبطائها، وبالتالي إلى تقويض عودة الاستقرار. رابعاً، أنهما تستبقان خصوصاً صيغة الحل السياسي التي يراد لها أن تتيح تمثيلاً ومشاركةً أوسعَين للشعب السوري، ولا تعني هذه المشاركة أن يجد الحكم نفسه أمام خيارات اقتصادية احتُكرت وحُسمت في ظل حكم وحكومة لا يحظيان بقبول سوري جامع.;