الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حسابات المخادعين الأربعة في سورية

حسابات المخادعين الأربعة في سورية

05.07.2018
د. فادي شامية


المجتمع
الاربعاء 4/7/2018
وفقاً للصفقة التي بموجبها تغاضت الولايات المتحدة عن نقض اتفاق خفض التصعيد جنوب سورية؛ فإن روسيا ملزمة –بعد السيطرة على درعا- بإبعاد القوات الإيرانية ومليشياتها 80 كلم عن الحدود مع الجولان المحتل، في 16 يوليو القادم سيلتقي ترمب وبوتين لإتمام الصفقة؛ "ترسيخ بقاء الأسد مقابل الحد من النشاطات الإيرانية"، مع الإبقاء على "حق "إسرائيل" في توجيه الضربات الجوية على المواقع الإيرانية" ("واشنطن بوست" 29/ 6/ 2018).
في حسابات المخادعين الأربعة؛ "إسرائيل" وإيران وروسيا والولايات المتحدة؛ الآتي:
1- تفضل "إسرائيل" عودة من اختبرت "انضباطه" على حدودها طيلة أربعين سنة، وقد وجهت رسالة عبر رئيس الأركان غادي آيزنكوت إلى نظيره جوزيف دانفورد، أكدت فيها "أنها لن تقبل وجوداً عسكرياً لغير جيش النظام السوري في المنطقة الحدودية في الجولان" (هاآرتس 1/ 7/ 2018).
2- تعتبر إيران نفسها منتصرة بالإبقاء على الأسد حتى لو لم تتمكن من الاقتراب من الحدود، ولكنها ستعمل ما بوسعها لتحقيق انتصار ثان باقترابها من الحدود بالتخفي أو بالاندماج السري بجيش النظام.
3- وفق الصفقة ستربح روسيا بقاء الأسد تابعاً لها، وهي مستفيدة سياسياً واقتصادياً من الحد من النفوذ الإيراني في سورية، خصوصاً بعدما تراجعت أهمية مليشيات إيران ببسط النظام نفوذه على معظم المناطق الخارجة عليه عدا مناطق الأكراد والأتراك –وهي خاضعة لتفاهمات دولية- وهي بدأت بالترويج منذ الآن على لسان نائب وزير خارجيتها أن بقاءً محدوداً للقوات الإيرانية في سورية "يقتصر على مكافحة الإرهاب، وهذا يتفق مع مصالح "إسرائيل" أيضاً" (30/ 6/ 2018، وذلك خلافاً لما يروجه الإعلام الإيراني أن محاربته "داعش" يضر المصالح "الإسرائيلية").
4- تعتبر إدارة ترمب أنها حققت انتصارين؛ قضت على "داعش" من خلال حلفائها لا سيما الأكراد، وحدت من النفوذ الإيراني من خلال الصفقة مع الروس، وهي حمت حدود حليفتها "إسرائيل"، وأعطتها حق التحرك عندما تدعو الضرورة بالتفاهم مع روسيا، وهذا الواقع سيسمح لها بإعادة القوات الأمريكية قريباً إلى الولايات المتحدة.
لوهلة أولى سيبدو أن الثورة انتهت، وأن السوريين سيعودون إلى الخضوع لحكم الأسد، وأن المعطيات السياسية والميدانية تؤكد ذلك؛ لكن القادم لن يكون كذلك بالضرورة؛ فإعادة بناء جدار الخوف كما كان قبل الثورة لم يعد ممكناً، والمصالحة المجتمعية لم تتحقق، والغلبة تنذر بنسخ جديدة من المقاومة ومن التطرف، وإعادة إخضاع مناطق الأكراد متعذر، أما إدلب وما حولها فقد باتت خاضعة للنفوذ التركي، والأهم أن النظام نفسه لم يعد يملك زمام أمره، وسيكون بعد معركة درعا مكاناً للتصارع الدولي، وبما أن مصالح الأطراف الفاعلة مختلفة في الأساس؛ فإن أي خلاف في المدى القريب سيدفع ثمنه النظام، خصوصاً أن عدة الشغل موجودة، والأرضية السورية ما تزال خصبة جداً.