الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حزب الله" يندفع بعيداً في سوريا بقرار إيراني وأسئلة داخلية عن الدور والكلفة بعد التسوية!

حزب الله" يندفع بعيداً في سوريا بقرار إيراني وأسئلة داخلية عن الدور والكلفة بعد التسوية!

10.01.2017
إبراهيم حيدر


النهار
الاثنين 9/1/2017
يؤكد "حزب الله" استمرار انخراطه في الحرب السورية لاعبا أساسيا في المعركة على الأرض الى جانب النظام. والتأكيد لا يأتي فقط من رأس الهرم في الحزب، أمينه االعام السيد حسن نصرالله، ومن بيانات الحزب ومسؤوليه، إنما من القيادة الإيرانية التي أعلنت موقفها أخيراً على لسان رئيس لجنة الشؤون الخارجية الإيراني علاء الدين بروجردي الذي قال إن "حزب الله" باق في سوريا، وهو موجود برضى الحكومة السورية، أي برضى النظام مع حلفائه الإيرانيين وغيرهم. لذا يبقى الحزب في سوريا وعلى مختلف جبهاتها بقرار إيراني، ويستمر بحشد مقاتليه لما تتطلبه الجبهات الأخرى من دون أن يلتفت الى حجم الكلفة التي يدفعها وتأثيراتها على بنيته وجمهوره ودوره ومستقبله في سوريا.
شكلت السيطرة على مدينة حلب منعطفاً مهماً للنظام ولـ"حزب الله" الذي باتت أولويته اليوم أبعد من المدينة التاريخية، وأبعد في الانخراط في هذه الحرب، إذ إن الحزب دفع في حلب كلفة كبيرة وسقط له الكثير من شبابه، ولذا هو يستعد لمزيد من الاندفاع على جبهات مختلفة، مستفيداً مما اعتبره إنجازاً وانتصاراً في حلب، وإن كانت معركة وادي بردى في دمشق ليست المعركة الحاسمة في الحرب، حيث تتوجه الأنظار الى ادلب والى المعارك الدائرة على ضفاف أخرى، من الرقة الى الباب على الحدود التركية. ويواصل الحزب، وفق المعلومات، حشد مقاتليه ونخبة عناصره، بالتزامن مع حشود متواصلة لمقاتلين إيرانيين وأفغان ودفعها على مختلف الجبهات في سوريا، غير آبه بما يجري من مفاوضات برعاية روسية وتركية، أو على الأقل غير مراهن على نتائجها، مما يعني مزيداً من الغرق والاندفاع الى أبعد حدود.
لكن الحرب التي يخوضها الحزب في سوريا لم تلغ نقاشاً وأسئلة كانت ظهرت في وقت سابق عن احتمالاتها المستقبلية. فوفق مصادر على صلة بالحزب، أن حلقة مركزية مصغرة في "حزب الله" تناقش كل الاحتمالات وتضع السيناريوات للمرحلة المقبلة بهدف التصرف المباشر أمام أي تطورات غير مؤاتية، بالتوازي مع استمرار بروز تساؤلات عن جدوى التورط في مناطق أبعد في سوريا، باعتبار أن ذلك يتطلب مزيداً من المقاتلين والإمكانات والقدرات غير المتوافرة، لكن هذه النقاشات لم تغير أولوية قيادة الحزب وسط توقعات لا تشير الى أن الحزب في صدد الانسحاب من مناطق معينة في سوريا. لذا، تضع هذه الحلقة الاحتمالات من دون أن يكون في الحسبان أي خيار للخروج من سوريا، حيث يستمر الحزب في تقديم خيارات التدخل والانخراط والتورط في الداخل السوري، على ما عداها من ملفات أخرى.
ومن الأمور التي تطرح داخل الحزب، الدور الذي يمكن أن يؤديه في حال اكتمال التسوية السياسية في سوريا، علماً أن تجربته في منطقة الجولان السوري لإنشاء مقاومة في المنطقة كقاعدة شبيهة بالجنوب، لم تنجح من دون أن تكون قد باءت بالفشل، إذ حصلت اختراقات كثيرة أدت بداية الى اغتيال اسرائيل كوادر من الحزب، ثم اغتيال سمير القنطار وأحد قياديي المقاومة السورية التي كان يعدها "حزب الله" لاستنساخ تجربة المقاومة في الجنوب، خصوصاً أن الساحة ليست ساحته ولا جمهوره ولا هو يستطيع أن يقاتل خارج منزله الى ما لا نهاية. لكن الأمور لم تنجح الى الآن، بالإضافة الى أن موقف النظام السوري المنشغل بوضعه الداخلي لم يوافق على إعطاء الضوء الأخضر للحزب للقيام بهذه المهمة، خصوصاً أن أي تسوية سياسية محتملة بين المكونات السورية برعاية دولية لن تعطي الحزب ولن تفتح له الطريق في الجولان، إذا كان للنظام من مصالح في هذا السياق.
المشكلة في الواقع الحالي أن الرهان على ما يسميه الحزب الانتصار في سوريا، له أوجه عدة، إذ إن المنتصر عادة هو الذي يجير انتصاره على الأرض وفي الواقع السياسي الداخلي، لكن الانتصار في حلب لم يمنح "حزب الله" إمكان تقرير ما يريد في الساحة السورية، بمعزل عن اصحاب القرار من النظام الى إيران الى روسيا، وبالتالي هو يقدم شباباً لبنانيين على طبق لن يجير انتصاره إذا سارت الأمور على طريق التسوية، بالإضافة الى أنه يضطر الى حشد المزيد من الشباب ومن بينهم متطوعون لا يمكن السيطرة على بعضهم عند عودتهم الى لبنان، على رغم أنه استطاع أن يكوّن جيشاً مدرباً من المقاتلين مع حصوله على اسلحة وخبرات جديدة، لكنها لن تكون ذات معنى لبنانياً في ضوء الانقسام حيال تدخله في سوريا.
يبدو أن أكثر من أربع سنوات ونصف سنة من تدخل "حزب الله" في سوريا، ليست كافية لإعادة النظر في وجوده في الأرض السورية، حيث دفع كلفة وعدداً لا يستهان به من المقاتلين والكوادر تخطى الـ1500، فيما اضطر في أوقات كثيرة الى إفراغ مناطق جنوبية ليغطي مناطق شاسعة في سوريا مع مقاتلين آخرين من جنسيات مختلفة، وهذا ظهر بأعداد القياديين الذين سقطوا خلال العامين 2015 و2016 خصوصاً في حلب. ويبدو أن لدى الحزب هاجساًفي تأمين تجهيزات ومتابعة وتأمينات لوجستية وغيرها مما تتطلبهاعملية القتال، لكن المشكلة تبقى أنه حاصر جزءاً كبيراً من الشعب السوري، وإن كان يقاتل "النصرة" و"داعش". ومهما تبدلت المعطيات، يبقى التساؤل مشروعاً عن مسوغات الحزب التي يوردها دفاعاً عن استمرار مهمته القتالية في سوريا، وما هي الوظيفة والنتائج التي يحملها للبنان؟