الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "حزب اللات" يستعرض في سوريا والنظام يردّ.. و"واشنطن بوست" تكشف صراع الحلفاء

"حزب اللات" يستعرض في سوريا والنظام يردّ.. و"واشنطن بوست" تكشف صراع الحلفاء

26.11.2016
بندر الدوشي


المحيط
الخميس 24/11/2016
 لم يكن مصادفة أن يقيم "حزب الله" استعراضاً عسكرياً في مدينة القصير السورية؛ مُظهراً صور الدبابات والمدرعات وعليها أعلام الحزب على هذه الآليات؛ برغم القتال المرير الذي تخوضه هذه المليشيات في حلب، وبرغم ما قيل عن رسائل الداخل؛ إلا أن أن هذا الاستعراض على الأرجح كان يهدف إلى تذكير نظام الأسد، أن الحزب ومليشيات إيران الشيعية مسيطرة على الأرض، ولها الكلمة الأولى في الصراع على طول التراب السوري؛ على عكس قوات النظام المشتتة والضعيفة.
الفيلق السوري الجديد
الاستعراض المليشاوي ربما كان مستفزاً لموسكو ونظام الأسد؛ حيث بعدها فقط بأيام قليلة أعلنت موسكو ونظام الأسد، الحربَ على هذه المليشيات؛ حيث ظهر رد الفعل سريعاً بإعلان النظام السوري عن تشكيله فيلقاً عسكرياً كبيراً أبرزُ مهامه عملياتُ الاقتحام!
نشر دعاية مفصلة
ودعا النظام في سوريا جميعَ المواطنين والمتطوعين إلى الانضمام لهذا الفيلق، كما منح الموظفين الراغبين في الالتحاق بهذ الفيلق حق الاحتفاظ بوظائفهم ورواتبهم الحكومية الحالية، وفتح التسجيل لكل الأعمار للمشاركة في هذا الفيلق.. كما كان لافتاً حماسة وسائل الإعلام الروسية الإعلان عن هذا الفيلق العسكري الجديد ونشر دعاية مفصلة عن هذا الفيلق كما فعلت وكالة "نوفستي" الروسية وقناة "روسيا اليوم".
ألف قتيل من الحرس الثوري
بعدها جاء رد الفعل سريعاً هذه المرة من إيران؛ فبعد أن كانت تعلن أن قتلاها بلغ عددهم 400 مقاتل، ارتفع بشكل مفاجئ ليصل إلى ألف مقاتل؛ حيث أوردت وكالة "تسنيم" الإيرانية، أمس الأول، نقلاً عن مسؤول إيراني؛ أن أكثر من ألف مقاتل أرسلتهم بلاده إلى سوريا من أجل دعم قوات نظام بشار، قد قُتلوا منذ تدخل طهران في النزاع السوري، وأفادت الوكالة نقلاً عن محمد علي شهيدي محلاتي رئيس ما يُعرف بمؤسسة الشهداء وقدامى المحاربين الإيرانية التي تقدم دعماً مالياً لأقارب مَن يسقطون خلال القتال لصالح إيران قوله: إن عدد قتلانا بسوريا تجاوز الألف.
حصيلة تطرح تساؤلاً
وبحسب الوكالة تُمثل هذه الحصيلة زيادة ملحوظة في أعداد المقاتلين القتلى، عما أُعلن عنه قبل أربعة أشهر؛ حين أكد مسؤولون إيرانيون أن 400 من مقاتليهم سقطوا في المعارك ضد الثوار بسوريا؛ ليطرح عدد القتلى تساؤول: لماذا ارتفع هذا العدد بين ليلة وضحاها؟ هل هو صراع نفوذ بدأ في حلف روسيا وهذه المرة تقوده موسكو في مواجهة طهران على الأرض في سوريا؟
 النفوذ والقلق!
هذا الاستفهام أجابت عنه صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تقرير لها، أول أمس، حول مدى التغلغل الإيراني والنفوذ الكبير لهذه القوات على الأرض والتي ستعجّل -بشكل لا لبس فيه- بتصادم محتمل بين إيران والنظام المغلوب على أمره وخلفه موسكو؛ حيث قال الخبير في المليشيات الشيعية فيليب سميث التابع لمؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأقصى في تقرير له في صحيفة "الواشنطن بوست": "تعقد المليشيات الشيعية تحالفات مثيرة للشبهات على أرض الميدان؛ وهي بذلك تعزز من النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة؛ حيث يُعَد ذلك مؤشراً مقلقاً بالنسبة للقيادات السورية".
 لا يستطيع القيام بشيء
وأضاف "سميث"، أنهم "يسعون لتشكيل تكتل قوي في هذه المنطقة، وسيظلون في المنطقة حتى بعد انتهاء الحرب ليضمنوا استمرارية هيمنتهم العسكرية والأيديولوجية في سوريا، ويساهمون في توسيع رقعة نفوذ إيران؛ لكن الأسد في الوقت الراهن لا يستطيع القيام بأي شيء حيال هذا الأمر؛ فليس بإمكانه الحد من التأثير المتنامي لهذه المجموعات على الرغم من مخاوف المسؤولين في النظام؛ لأن هؤلاء المقاتلين هم بمثابة الرادع الوحيد للمعارضة من الإطاحة بنظامه".
 التوتر بين موسكو وطهران
كل التقارير تؤكد أن موسكو ليست سعيدة بتواجد هذه المليشيات على الأرض، كما أن العلاقات الإيرانية الروسية هي علاقات مصالح فقط؛ بل إن هناك تنافساً كبيراً بين الطرفين على كل الأصعدة، وأقرب مثال على هذا الصراع هو حادثة طرد موسكو من قاعدة همدان الإيرانية بعد الاتفاق على استخدامها؛ حيث ردت وسائل الإعلام الروسية على تصرف طهران ووصفتها بأنها دولة تحلم فقط بمصالحة أمريكا والغرب!
 المصالح لم تنسق
وقتها علّقت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير لها على الحادثة بالقول: إن النهاية السريعة لاستخدام روسيا قاعدة همدان الجوية الإيرانية، واتهام وزير الدفاع الإيراني لموسكو بالإعلان عن استخدامها لغرض الدعاية؛ يكشفان عن وجود توتر في التحالف العسكري بين البلدين، ونَسَب التقرير إلى رئيس مركز استشارات المخاطر بمجموعة يوراسيا "كليف كوبشان" قوله: إن الفترة القصيرة التي عاشها استخدام موسكو القاعدة الجوية الإيرانية يؤشر أيضاً إلى أن المصالح المتداخلة لإيران وروسيا في المنطقة لم يتم تنسيقها بشكل جيد!
 موسكو لم تحتمل
الأسد -وربما بإيعاز من روسيا- حزَم أمره لمواجهة النفوذ الإيراني؛ فموسكو لم تستسغ استعراض "حزب الله" وربما شعرت بالحرج من هذا الاستعراض المليشاوي، وهي التي طالما جادلت بأن تدخلها في سوريا هو لحماية الدولة من السقوط في أيدي المتطرفين.
تعديل المنطق السقيم
كما يبدو أن موسكو ستكون في موقف ضعف في حال رَغِبَت بالتفاوض المحتمل مع واشنطن حول تسوية ما في الأزمة السورية، وعلى الأرجح ستجد صعوبة في إقناع الأمريكان بمحاربة الفصائل السنية المتطرفة واستبدالها بفصائل شيعية أشد تطرفاً، وهو منطق سقيم يحاول الروس والنظام في سوريا تعديله قبل قدوم "ترامب" إلى الرئاسة الأمريكية في شهر يناير المقبل.