الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حزب البعث الجمهوري 

حزب البعث الجمهوري 

10.01.2021
مهند الحاج علي



المدن 
السبت 9/1/2021 
كان مشهد اقتحام مبنى الكابيتول، وما رافقته من شعارات عنفية ويمينية متطرفة، مؤلماً لكل مؤمن بالتعددية وحرية التعبير في العالم. وهذا الموقف كان جليّاً في المواقف الأوروبية، وفي النقد المتواصل لمن أيّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المملكة المتحدة، وتحديداً في أوساط حزب المحافظين وأنصار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. كتب أحد المسؤولين الشباب في الحزب البريطاني الحاكم أن العار لن يُفارق مؤيدي ترامب والهاتفين له بعد هذا اليوم. 
هذه الصورة أكثر قتامة في الولايات المتحدة. ذلك أن الرئيس الأميركي الحالي حفر وصمة عار على "الحزب الجمهوري" من الصعب محوها، إذ حرّض أنصاره على غزو مبنى الكابيتول، مقر الكونغرس وأحد أبرز رموز الديموقراطية الأميركية. سيُسجّل التاريخ أن رئيساً جمهورياً وراء الاعتداء الثاني في تاريخ هذا المبنى، بعدما حرقه البريطانيون إثر غزوهم واشنطن مطلع القرن التاسع عشر. 
كان واضحاً اعلان الرئيس الأميركي قبل يومين أمام أنصاره أن هناك نوعين من الجمهوريين، أقوياء يقفون الى جانبه في رفض الانتخابات ونتيجتها، وضعفاء يحتاجون الى التأديب. تجلّت مهمة الحشد الغاضب، في تأديب ضعفاء الجمهوريين ممن تقاعسوا عن دعم الرئيس ومزاعمه بخصوص بطلان الانتخابات الرئاسية وفوزه فيها "بغالبية ساحقة". 
كلمتا "لم يسبق" عرّفتا كل التغطية الإعلامية، التلفزيونية منها والمكتوبة، في وصف الاعتداء على الكونغرس. هذا رئيس لم يقبل بخسارته في الانتخابات، بل سعى الى قلب الطاولة من خلال رفض عملية الاقتراع. بيتر وينر كتب في مجلة "ذي أتلانتك" أن المسؤولية تقع في المقام الأول على ترامب نفسه، لكنها لا تقف هنا فحسب. بل إن الجريمة "من مسؤولية عدد مهول من مساعدين وأنصاره، في الاعلام اليميني والداعمين الانجيلين للرئيس، ومنهم ما يُسمى بالمثقفين وبالمؤرخين. وتقع المسؤولية أيضاً على جمهوريين في الكونغرس وخارجه وكل من وقف مع ترامب في كل لحظات رئاسته الفاسدة والمُفسدة". وهي أيضاً "مسؤولية حلفاء ترامب الذي هاجموا كل من حذر من ضرره وخبثه ومن تدميره المؤسسات بما يُمثل خطراً على الأمة، ومن تحريضه المتواصل وعنصريته الخفية ومن تلذذه في تقسيم الاميركيين والتركيز على مظالمهم ضد بعضهم البعض". كان الرئيس الأميركي، وفقاً لهذه السردية، يحمل سمات خطيرة أخذت البلاد الى أماكن مظلمة جداً. وبقي حزبه يُصفق له ويُؤيده دون اعتبار لنزعاته غير الديموقراطية ورفضه خسارة الانتخابات دون أدلة. صفّق أغلب الجمهوريين له وهو يأخذ البلد الى الهاوية، وكأنهم فرق أو شعب في حزب "البعث العربي الاشتراكي" بنسختيه السورية والعراقية. 
في نهاية المطاف، ما حصل هذا الأسبوع من اعتداء على الكونغرس هو أكبر في تاريخ الحزب الجمهوري، من فضيحة "ووترغايت" التي أودت بالرئيس السابق نيكسون، وربما أعمق أثراً من الكساد الاقتصادي العظيم في ثلاثينات القرن الماضي. 
الرئيس الأميركي جاء على ظهر موجة من المصفقين في الكونغرس والحزب الجمهوري ممن بقوا على تأييدهم لترامب حتى اللحظة الأخيرة وبعدها أيضاً. ليس سهلاً على هؤلاء تبرير مشاهد عصابات اليمين المتطرف وشعارات النازية في مقر الديموقراطية الأميركية، ولن يفوت على الكثيرين مفارقة أن أكثر الرؤساء تأييداً إسرائيل أدخل النازيين الجدد الى مبنى الكابيتول. 
الأرجح أن أحداث هذا الأسبوع ستكون أعمق أثراً في صوغ السياسات الأميركية، باتجاه مواجهة أكثر شراسة مع الشعبوية ورموزها.