الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حرب بديلة؟!

حرب بديلة؟!

27.07.2015
علي نون



المستقبل
الاحد 26/7/2015
أنهى "إتفاق فيينا" مشروع القنبلة النووية الإيرانية، وأنهى معه أي مشروع إسرائيلي لعسكرة المواجهة مع طهران.. بل إنّ الاتفاق في ذاته، وُضِعَ، لأنّ واشنطن، (في عهد جورج دبليو بوش كما في عهد مستر أوباما)، وَضَعت الحلول العسكرية على الرفّ، وفرضت على إسرائيل الأمر ذاته.
ويدفع الاستطراد المولود من مناخات هذا الاتفاق، إلى تعزيز فرضية ابتعاد الطرفَين المعنيَّين به، عن الدخول في مواجهة ميدانية مباشِرة.. وذلك في كل حال، لم يحصل في ذروة الاشتباك الأمني (الإرهابي) والسياسي والإعلامي والعقابي بينهما، ومن المنطقي بالتالي، افتراض ابتعاده أكثر فأكثر، بعد الاتفاق، حتى مع الأخذ تماماً بكل الضجيج المتبادَل عن استمرار الخلافات في شأن القضايا الاقليمية المتفجِّرة...
ومصطلح "القضايا الاقليمية المتفجِّرة" المطّاط هذا، ليس في الواقع، سوى التكثيف التحريفي الإعلامي البارد لسلّة الأزمات والحروب والفتن التي رعتها وترعاها طهران في سبيل طموحاتها الامبراطورية، والتي تصاعدت "للمفارقة" بعد إتمام التأكّد من انتهاء أحلام إسرائيل التوسّعية والبدء في الرحلة الطويلة لترسيم حدودها، من داخلها وليس من خارجها، أو على حساب هذا الخارج.
غير أنّ حديث الخلافات المستمرّة حول حرائق المنطقة، من اليمن إلى سوريا، يعني شيئاً بالنسبة إلى واشنطن، وشيئاً آخر بالنسبة إلى إسرائيل: إذا كانت الأولى تعوّل على الاستثمار في المناخات الإيجابية التي أنتجها اتفاق فيينا وتوسيع دائرتها باتجاهات داخلية إيرانية متّصلة بتركيبة السلطة، وخارجية باتجاه العنوان الجذّاب الخاص بـ"محاربة الإرهاب"، فإنّ الثانية، أي إسرائيل، تفترضه حمّال فرص لها لـ"تعويضها" عن خسارتها الخيار العسكري في مواجهة المشروع النووي.. وهذا "التعويض" يضع خطّاً أحمر إزاء إيران، لكنه يتحوَّل إلى الاخضر إزاء ما تعتبره "مخاطر استراتيجية" تهدّد "أمنها" وتحديداً من جهة "حزب الله" وترسانته الصاروخية.
وبهذا المعنى، قد تجد حكومة المجانين في إسرائيل التوجُّه إلى ما تعتبره ضرباً لأذرع إيران في لبنان "تعويضاً" مناسباً لها عن منعها من التعرُّض لإيران نفسها! ومقوّمات ذلك التوجّه متراكمة على مدى السنوات التي تلت حرب العام 2006، والتي لم تكف العسكريتاريا الإسرائيلية خلالها لحظة واحدة عن النفخ في "المخاطر" التي تتهدّدها من حدودها الشمالية مع لبنان.
ما ساعدها على ذلك، في كل حال، هو أنّ "حزب الله" نفسه ساهم ويساهم في مراكمة تلك المقوّمات، من خلال تعرية وتحطيم شعاراته، وتشويه سمعته في سوريا أساساً، وفي العراق واليمن والبحرين فرعاً.. عدا استمراره في اعتماد أداء استفزازي انقسامي مُنفّر على الصعيد الداخلي اللبناني.
في مقابل هذا الافتراض المركّب، هناك افتراض آخر، بسيط ومنطقي: لماذا تتورَّط إسرائيل في حرب خطيرة ومُكلفة مع "حزب الله" تحت حجّة الحدّ من أخطاره عليها، طالما أنّه يتكفّل بنفسه في حرق نفسه، وصورته و"مقاومته" في سوريا وفي الوجدان العربي والإسلامي العام؟.. وطالما أنّ سياسات إيران، في ديار العرب والمسلمين، قدّمت ولا تزال تقدّم، "خدمات" ما كانت تحلم بها إسرائيل وغيرها؟!