الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "حرب الصفقات" بالمنطقة

"حرب الصفقات" بالمنطقة

05.05.2019
أسامة عجاج


العرب القطرية
السبت 4/5/2019
وأظن أيضاً -وليس كل الظن إثماً- أن أصوات تلك الطبول تصمّ آذان من ينظر للمشهد السياسي الدولي والإقليمي بقليل من التأني والعمق.
هناك بعض المؤشرات التي تؤكد استعداد الإدارة الأميركية لشنّ الحرب علي إيران، من بينها:
أولاً: إعلان واشنطن عدم تجديد استثناءات منحتها لثماني دول من كبار المشترين للنفط الإيراني.
ثانياً: تهديد قائد البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني علي رضا تنكسيري، بغلق مضيق هرمز -وهو ممر ملاحي استراتيجي لنقل النفط في الخليج- إذا تم منع طهران من استخدامه.
ثالثاً: رغم أن التهديدات الإيرانية بغلق مضيق هرمز ليست الأولى من نوعها، ورغم وجود قناعة لدى كثير من المتعاملين في الأسواق الدولية بصعوبة تنفيذ تلك التهديدات، فإن تصاعد نبرتها هذه المرة بثّ قدراً من القلق والخوف من خلق أزمة في إمدادات النفط العالمية، في حال اتخذت إيران أية خطوة تصعيدية لحماية صادراتها النفطية.
رابعاً: إعلان الإدارة الأميركية عن اعتزامها طرح ما يعرف بـ "صفقة القرن" على الأطراف المعنية بها في المنطقة بعد شهر رمضان المعظم.
خامساً: إعلان الإدارة الأميركية الثلاثاء الماضي أنها بصدد دراسة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، إن "الرئيس تشاور مع فريقه للأمن القومي وزعماء بالمنطقة يشاركونه القلق، وهذا التصنيف يأخذ طريقه عبر الإجراءات الداخلية".
ولم تذكر المتحدثة اسم أي من "زعماء بعض الدول العربية" الذين ينسق معهم ترمب بهذا الشأن، مما يستدعي التذكير بأن دولاً حليفة لواشنطن مثل مصر والسعودية والإمارات قد صنّفت الجماعة منظمة إرهابية، بعدما أطاح الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب.
ولم توضح تصريحات البيت الأبيض تعريفاً للجماعة، وهل المقصود بها تنظيم الجماعة في مصر وحدها؟ أم يتخطاه للتنظيم الدولي؟ وهل سيقتصر التصنيف على أشخاص أو مؤسسات تابعة للجماعة؟ أم سيكون تعريفاً فضفاضاً يمكن استخدامه واستغلاله طبقاً لمستجدات الأمور؟
المهم أن إعلان البيت الأبيض جاء بعد ثلاثة أسابيع من زيارة السيسي لواشنطن ولقائه ترمب في البيت الأبيض، حيث تجاهل الثاني الانتقادات الموجهة لضيفه، خصوصاً المتعلقة بسجل حقوق الإنسان رغم الدعوات العديدة الصادرة عن مشرّعين في "الكونجرس"، وبدلاً من ذلك وصف ترمب السيسي بـ "الرئيس العظيم"، وتحدث خلال اللقاء عن "تقدم كبير أحرزته مصر في مجال مكافحة الإرهاب".
ورداً على سؤال عن سعي السيسي لتعديل الدستور لتمكينه من البقاء في الحكم بصلاحيات شبه مطلقة، قال ترمب: "أعتقد أنه يؤدي مهمة عظيمة، لا أعرف شيئاً عن هذه الجهود، يمكنني أن أبلغكم أنه يؤدي مهمة عظيمة، رئيس عظيم".
إذن تحالف القوى المضادة لثورات الربيع العربي بزعامة ترمب يستعد لإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة من خلال شنّ حرب إقليمية كبرى ربما مع إيران، تنتهي بتسوية إقليمية على غرار مشروع مارشال في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
أظن أن تلك التسوية سوف تتضمن تصفية القضية الفلسطينية نهائياً، وتنصيب نظم عميلة للغرب تحافظ على مصالحه في بلادها لعقود طويلة مقبلة، وتعمل تلك النظم "الوظيفية" على قمع رغبات الشعوب في التحرر والانعتاق من التبعية، وتحقيق الاستقلال الوطني والتنمية الاقتصادية.
وأخيراً، أظن أن تلك الخطة قد تنجح مؤقتاً، لكنها لن تستمر طويلاً لأنها تصطدم بإرادة شعوب المنطقة ورغباتها وآمالها المشروعة.
والأيام المقبلة ربما تكشف كثيراً من المفاجآت المذهلة.