الرئيسة \  واحة اللقاء  \  جون بولتون.. كبير الصقور هوى مع ملفات نارية 

جون بولتون.. كبير الصقور هوى مع ملفات نارية 

15.09.2019
فاتح حبابة



نداء سوريا
السبت 14/9/2019
عشية الحادي عشر من سبتمبر عام ألفين وتسعة عشر، جاء الخبر على شكل مفاجأة، والتي لم تبق (المفاجآت الترامبية) مهما بلغت محط غرابة لدى المتتبعين لسلوك رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، فالكثير منها حصل منذ توليه إدارة البلاد.
أما الجديد في الخبر هو ما جاء فيه من طلبِ الرئيس الأمريكي تقديم استقالة مستشار الأمن القومي "جون بولتون" من منصبه، وذلك لخلافات في ملفات متعددة يراها بولتون شيئاً ويعارضه غالباً ترامب بشيء آخر، أو في أوقات أخرى كان ربما يلعب على الوتر حتى تنتهي المعزوفة، التي تلحنها الإدارة الأمريكية.
جاءت استقالته بشكل مفاجئ رغم الخلافات التي طفت على السطح بينه وبين ترامب في الأشهر الماضية، وفي توقيت حرج يكشف أن الإدارة الأمريكية لا تريد ما يريده بولتون من حرب مع إيران، إنما اللغة الدبلوماسية هي مسار العلاقات، محدَدَةً باللهجة التي خفتت من قِبل الولايات المتحدة ضد طهران، وهذا ما دفع وزير الخزانة الأمريكية بالقول إنه لا تغيير في السياسة الخارجية امتصاصاً لأثر الخبر، وهذا ما جعل المقابل يصرح بأن الضغط على إيران، يجب أن يذهب مع رئيس دعاة الحرب في إشارة من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى "بولتون" ضمن كلامه، وستظهر تداعيات الخبر في اللقاء المرتقب إن تم بين ترامب وروحاني في قادم الأيام.
جون بولتون، والذي يعتبر خادماً للعديد من الإدارات الأمريكية، وهو كبير الصقور البارزين في السياسة الخارجية، والذي كان من ضمن صقور إدارة جورج بوش الابن، ارتبط اسمه باجتياح العراق، وغير ذلك .. إضافة إلى أنه شغل منصب مستشار ترامب الثالث للأمن القومي، وهو كذلك أحد أبرز صقور البيت الأبيض الداعين إلى الحرب مع إيران، إذ كان يطالب بعمل عسكري لتدمير برنامجها النووي، بالإضافة إلى خلافات معه بشأن روسيا وأفغانستان.
بولتون، استقال عشية الذكرى الثامنة عشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، ذاك التاريخ الشهير بحادثة البرجين والطائرة، وفي يوم الاستقالة فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على حركات وتنظيمات من بينها القاعدة والدولة، والحرس الثوري وحماس، في إشارات متناثرة على ما يبدو من أن الإدارة مستمرة في مسارها.
وإذا كانت التغريدة التي أطلقها ترامب ليقول لبولتون "ارحل"، فستكون هناك تغريدة أخرى يقول فيها لغيره "أهلاً"، وهذا سيظهر في الشخصية التي ستخلف هذا الصقر، إن جاءت حمامة وديعة فستكون مؤشراً على تغيير في السياسة الأمريكية تجاه المشروع التوسعي الإيراني، أما إذا كان صقراً ضد إيران فسيكون مؤشراً على أن خلاف ترامب مع بولتون في ملفات غيرها صرّح عنها ترامب في العديد من الأوقات، أو خلافات شخصية.
أما بالنسبة للميليشيات الإيرانية في سوريا، فإن المراقب في المزاج الدولي العام هو السير قدماً نحو التهدئة، وخاصة بعد قرب حسم ملف إدلب، وادّعاء روسيا "انتهاء الحرب" على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، وما سبقه من تصريح أمريكي على لسان الممثل الأمريكي الخاص بسوريا جيمس جيفري بأن الحل في سوريا لن يكون عسكرياً.
وبناءً عليه مع معطيات أخرى فإن مظاهر التسلح بكافة أشكاله على وشك الانتهاء، وخاصة مع التشديد على موضوع قرب حل اللجنة الدستورية المرتقبة منذ سنوات، وعليه فإن الميليشيات الإيرانية ستتحول كالمادة من شكل عسكري إلى آخر مدني دون زيادة أو نقصان بتغيير الملابس فقط كما فعلت في العديد من المرات السابقة وربما تعلن إيران عن سحب ما تسميهم "المستشارين العسكريين" إعلامياً بحجة انتهاء حاجة الأسد لهم.
وبالتالي لن يكون هناك وجود ظاهري لهم في قادم الأيام، ولا حاجة للسؤال عن وجهة الولايات المتحدة خاصة أن إسرائيل تقوم بقصف أهم المعاقل العسكرية لإيران في سوريا.
وكما هو معلوم أن الإدارة الأمريكية كثيراً ما فرضت عقوبات على أذرع إيران في سوريا، وكان التخوف الإسرائيلي من تمدد إيران بعد الانسحاب الأمريكي والاعتماد على قصف المواقع الإيرانية في سوريا، بضوء أخضر دون مساءلة مع اتفاق.
في التاسع عشر من شهر كانون الأول، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدء انسحاب القوات الأمريكية من سوريا وعودتها إلى الولايات المتحدة، دون تحديد موعد زمني، بحجة هزيمة تنظيم الدولة في سوريا.
وفي ذلك الوقت عُرف عن بولتون بأنه يعارض الانسحاب الأمريكي من سوريا، حيث برز ذلك من خلال لقاء القدس مطلع العام الجاري حينما أوضح أن الانسحاب الأمريكي من شمال شرق سوريا يجب أن يتم مع "ضمان" الدفاع عن حلفاء واشنطن في المنطقة
بولتون في لقاء القدس خص بالذكر أن الدفاع عن حلفاء الولايات المتحدة "إسرائيل والأكراد"، معتبراً أن بعض القوات الأمريكية قد تبقى في الجنوب بقاعدة التنف في إطار الجهود لمواجهة الوجود الإيراني، والشمال الشرقي من سوريا، وهذا ما حصل، ليبقى الملف مفتوحاً دون أن يغلق ويبقى التساؤل هل من تغيير بعد رحيل بولتون؟ هذا ما ستكشفه الشخصية القادمة.