الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تمديد الاتفاق التركي الروسي في إدلب

تمديد الاتفاق التركي الروسي في إدلب

06.09.2020
محمد شيخ يوسف


 
سوريا تي في 
السبت 5/9/2020 
 توجهت أنظار السوريين كما جرت العادة في كل اجتماع رفيع تركي روسي قبل أيام إلى موسكو، لمعرفة نتائج وانعكاسات اللقاءات الجارية بين الوفد التركي الرفيع ونظيره الروسي، وخاصة على صعيد التطورات في منطقة خفض التصعيد بإدلب، في ظل محاولات مستمرة من النظام وحلفائه لخرق الاتفاق الموقع في الخامس من آذار الماضي، وما رافق ذلك من مخاوف تكرار سيناريو تجاوز حدود سوتشي قبل أشهر، وتحقيق مزيد من التقدم الميداني من قبل قوات النظام وحلفائه، فحمل الوفد التركي في جعبته ملفات عديدة لنقاشها، كان ملف إدلب من أهم تلك الملفات، ومعه كان من المهم أن يعرف السوريون مصير الاتفاقات السابقة ومستقبل الاتفاقات الجديدة، خاصة أن روسيا أوقفت الدوريات من طرف واحد، وأعادتها مجددا، وعزز استهداف الدوريات المشتركة من قبل التنظيمات الراديكالية، من موقف موسكو الساعي إلى إثبات فشل الجانب التركي في توفير الأمن لمسار الدوريات، لتبرير أي خروقات مستقبلية وصولا لمزيد من التقدم الميداني، وخاصة في منطقة جنوب الطريق الدولي حلب اللاذقية إم4 من جهة جبهة جبل الزاوية. 
الجانب التركي وجه في هذا اللقاء وفق مصادر مطلعة أن أنقرة وجهت رسائل تحذير شديدة اللهجة، بأنها ستمنع بالقوة أي تقدم في المنطقة من قبل قوات النظام، خاصة أنها توزعت بشكل كبير وجديد في جنوب إدلب في تموضوعات كلها تقود إلى نقاط تركية في حال حاولت قوات النظام والميليشيات المذهبية الإيرانية التقدم، وسيكون هناك رد كبير وحازم واستهداف من قبل القوات التركية على أي خروقات، وهو ما يظهر اختلاف الوضع حاليا عن السابق، خاصة أن نقاط المراقبة التي كانت موجودة على حدود سوتشي كانت قوى صغيرة، بعكس القوات الموجودة حاليا وهي قوات هجومية مسلحة بمعدات وأسلحة نوعية، إضافة لتسليح وتقوية الجيش الوطني ودعمه بشكل كبير، فكانت الرسائل حازمة بالمصير المنتظر في حال تقدمت قوات النظام في هذه المناطق، كما أن التوزعات الميدانية تظهر بوضوح الواقع الميداني الجديد على الأرض. 
النقطة الأخرى المتعلقة بإدلب، كانت في الحفاظ على الاتفاق الموقع بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في الخامس من آذار الماضي، وجرى الاتفاق على أن الاتفاق الموقع بين الرئيسين هو اتفاق مفتوح ولا نهاية له على الأقل في الفترة الحالية، ويعود ذلك لعدة أسباب، منها استمرار مخاطر مواجهة فيروس كورونا، ومنها الهدوء على الجبهات في ليبيا، وأيضا الرضا المتبادل بين روسيا وتركيا عن اجتماعات اللجنة الدستورية، في ظل رضا أميركي أيضا على الاجتماعات الجارية، ولذلك فإن الاتفاق بين أردوغان وبوتين اعتبر أنه لا يزال ساريا ومفتوحا دون تقييده بمدة زمنية، وهو ما يمنح مزيدا من الهدوء والاستقرار في المنطقة، خاصة أن تركيا أيضا حصلت على دعم سياسي أميركي كبير فيما يتعلق بإدلب. 
مصير الدوريات المشتركة كان أيضا في سياق الاتفاقات الجارية بين الطرفين، خاصة أن روسيا علقت الدوريات بعد نجاحها، وعادت لها بعد أن ضعف موقفها، ليتم استهداف الدوريات من قبل تنظيمات ظهرت للمرة الأولى، ذهبت معظم التحليلات على أنها تنظيمات مدفوعة من قبل النظام لتخريب عمل الدوريات بموافقة ضمنية من روسيا، ولكن الإصرار التركي على نجاح الدوريات، والتدريبات المشتركة التي جرت في الأيام الأخيرة، قادت للتوافق على استمرار عمل الدوريات في الفترة المقبلة، مع استمرار التوافق على أن مواصلة العمل بالاتفاق الجاري في الخامس من آذار، وهذا يقود إلى أن الأيام القادمة ستشهد عودة الدوريات مجددا ومحاولة تأمينها مع استهداف أي جهات تحاول القيام بعمليات مسلحة ضد الدوريات المشتركة. 
تأثيرات اجتماعات اللجنة الدستورية على الاجتماعات كان واضحا، خاصة في ظل تشجيع متبادل بين أنقرة وموسكو للمعارضة بترويض تصرفات النظام المخربة، بالقبول بالطروحات في الاجتماعات، ومنها قضية الهوية الوطنية التي كان يريد البدء بها ضمن المبادئ الدستورية، ورغم عدم ارتباط موضوع الهوية بالمبادئ الدستورية، فإن تطرق المعارضة لها في الاجتماعات أجبرت النظام على توافقات كان يهرب منها، وهو ما أرضى موسكو وأنقرة بأن الجولة لم تكن فاشلة، ويجري العمل على مواصلة تحديد أجندة وموعد الجولة الجديدة، وزيارة المبعوث الأممي غير بيدرسون عقب انتهاء الجولة بأيام إلى موسكو، تظهر الاهتمام الروسي، فكان لعمل اللجنة الدستورية انعكاسات على استمرار التوافقات الجارية بين تركيا وروسيا. 
كل ما سبق يؤكد أن موضوع تشكيل المنطقة الآمنة في إدلب مؤجلة حاليا، خاصة أن الجانب الروسي يطلب من الجانب التركي تنفيذ بند القضاء على التنظيمات الراديكالية قبيل الاتفاق النهائي الشامل لوقف إطلاق النار في المنطقة، ولكن الانتشار الموجود ميدانيا واتخاذ الجانب الروسي للتحذيرات التركية بمحمل الجد، يضع فعليا حدودا للمنطقة المتبقية من إدلب وأجزاء من أرياف اللاذقية وحلب، وهو ما يضعنا أمام فترة من الهدوء على المدى المتوسط قبيل أي تصعيد في الملفات العالقة، سواء من ناحية كورونا، أو العملية السياسية الدستورية، أو التطورات في ليبيا. 
وفي واحد من أهم الملفات التي حملها الجانب التركي لنظيره الروسي في الاجتماع الأخير، كان الاتفاق الموقع بين ما يعرف بـ"مجلس سورية الديمقراطية"، "مسد"، الواجهة السياسية لـ"قوات سورية الديمقراطية"، "قسد"، وتصنف تركيا هذين المجلسين كتنظيمات إرهابية، مع حزب الإرادة الشعبية الذي يتزعمه قدري جميل المقرب من موسكو، وعضو منصة موسكو المنضوية في هيئة التفاوض السورية المعارضة، وكانت الرسالة التركية واضحة بالانزعاج من هذا الاتفاق الذي قاد لزيارة الوفد الرفيع واستنفر تركيا بوجود محرمات لديها، لترد موسكو بان هذه جهود لتوحيد المعارضة وأنها ستعمل دائما على استبعاد العناصر المصنفة إرهابية، دون تحديد من هي هذه العناصر الإرهابية، حيث تتعامل روسيا وأميركا مع هذه المجالس والقوات على أنها حلفاء دون تصنيفها إرهابية، وربما ستكون هذه العلاقات مستقبلا مسارا جديدا للتفاوض بين أنقرة وموسكو وواشطن.