الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تكرار نفس الخطأ مع إيران

تكرار نفس الخطأ مع إيران

01.02.2017
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 31/1/2017
لا توجد أي مشكلة كبرى في الشرق الأوسط، لا تعتبر إيران جزءاً منها، لم يحصل ذلك صدفةً بطبيعة الحال، فالنظام الإيراني هو أكبر مشعل للحرائق في المنطقة، هناك من يؤمن بأنّه إذا كانت إيران سبباً رئيسياً في افتعال هذه المشاكل، فلا يوجد مفر حينها من إشراكها في العملية الرامية لإيجاد حل لها.
أصحاب مثل هذا الرأي أو مثل هذه السياسية بالأحرى يعتقدون أنّه ما لم يتم إشراك إيران في عملية البحث عن حلول للمشاكل التي تفتعلها هي بالدرجة الأولى، فإنها ستبقى تمتلك الأوراق والأدوات التي تعطيها القدرة على التخريب، ولهذا السبب بالتحديد لا يمكن استبعاد إيران من أي عملية من هذا النوع لأنّها فرضت نفسها فيها.
هذا النوع من المجادلة قد يبدو صحيحاً للوهلة الأولى، لكنّه يتضمّن ثغرات بحجم إيران نفسها، وفيه من التناقضات ما هو كفيل بنسفه من الأساس، لا بد لنا من أن نعترف بداية بأنّ إيران تمتلك سجلاً حافلاً من التخريب والتدمير والتقسيم في المنطقة، لكنّها تفتقر تماماً إلى أي سجِلّ يشير إلى عكس ذلك. بمعنى آخر، إيران دولة لا تجد لها دوراً إلا من خلال التخريب، وهي أكثر قدرة على تحقق أهدافها القومية من خلال بيئة فوضويّة، ولذلك فان الافتراض القائل بأنّ منحها دوراً في إيجاد حل للمشاكل التي تسببت بها قائم على أوهام وأماني وليس على حقائق ووقائع.
إذا كانت إيران قادرة في جميع الأحوال على التخريب، فمن يستطيع أن يضمن أنّها لن تكون قادرة على التخريب حتى بعد إشراكها؟ هناك من يقول بأنّ إشراكها يعني أنّه سيكون لديها مصلحة في عدم التخريب، لكنّ الحقيقية هي أنّ إشراك إيران سيزيد من قوتها ونفوذها في الملف المعنيّ بشكل يقوّض بشكل تامّ مِن قدرة الآخرين على الدفع باتجاه إيجاد حل، وبالتالي فإن النتيجة تكون تكريس الحالة الفوضوية كأمر واقع وتحول الملف إلى ورقة في يد إيران، وهذا يعني عكس النتيجة الأساسية التي سعى الأطراف إلى تحقيقها في الدرجة الأولى عندما اقترحوا إشراك إيران في الأساس.
من الناحية العملية، تمّ اختبار هذا المنطق مراراً وتكراراً من خلال إشراك إيران في إيجاد حلول للمشاكل التي عصفت وتعصف بلبنان، والعراق، واليمن وغيرها من بلدان المنطقة، ماذا كانت النتيجة؟ كما يعلم الجميع تحوّلت المشكلة إلى كارثة في هذه البلدان، ناهيك عن سقوطها بشكل كامل بيد النظام الإيراني الذي لا يزال يستخدمها كساحة وكورقة للحصول على المزيد من الغرب. النظام الإيراني لا يستطيع فعل أي شيء آخر، فهذا جزء من تكوينه الأساسي.
من يكنْ جزءاً أساسياً من المشكلة لا يمكنه أبداَ أن يكون جزءاً من الحل، فضلاً عن أنّ إشراكه يعني مكافأته على السلوك السيّئ الذي يقوم به، وتشجيعه على تكرار ما فعله دوماً. الجانب الإيراني لا ينظر إلى إشراكه في هذه المسائل من زاوية البحث عن حلول، فهو يرى في إشراكه انتصاراً سياسياً ودبلوماسيّا ولذلك فهو يعتبر أنّ ما يفعله يعدّ بمثابة أداة فعّالة لتحقيق أهدافه القومية، ولذلك فهو ليس معنياً بما هو أبعد من ذلك.;