الرئيسة \  تقارير  \  تقرير: بكين سبقت واشنطن في الصراع على مصدر مهم للطاقة النظيفة

تقرير: بكين سبقت واشنطن في الصراع على مصدر مهم للطاقة النظيفة

24.11.2021
الشرق


الشرق
الاثنين 23/11/2021
أخفقت الولايات المتحدة في حماية استثمارات يعود تاريخها لعشرات السنين بالكونغو، حيث تسيطر شركات صينية على أكبر مصدر للكوبالت في العالم، بدعم من حكومة بكين، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".
وأفادت الصحيفة الأميركية في تقرير، الأحد، بأن سعي الصين للحصول على ثروة الكونغو من النفط يشكل جزءاً من مخطط منظم، منح بكين أسبقية هائلة على الولايات المتحدة في سباق السيطرة على كهربة صناعة السيارات، التي طالما شكلت محركاً رئيسياً للاقتصاد العالمي.
وأضافت الصحيفة أن تحقيقاً أجرته كشف عن التاريخ المخفي لعمليات الاستحواذ على الكوبالت، التي سلمت فيها الولايات المتحدة الموارد إلى الصين، وفشلت في حماية استثمارات دبلوماسية ومالية يمتد تاريخها لعقود في الكونغو.
واعتبرت الصحيفة أن بيع منجمي كوبالت، مليئين بالنحاس أيضاً، يسلط الضوء على التحول الجغرافي والسياسي في ثورة الطاقة النظيفة، إذ أصبحت الدول الغنية بالكوبالت، والليثيوم، وغيرها من المواد الخام اللازمة لصناعة البطاريات، تلعب دور الدول الغنية بالنفط بشكل مفاجئ.
وأشارت الصحيفة إلى أن خسارة مناجم الكوبالت حدثت على مرأى ومسمع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي كان منهمكاً في حرب أفغانستان ومحاربة تنظيم داعش، والرئيس السابق دونالد ترمب، المُشكك في تغير المناخ والمتمسك بمنظومة الوقود الأحفوري والقوى الانتخابية التي تقف وراءها.
خسائر متتالية
ولفتت الصحيفة إلى أن خسارة مناجم الكوبالت تعود جذورها بشكل أعم إلى نهاية الحرب الباردة، وفقاً لوثائق سرية ومقابلات مع مسؤولين بارزين في إدارات الرؤساء السابقين بيل كلينتون، وجورج دبليو بوش، وأوباما، وترمب، والرئيس الحالي جو بايدن.
وعلى مدى عقود، كانت الولايات المتحدة تشعر بالقلق من سيطرة الاتحاد السوفيتي على ثروات الكونغو من النحاس والكوبالت واليورانيوم، وغيرها من المواد المستخدمة في التصنيع الدفاعي.
وكان تأمين المصالح الأميركية في الكونغو مسألة تحظى باهتمام رئاسي، وتضمنت تدخلات واسعة النطاق من قبل وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، حسب الصحيفة.
ومع سقوط الاتحاد السوفيتي، صرفت الإدارات الديمقراطية والجمهورية اهتمامها بعيداً عن احتواء الشيوعية، وخفضت المعونات المالية السخية التي ساعدت الشركات الأميركية على القيام بالأعمال في الكونغو، وفق ما كشفته الوثائق والمقابلات.
وفي إفريقيا، على وجه الخصوص، ركزت الولايات المتحدة على قضايا حقوق الإنسان والإدارة السليمة. وعلى الصعيد العالمي، أصبحت الحرب على الإرهاب شغلها الشاغل بعد عام 2001.
سيطرة الصين
وفي عام 2016، أبرمت شركة التعدين الأميركية "فريبورت ماكموران" صفقة لبيع أحد أكبر مناجم الكوبالت في العالم، الموجود في الكونغو، والذي يشكل أهمية بالغة حالياً في سيطرة الصين على إمدادات الكوبالت العالمية.
ونقلت الصحيفة عن توم بيرييلو وهو دبلوماسي أميركي بارز سابق في إفريقيا، قوله إنه علم في عام 2016 بخطة بيع منجم "تينكي فونجوروم"، بعد وقت قصير من القيام بجولة في المنجم.
وأضاف بيرييلو أن سمعة مالك المنجم كانت سيئة في دول أخرى، ولكنه كان مقتنعاً بأن الملكية الأميركية كانت جيدة ليس فقط للولايات المتحدة، بل لشعب الكونغو أيضاً.
وحصلت شركة "فريبورت ماكموران" على تقييمات جيدة بسبب توظيف آلاف الكونغوليين، وبناء المدارس وعيادات الرعاية الصحية، وتوفير المياه الصالحة للشرب.
وأشار بيرييلو إلى سؤاله ليندا توماس جرينفيلد، مساعدة وزير الخارجية لشؤون إفريقيا في هذا الوقت والسفيرة الأميركية الحالية في الأمم المتحدة، عن كيفية إبقاء المنجم تحت السيطرة الأميركية، إذ قال لها: "ما الذي يمكننا فعله؟"، كما أثار القضية في مجلس الأمن القومي أيضاً.
في المقابل، قالت متحدثة باسم توماس جرينفيلد، للصحيفة، إنها تتذكر بيع المنجم، ولكنها لا تذكر محادثة السفيرة الأميركية مع بيرييلو. وقال العديد من مسؤولي مجلس الأمن القومي أيضاً إنهم لا يتذكرون هذه المحادثة.
بينما قالت كاثلين كويرك، رئيسة شركة "فريبورت ماكموران"، للصحيفة إن مقدمي العطاءات الجادة كانوا شركات صينية فقط، لافتة إلى أن هذه الشركات كانت "قادرة على التحرك أسرع من أي شخص آخر. ولذلك أبرمنا الصفقة".
رهان "كارثي"
"نيويورك تايمز" ذكرت أن "فريبورت ماكموران" كانت مصممة على البيع، وأن الشركة راهنت رهاناً "سيئاً بشكل كارثي" على صناعة النفط والغاز قبل هبوط أسعار النفط، وشروع العالم في التحول للطاقة المتجددة.
غير أنه مع تراكم الديون، لم تجد الشركة خياراً سوى إنهاء عملياتها في الكونغو. والأزمة كانت تمثل "نوع الفرص التي تتفوق الحكومة الصينية في استغلالها"، بحسب الصحيفة.
في غضون ذلك، بدأت الحكومة الأميركية والقطاع الخاص في الولايات المتحدة التحرّك السريع خلال العام الماضي للتعافي من الأخطاء السابقة، كما أنها تجوب العالم بحثاً عن إمدادات جديدة من الكوبالت، وتروّج للبطاريات الخالية منه في بعض السيارات الكهربائية قصيرة المدى، حسب الصحيفة.
ورغم ذلك، لا تزال كل هذه الجهود أقل بكثير من التي تبذلها الصين للاستحواذ على الموارد اللازمة لتحقيق المستقبل الأخضر، مثل الكوبالت، والليثيوم، وغيرهما.
وقال دبلوماسيون في الإدارتين السابقتين، إن الولايات المتحدة تتحمل تكلفة عدم وجود سياسة صناعية رسمية خاصة بالمعادن والفلزات.
وفي هذ الإطار، قال تيبور ناجي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية بإدارة ترمب، للصحيفة: "الولايات المتحدة ليست منظمة مثل الصين للتعامل مع ذلك بطريقة منهجية"، مؤكداً أن ذلك يمثل مصدراً دائماً للإحباط لمن يدركون إمكانات إفريقيا.