الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تغيير المشهد من سوريا إلى ليبيا

تغيير المشهد من سوريا إلى ليبيا

29.01.2017
د. محمد مصطفى علوش


الشرق القطرية
السبت 28/1/2017
ليس معلومًا ما إذا كانت مباحثات أستانا التي ستستمر مفاعيلها لأكثر من ستة أشهر قبل الانتقال إلى مرحلة ثانية من المفاوضات، ستقدر في نهاية المطاف على فتح كوّة في جدار الأزمة السورية، لكن المرجح والمأمول منها دوليًا أن تفضي إلى نجاح الأتراك في فرز الفصائل السورية المقاتلة إلى جانب المعارضة السياسية في جبهة شبه موحدة حول الحل السياسي بهندسة تركية مسنودة بدعم روسي وأمريكي مقابل جماعات ينحسر عددها وفعاليتها يوما بعد آخر وتتعرض للانقسام والتشرذم رافضة للحلّ السياسيّ مثل جبهة فتح الشام وبعض الفصائل التي قد تتعرض لانقسامات وشروخات داخلية قاتلة.
ومع تزايد الفصل بين القوى المعتدلة والمتشددة يفترض أن تتقرب الفصائل الرافضة للحلّ السياسي في جنيف وأستانا من داعش أو تحاول عدم قتاله من أجل التفرغ لخصومها. وهذا لا يعني أن الأزمة السورية ذاهبة إلى حلّ سريعا على الإطلاق، كما لا يعني أن الرئيس الأسد سيعود للتمتع بالصلاحيات التي كانت له سابقا، كل ما في الأمر أن عملية توسيع دائرة النفوذ الخارجي وتحاوره من أجل تقاسم المنافع وتحديد المهمّات سيكون سيد الموقف خلال السنة الأولى من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أما في لبنان، فالأرجح أنه سيبقى مُحيّدًا عن الصراعات في المنطقة، وهناك تقاطع دولي إقليمي على تحييده طالما أن عملية التحييد قد آتت أُكلها حتى اللحظة.
هناك نظرية غربية تقول إن منح دعم للرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الأوسط سيقنع مسيحيي الشرق بالبقاء في أوطانهم، ويخفف من ضغط المهاجرين إلى الدول الغربية، كما يعزز تسويق نظرية "النموذج اللبناني" في حلّ أزمات المنطقة. وبناء عليه فإن دعم الرئيس عون هو مصلحة غربية أبعد من لبنان. ودعمه يتطلب العمل مع حلفاء واشنطن الإقليميين ممن لهم تأثير على لبنان، لمحاولة التقرب منه واحتضانه لإبعاده عن حزب الله وإيران تحديدًا، مما يساعد في تقليص النفوذ الإيراني في لبنان. وهو أمر ترغبه إدارة ترامب ضمن سياق نظرية "تنحيف النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط".
والأرجح أن يُترجم الدعم الأمريكي للبنان عبر مؤسساته الأمنية من خلال التعاون والتدريب والتسليح للجيش والقوات الأمنية لمواجهة الإرهاب وتقوية مؤسساته في محاولة لإضعاف قبضة حزب الله داخليًا.
أما في القضية الفلسطينية، فمن غير المرجح حدوث تقدم في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية خلال عهد الإدارة الأمريكية الجديدة. وفي حال قام ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس أو أعطى الشرعية في بناء المزيد من المستوطنات داخل الضفة الغربية، فالأرجح أن يرتفع منسوب الاضطرابات في الداخل الفلسطيني. وسيكون لذلك تأثير مباشر على الدول المحيطة بفلسطين.
ومع التقدم الذي بدأت تحققه القوات الحكومية العراقية مسنودة بالتحالف الدولي في التضييق على داعش وطرده من المدن التي سيطر عليها منذ عام 2014، وقد يؤدي ذلك إلى ضغط لتنظيم داعش باتجاه الأردن.
ولمواجهة هذا التحدي الأمني الكبير، قد نشهد انفراجات في العلاقة بين النظام والإخوان المسلمين في حال لم يكن هناك فيتو أمريكي وكانت حاجة النظام للتحاور معهم في حماية الأوضاع الداخلية أكبر من تجاهلهم.
كما لا شك أن العلاقات الأمريكية الأردنية ستبقى على ما هي عليه إن لم تتحسن في عهد ترامب. فأهمية الأردن في القضية الفلسطينية وفي مساندة أي خطط أمريكية للوضعين السوري والعراقي تزداد أهمية.