الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تغريدة حافظ الأسد

تغريدة حافظ الأسد

28.03.2019
ماهر شرف الدين


زمان الوصل
الثلاثاء 26/3/2019
الكلام الأخير للرئيس الأميركي دونالد ترامب حول اعتراف الولايات المتحدة بـ"سيادة إسرائيل على الجولان"، إذا أمعنا النظر فيه، ليس إلا ترجمة متجدّدة للبلاغ رقم 66 الذي أصدره وزير الدفاع حافظ الأسد بتاريخ 10 حزيران 1967 معلناً فيه سقوط القنيطرة قبل يوم واحد من سقوطها!
ترامب أعاد بتغريدةٍ على "تويتر"، ما فعله حافظ الأسد ببلاغ عسكري عبر الإذاعة السورية.
***
في كتابه "ستَّة أيام، كيف شكَّلت حرب 1967 الشرق الأوسط"، سجَّل الإسرائيلي جيرمي بَوِن خيانة تسليم الجولان بسطورٍ تقشعرّ لها أبدان الوطنيين السوريين: "وصلنا إلى القنيطرة بدون أيّ عائق تقريباً. كان هناك غنائم في كلّ مكان حولنا. كلّ شيء كان ما يزال يعمل، فمحرّكات الدبابات لم تتوقَّف، ومعدَّات الاتصال ما تزال في وضعية التشغيل، وقد تمّ التخلّي عنها. لقد سيطرنا على القنيطرة دون قتال"!
كانت خيانة حافظ الأسد في "بيع الجولان" سنة 1967 مفضوحةً لدى السوريين إلى درجة أنهم ابتكروا، يومذاك، نكتةً شهيرةً تتحدَّث عن محاولة بعض النازحين الجولانيين التسلُّل إلى قراهم من أجل تهريب بعض قطع الأثاث من منازلهم، وحين اعتقلهم الجيش السوري تساءلوا باستغرابٍ: وهل باع الجولان مفروشاً؟!
الإسرائيليون أيضاً تفنَّنوا في صنع النكات حول هذه الخيانة الموصوفة، وقد جاءت النكتة الأكثر خبثاً (ومرارةً) على لسان أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة تل أبيب، البرفسور إيال زيسر، الذي سجَّل لحافظ الأسد الأسبقية في إصدار بلاغ يُعلن فيه عن "هزيمة لم تحصل"، على عكس الإذاعات العربية التي اشتهرت بإصدار بلاغات عن "انتصارات لم تحصل"!
ولكي يكون الولد "ابن أبيه" حقَّاً، قام بشار الأسد باستكمال جريمة والده بتغييب الجولان نهائياً وراء ركام المدن السورية التي قام بتدميرها. حُجبت الهضبة المطلَّة على الوطن الأمّ. صار السوري ينظر حوله فلا يرى ما هو أعلى من ركام بيته.
لقد حقَّق آل الأسد لإسرائيل ما لم يستطع أعظم قائد لها أن يحلم بتحقيقه: سلَّموها الجولان بلا قتال، ثمَّ دمَّروا الأجيال التي يقع على عاتقها تحريره.
لذلك فإنَّ سهام اللعنات التي يقوم بعض العرب بتصويبها إلى ترامب صاحب "الاعتراف الكيفيّ"، كان الأحرى بهم أن يُصوّبوها إلى حافظ الأسد صاحب "الانسحاب الكيفيّ"، وإلى ابنه الذي نقل الجولان من مكانه في جنوب سوريا، إلى مكان بعيد، خلف ركام المدن المدمَّرة، بحيث لم يعد السوريون قادرين على رؤيته.
لقد كتب حافظ الأسد التغريدة الأصلية حول الجولان قبل نصف قرن، وترامب لم يفعل شيئاً سوى أنه أعاد التغريد.