الرئيسة \  مشاركات  \  تعويذة المُمَانِعين بمناسبة ذكرى حرب تشرين: (الجولان نائم، لَعَنَ اللهُ مَن أيقظه!..)

تعويذة المُمَانِعين بمناسبة ذكرى حرب تشرين: (الجولان نائم، لَعَنَ اللهُ مَن أيقظه!..)

11.10.2021
الدكتور محمد بسام يوسف




بسم الله الرحمن الرحيم
تعويذة المُمَانِعين بمناسبة ذكرى حرب تشرين: (الجولان نائم، لَعَنَ اللهُ مَن أيقظه!..)

منذ أن وُجِدَ النظام السوريّ الأسديّ على وجه الأرض، وهو لا يكلّ ولا يملّ من إطلاق الشعارات الفارغة، التي كانت تُستَهلك داخلياً، وما تزال تُستَهلَك خارجياً حتى اليوم، لاستقطاب أكبر عددٍ من الأحزاب العربية (العاطلة عن العمل)، والمقتنعة (مَصلحياً) بأنّ النظام الذي سلّم الجولان يداً بيدٍ للعدو الصهيونيّ.. سيقوم باسترجاعه، بلا هوادةٍ ولا كللٍ ولا مَلل!..
بعد اشتداد مطالبة الناس للنظام بفتح جبهة الجولان أمام كل مَن يرغب بتحريرها، طلع علينا هذا النظام الأسديّ بآخر صرعاته، التي تقول: نحن لدينا مشروعنا لتفجير عملٍ مقاوِمٍ في الجولان، ولدينا خططنا للمقاومة الفعّالة، التي تنتظر الإشارةَ للانطلاق!.. ثم جرى ربط هذه المقولة بأختها: أكذوبة تحديد زمان المعركة الفاصلة ومكانها، اللذَيْن لا يعلمهما إلا عالِمُ الغيب والشهادة، والمجتمعون تحت الطاولة المستديرة، من الصهاينة وأصحاب شعار الخيار الاستراتيجيّ الاستسلاميّ الأسديّ الأبديّ!..
خلال أكثر من نصف قرن، كان النظام الأسديّ البهلوانيّ يقفز، من أسطورة التوازن الاستراتيجيّ (أي بناء القوة العسكرية والاقتصادية التي توازن قوة العدو).. إلى خرافة الخيار الاستراتيجيّ (أي بناء السلام وعَقد اتفاقيات الصلح مع الكيان الصهيونيّ)، وبذلك قفز بهلوان النظام من دمشق إلى دول الخليج العربيّ، ليتسوّل مستلزمات (التوازن الاستراتيجيّ).. ثم إلى طهران، ليتسوّل مباركة الحوزات والملالي والآيات.. وحَطَّ أخيراً في لبنان وجنوبيّه، ليُفرِّغ بعض حمولته مما تَسوّله، من التي فاضت عن سعة جيوبه.. ليفرِّغها في دهاليز الحلف الطائفيّ الصفويّ المشبوه، لتصبَّ إمكانات (التوازن الاستراتيجيّ) أولاً بأول، في خدمة بناء دولةٍ طائفيةٍ حليفةٍ داخل الدولة اللبنانية، وتوظيفها لخدمة سياسات المتحالفين استراتيجياً: من طهران إلى لبنان.. وخلال ذلك لم ينسَ أزلام النظام.. (على البيعة)، أن يغرفوا بشراهة الأُسُود، من أقنية (التوازن الاستراتيجيّ)، ليوظّفوها في خدمة الحرب الحاسمة الفاصلة داخل خزائن بنوك سويسرة وأوروبة وأميركة.. إلى أن فاحت رائحة التوازن الاستراتيجيّ في الحسابات المصرفية السرّية لأفراد الأسرة الأسدية، إلى مستوى أنّ نظيف اليد والقلب واللسان (باسل بن حافظ الأسد)، الـمُحَلِّق (على ذمة الدكتور البوطي) طَيراً أخضر حول عرش الرحمن، الذي راح ضحية التوازن الاستراتيجيّ في عِزّ شبابه (32 سنة) عند عتبات لبنان.. لدرجة أنه لم يكن يملك رصيداً جارياً قبل تحليقه حول عَرش الرحمن.. سوى المليارات الأربعة من الدولارات، التي كشفت عنها أوساط المال السويسرية آنذاك، وبعضهم أفاد بأنها كانت سبعة ملياراتٍ فحسب!..
ما إن كُشِفَت اللعبة الأسدية لابتزاز مستلزمات التوازن الاستراتيجيّ.. حتى قفز الأُسُودُ إلى (حَفْر الباطن) لمقاتلة جيش الشقيق العراقيّ والتوأم القوميّ البعثيّ، جنباً إلى جنبٍ مع جيوش الإمبريالية الأميركية والغربية، لاستكمال توازنهم الاستراتيجيّ.. ثم فوراً من (حَفْر الباطن)، قفزوا إلى (مدريد) السلام، بالطريقة نفسها التي قفز بها سيّئ الذكر (إسحاق شامير) رئيس وزراء العدو الصهيونيّ آنذاك، الذي كان الأسديون (يتوازنون) معه استراتيجياً في ذلك الوقت!.. ثم بقفزةٍ خَلاّقةٍ قياسية.. طار الأسديون إلى واشنطن، ليُعلِنوا عن خرافة (الخيار الاستراتيجيّ) السلاميّ، خياراً وحيداً أبدياً للتحرير!..
بعد أن انهدّ (حَيل) الأسديين من القفز، وبعد فقدانهم بعض أجنحتهم البهلوانية التي كانوا يطيرون بواسطتها.. صاروا رهائن موقفٍ مُحرِجٍ أمام كل المخدوعين بهم، وبخاصةٍ –كما ذكرنا- أمام بعض الأحزاب العربية (العاطلة.. عن العمل)، التي يوظّفونها للتطبيل والتسويق والتزمير والتلميع، في خدمة النظام.. بعد أن حدث ذلك، عاد الأسديون إلى أساطيرهم وشعوذتهم، فأعلنوا عن أنه خير طريقٍ للتحرير، هو طريق المقاومة على شكل حرب العصابات، وأنهم يُعِدّون العدة لتنفيذ خطةٍ تحريريةٍ جهنمية.. وبما أنّ مثل هذه الخطط العسكرية تكون سرّيةً كما هي العادة كي لا تفقد جدواها.. فقد أعلنوا عنها بكل وسائل الإعلام الأسدية، وحرّكوا أزلامهم للإعلان، بأنّ لديهم (مشروعاً ممانِعاً مقاوِماً) في الجولان، ينتظر الوقت المناسب، للتنفيذ، وللانقضاض على العدو الصهيوني!.. لكنهم (والشهادة لله)، لم يزعموا أنهم سيُغرِقون الصهاينةَ في البحر، كما أغرقوهم في حرب عام 1967م، على أيدي الفارس الهمام (حافظ بن سليمان أسد)، الذي لم يكن يَشغل في ذلك الوقت إلا منصب وزير الدفاع، وكما نرى، فهذا المنصب من التفاهة، إلى درجة أنه لا يُخَوِّله، سوى لبيع هضبة الجولان (مفروشةً) إلى العدو الصهيونيّ!.. ثم بعد (الانتصار!..) الباهر للنظام في تلك الحرب!.. تَم ترفيع الفارس الهمام إلى رتبة (فريق ركن)، مع مَنحه مَنصباً أرقى.. (على البيعة)، فأصبح رئيساً للجمهورية، لعلّه من خلال هذا المنصب، الذي أصبح يملك بواسطته الحزبَ الحاكمَ، والوطنَ، والجيش، وأصبح قادراً على توريث ممتلكاته الجديدة الثلاثة إلى ذراريه.. لعلّه من خلال ذلك.. يُحرّر الأرض والعِرض السوريَّيْن!..
ولِمَ العَجَب؟!.. فأهل الكهف ناموا تسعاً وثلاث مئة سنة، ثم استيقظوا بحول الله وقدرته.. وجولاننا النائم منذ أكثر من نصف قرن، ما تزال الفرصة أمامه سانحةً للاستيقاظ.. خاصةً إذا كان المورفين الأسديّ المستخدَم، من العيار الثقيل.. تماماً، كعيار هذه الأسطورة (المقاوماتية) الأسدية العجيبة!..
إذا كانت كل القذائف، وكل صفير أجهزة الإنذار، وكل هدير الطائرات الحربية، وكل دويّ الـمَدافِع، وكل صراخ الأطفال، وكل عويل النساء، وكل أزيز الرصاص، وكل شلالات الدم الدافق، وكل رائحة الحرائق والدم والموت.. التي وقعت في غزة ولبنان.. إذا كان كل ذلك لم يوقظ النخوة الأسدية ومشروعها المقاوِم، النائمَيْن في الجولان.. فمن المستَحيل أن توقِظَ العقولَ المغلقة للمطبِّلين والمزمِّرين، الذين وصلت طبولهم ومزاميرهم إلى الأسلاك الشائكة حول (مَجدل شمس) الجولانية، بدل أن تصلها بنادق أصحابهم وأولياء نعمتهم (الممانعين) المقاوِمين!..
قبيل الثورة، كانت أجهزة المخابرات الأسدية تجتاح البيوت والحُرُمات السورية، وتعتقل كل مَن تعثر عليه داخلها من الرجال والنساء والأطفال، تماماً، كما فعلت بالأمس البعيد، فاعتقلت وسجنت وأخفت وقتلت وهجّرت.. مئات الآلاف من أبناء الشعب السوريّ، المكبَّل بقوانين الطوارئ والأحكام العُرفية والحُكم الشموليّ الأحاديّ للحزب القائد، وبستة عشر جهاز مخابراتٍ وجيشٍ عرمرمٍ من حرس القصر (الجمهوريّ)!.. وتماماً، كما قتلت الروحَ السورية المقاوِمة والاقتصادَ السوريّ والثقافةَ السورية والتربيةَ الأصيلةَ السورية.. والجيشَ السوريَّ والكرامةَ السورية والمروءةَ السورية.. فكيف سيتحرَّر الجولان من غير كل هؤلاء؟!..
النائم عذره معه، وكذلك الميّت، أما الخائن المشعوِذ، فلا عذر له!.. فلينظر المشعوذون منذ أكثر من نصف قرن.. فلينظروا، هل هم من النائمين، أم من الميّتين.. أم من الخونة التاريخيين؟!..