الرئيسة \  مشاركات  \  تعبث  الذؤبان والغربان ، بالأوطان ؛ إذا سقط حاميها الإنسان

تعبث  الذؤبان والغربان ، بالأوطان ؛ إذا سقط حاميها الإنسان

08.01.2019
عبدالله عيسى السلامة




أخطر سقوط ، على الإطلاق ، هو سقوط الإنسان، فإذا سقط ، سقط معه، كلّ مايتعلّق به !
لذا ؛ يحرص كلّ عدوّ، على إسقاط عدوّه ، بشتّى السبل ؛ سواء أكان العدوّ داخلياً ، أم خارجياً .. وسواء أكانت العداوة ، بسب خلاف على القيم ، أوعلى الأراضي ، أو المباني ، أو غيرها ! وفي الصراعات الكبيرة ، سقوطُ الإنسان ، يؤدّي ، إلى سقوط الأوطان !
وفيما يخصّ أمّتنا ، يحرص الأعداء ، جميعاً ، بشتّى مِللهم ونِحلهم ، على إسقاط الإنسان؛ فإسقاطه يفتح البلاد ، أمام أيّ غزو خارجي ؛ فيستبيح كلّ شيء ، في البلاد ، من : قيَم ، وأموال ، وأعراض .. إذ ؛ لا يبقى مَن يقاوم الغزاة ، أو يتصدّى لهم !
أنواع السقوط كثيرة :
السقوط العقدي : ورد ، في كتاب التبشير والاستعمار، للأستاذ عمر فرّوخ ، أن المستعمرين الصليبيين ، كانوا يرسلون مبشّرين ، من ملّتهم ، قبل غزواتهم ، ليبشّروا أهل البلاد ، المسلمين ، بالنصرانية ! وكلّ مسلم يتنصّر ، يصبح ، بالضرورة ، جندياً ، لدى الجهات الغازية ، من الجيوش الصليبية !
السقوط الخلقي : إذا سقط المرء ، خلقياً ، هان عليه كلّ شيء : كرامته ، ووطنه ، وشعبه.. فهو يباع ويشترى ، بالمال والهدايا ، ويهدّد بحرمانه ، من متع الحياة التافهة ، إذا عارض مستغلّيه !
السقوط الخلقي الفردي ، للحكّام والقادة : كلّما ارتفعت منزلة الفرد، في بلاده ومجتمعه، كان سقوطه ، أكثر ربحاً ، لأعدائه ! إذ ؛ يُسقط الفرد ، كلّ من يلوذ به ، من بشر، لقاء ما يحصّله، لنفسه ، من مكتسبات شخصية ! وقد كان ابن العلقمي ، وزيراً في الخلافة العبّاسية، فتآمر مع هولاكو، على تسليمه بغداد ، لقاء مكاسب شخصية له !
وقد روي ، عن نابليون بونابرت ، أنه سئل : كيف تحتلّ مدينة كبيرة محصّنة ، بأربعة طوابير، من الجيش !؟ فردّ قائلاً : بل هي خمسة ؛ فلديّ طابورآخر، في صفوف عدوّي!
ولم يكن يخطر، في باله ، حينها، أن تكون قيادة الطابور الخامس، جاثمة ، في قصر الحاكم، وأن يكون الحاكم ، نفسُه ، هو أكبر جاسوس ، لعدوّه ! فهذا النوع من (السياسة !) ، وُجد حديثاً ، ولم يكن معروفاً ، من قبلُ ، إلاّ نادراً !
وقد وعى الصهاينة ، في فلسطين ، هذا الأمر، فوضعوا ، في الكثير من قصور الحكم ، أناساً تابعين لهم ، من ملّتهم ، أو ممّن يهدرون كلّ قيمة سامية ، للحصول ، على كرسي الحكم ، والبقاء فيه !
السقوط الخلقي الاجتماعي ، لنُخَب المجتمع : أمّا سقوط النخب الاجتماعية ، والفكرية ، والسياسية .. التي تُعَدّ صِمامات أمان ، للمجتمعات ، فيُعَدّ كارثة ، تحلّ بالبلاد ، أيّة بلاد ! لأن هذه النخب ، هي قيادات للمجتمعات ، على المستويات ، كلّها ! فإذا دبّ فيها العطب ، أدّى ، إلى تغلغل أنواع من السقوط ، في صفوفها ، وأدّى هذا ، بالتالي ، إلى تشرذمها ، وتشتّت أفكارها وتوجّهاتها ، وضياعها ، على قدر مايسقط ، من أخلاقها ونفسياتها ! فيستغلّها كلّ مَن هبّ ودبّ ، في تحقيق أهدافه ، وخدمة مصالحه ؛ بدءاً من الحكّام الفاسدين ، وانتهاء بأعداء الأمّة !
وغنيّ عن البيان ، أن الضعف العقلي، لأيّ ذي منصب ، يدفعه ، إلى التصرّفات الحمقاء، أو يجعله أداة ، في يد أيّ عدوّ يُحسن استغلاله ، والعبث به ، مهما كان مخلصاً ! بل قد  يكون إخلاصه ، من أهمّ الوسائل ، لإسقاط مَن حولَه ، من الناس ، الذين يثقون به ، وينقادون لأمره !