الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تصعيد روسي كبير في إدلب والقطاع الطبي والإنساني يعاني من فقدان المحروقات

تصعيد روسي كبير في إدلب والقطاع الطبي والإنساني يعاني من فقدان المحروقات

02.12.2019
منهل باريش


القدس العربي
الاحد 1/12/2019
شن الطيران الروسي وطيران النظام حملة قصف جوي مركز خلال الأسبوعين الماضيين، في محافظة إدلب وجوارها، شمال غرب سوريا. وعلى غرار القصف الذي بدأه النظام قبل هجومه الربيع الماضي، في ريف حماة الشمالي، استهدفت القاذفات الروسية المشافي والمرافق الحيوية.
وفي تحديث لأعداد الضحايا المدنيين نتيجة القصف على مخيم قاح ومشفى التوليد قرب معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، بلغ 16 قتيلا بينهم 7 أطفال وثلاثة نساء و63 جريحاً، إصابة بعضهم حرجة للغاية.
على الصعيد الطبي، أعلنت المشافي والمراكز الطبية في محافظة إدلب وشمال غرب سوريا بشكل عام، حالة الطوارئ القصوى نتيجة النقص الشديد في المشتقات النفطية وخاصة الديزل من الأسواق. وحذر مدير صحة إدلب منذر خليل قائلا “يواجه عدد كبير من المنشآت الطبية خطر التوقف عن العمل، أو العمل بنظام الطوارئ، في الوقت الذي نحتاج فيه زيادة إنتاجية هذه المنشآت وذلك نتيجة حملة القصف الشديدة من قبل النظام والروس التي استهدفت المنشآت الطبية، وبشكل خاص الواقعة جنوب اوتوستراد حلب – اللاذقية” مضيفاً “استهدف القصف 44 منشأة منذ حملة التصعيد الأخيرة في 26 نيسان الماضي وهاجر أكثر من 800 ألف نازح جديد باتجاه الحدود السورية التركية، والذي شكل عبئا كبيرا على المنشآت الموجودة في المنطقة الشمالية”.
وانعكس نقص المحروقات في الشمال السوري على المستشفيات والمرافق الطبية، حيث ارتفع سعر ليتر المازوت ليصل الى 800 ليرة سورية. وتعتمد المستشفيات على المازوت لتشغيل أقسام العمليات والعناية المركزة وحواضن الأطفال ومراكز غسيل الكلى وغيرها من المرافق الصحية المنقذة للحياة.
توقف سيارات الإسعاف عن العمل
وحذرت مديرية صحة إدلب، يوم الخميس، في بيان تلقت “القدس العربي” نسخة منه، من توقف المنشآت الطبية عن الخدمة نتيجة فقدان المحروقات من الأسواق في محافظة إدلب وجوارها شمالي سوريا. وأشارت المديرية إلى أن: “عشرات المشافي والمنشآت الصحية مهددة بالإغلاق وتوقف خدماتها الطبية”. ويصل التهديد الى توقف سيارات الإسعاف عن العمل أيضا وهو ما سيشكل كارثة إنسانية كبيرة. وناشدت صحة إدلب كل المنظمات والمؤسسات والهيئات المعنية من أجل “التدخل الفوري ومنع حدوث كارثة صحية كبيرة”. وارتفع سعر برميل المازوت بنسبة 30 في المئة ووصل إلى 85 ألف ليرة سورية، بعد أن كان 65 ألفا نهاية شهر أيلول/سبتمبر ويعزى ارتفاع أسعار المحروقات في الشمال السوري إلى توقف حركة نقل النفط الخام من مناطق سيطرة “قسد” إلى إدلب بعد إطلاق تركيا لعملية نبع السلام العسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
وأدانت 89 منظمة مجتمع مدني وإنساني وإغاثي وحقوقي القصف الذي قامت به قوات النظام على مخيم قاح للنازحين، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ووصفت الهجوم بـ”جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية يتوجب محاسبة مرتكبيها بدون أي تلكؤ أو إبطاء”.
وأشارت المنظمات إلى هجوم النظام السوري وحليفه الروسي-إحدى الدولتين الضامنتين لاتفاقيات خفض التصعيد -65 مرة على 47 مرفقا طبيا يقدم خدمات طبية لما يزيد عن مليون شخص في شمال غرب سوريا. وأدت هذه الاستهدافات “لخروج 24 منها عن الخدمة جزئياً أو كليًاً” وطالبت المنظمات الموقعة ومنها الشبكة السورية لحقوق الإنسان والدفاع المدني السوري وأطباء عبر القارات والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير والمعهد السوري للعدالة والمنتدى السوري ومؤسساته واتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الطبية “اوسام” وتجمع المحامين السوريين وتجمع المنظمات الإغاثية السورية وبيتنا سوريا، المجتمع الدولي بإطلاق “آلية تسمح بإنشاء محكمة لمحاسبة مجرمي الحرب في سوريا وتُوقف سياسة الإفلات من العقاب تُحقق في كل جرائم الحرب التي ترتكب ضد المدنيين” وأن تتصدى الدول الفاعلة في الملف السوري لمسؤولياتها الدولية، وعلى رأسها “تركيا والاتحاد الروسي كدول ضامنة لاتفاق خفض التصعيد وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وأن تكون وفية لمواقفها الداعمة للمسار السياسي بأن تؤمن ما هو مطلوب لإنجاحه” وأن تعمل الأمم المتحدة والدول الراعية لاجتماعات اللجنة الدستورية على تنفيذ وقف إطلاق نار فوري وشامل وغير مشروط وغير محدود زمنياً “كخطوة مشروطة لازمة قبل مواصلة اجتماعات هذه اللجنة”. وأدى القصف الجوي للحليفين (النظام السوري وروسيا) الأحد 24 تشرين الثاني/نوفمبر على محطة مياه قرية كفروما في معرة النعمان في محافظة إدلب إلى أضرار مادية كبيرة في المحطة وتوقفها عن العمل وبدون حدوث أضرار بشرية.وتسبب القصف حسب منظمة “بناء” التي أعادت صيانة وتشغيل المحطة، بإحداث أضرار في “غرف المولدات وتعطل المولدة ولوحات التشغيل ومرافق أخرى في المحطة مما أدى إلى خروجها عن الخدمة وحرمان ما يقارب 25.000  نسمة من المياه الصالحة للشرب”. وهو ما يهدد عشرات الآلاف من نقص المياه في ريف معرة النعمان الغربي الذي يعاني أساسا من شح المياه.
في سياق متصل، قال قائد الدفاع المدني في منطقة جسر الشغور أحمد يازجي لـ”القدس العربي” إن “حصيلة القصف في الأسبوعين الأخيرين بلغ 24 غارة جوية من الطيران الحربي الروسي و 4 غارات من طيران النظام بالإضافة لسقوط 4 صواريخ بالستية بينها 3 صواريخ تحمل قنابل عنقودية، كما تم استهداف المنطقة بأكثر من 70 صاروخ راجمة وقذيفة مدفعية”. وأسفر القصف حسب يازجي عن “سقوط شهيد مدني و6 إصابات و4 إصابات بين صفوف عناصر الدفاع المدني” وقتل القصف على منطقة جسر الشغور 8 مدنيين بينهم 4 أطفال واصيب 36 آخرين و11 من فرق الدفاع المدني خلال كامل شهر تشرين الثاني/نوفمبر. وأضاف “تركز القصف على المدارس ومراكز الدفاع المدني، وإزالة الذخائر والمراكز النسائية، والنقاط الطبية وعلى جامع السرايا وكنيسة اللاتين وملعب كرة القدم”.
العمليات العسكرية مستمرة
وحول الهجوم البري وتصاعد العمليات العسكرية صرح الناطق باسم “الجبهة الوطنية للتحرير” النقيب ناجي مصطفى لـ”القدس العربي” أن “قوات النظام سيطرت على بعض المزارع الصغيرة وقرية المشيرفة في ريف إدلب الشرقي ومنطقة الزرزور في سهل الغاب وما زالت العمليات العسكرية مستمرة لاستعادتها. وصدت قواتنا هجوما كبيرا للنظام في الكابينة غرب جسر الشغور”.
ويتزامن الهجوم الحاصل مع شائعات يطلقها النظام حول إخطار الروس إلى قرب فتح طرق الترانزيت بناء على اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا، في حين لم يجر أي إخطار لفصائل المعارضة من قبل الضامن التركي لأي تحديثات متعلقة بذلك حتى اليوم. وهو ما يعزز فرضية الضغط الإعلامي الذي تتبعه روسيا قبل بدء أي هجوم تشنه، كما حصل في عدة تجارب سابقة سواء في مناطق خفض التصعيد المنهارة أو في ريف حماة الشمالي في عملية الربيع الأخيرة.
في المقابل، فإن القصف الروسي الواسع وترافقه مع اتهامات للدفاع المدني السوري بالتحضير لهجوم كيميائي، يشير إلى قرب معركة قضم جديدة في إدلب ستكون في سهل الغاب أو ريف إدلب الجنوبي، وسيكون محور القضم هو المكان الأسهل لقوات النظام والذي ستتمكن من خلاله من خلخلة خطوط دفاع المعارضة واختراقها بغض النظر عن أهميته الاستراتيجية، على اعتبار أن النظام يسعى الى استعادة السيطرة على كامل المناطق المحررة والتي سيطرت عليها المعارضة. وتشكل عملية القضم هذه ورقة ضغط جديدة على تركيا وفصائل المعارضة من أجل الالتزام باتفاق سوتشي والإسراع في فتح طرق الترانزيت.