الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تساؤلات ما بعد عملية الجولان

تساؤلات ما بعد عملية الجولان

24.01.2015
عاموس هرئيل


القدس العربي
صحف عبرية
هآرتس 21/1/2015
الخميس 22-1-2015
لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست كرست أمس أغلبية وقتها للتداول في قضية قرار الجيش الاسرائيلي التراجع عن وضع الجنود في مداخل المستوطنات على الحدود مع قطاع غزة، واذا لم يكن اعضاء لجنة الخارجية والأمن غارقين أكثر من اللازم في معركة الانتخابات، فربما من الأجدر بهم أن يتفرغوا للتداول في الازمة الأمنية القادمة – التهديدات العلنية لايران وحزب الله بالانتقام لضحايا العملية المنسوبة لاسرائيل التي راح ضحيتها قادة من حرس الثورة الايراني وعناصر من حزب الله في هضبة الجولان.
ما زالت اسرائيل ترفض بشكل رسمي الاتهامات الموجهة اليها فيما يتعلق بهذه العملية، ولكن الصحيفة المقربة من السلطة "اسرائيل اليوم"، أقرت في يوم الاثنين أن "قواتنا هاجمت خلية مخربين كبار في الجولان السوري". كما أن مراقبي الامم المتحدة في لبنان أبلغوا عن طائرات اسرائيلية بدون طيار تجاوزت الحدود ودخلت إلى المناطق السورية وقامت بفتح النار. يستطيع اعضاء الكنيست الاستناد إلى هذه المصادر والتوجه إلى رئيس الحكومة أو إلى وزير الدفاع بعدة اسئلة وهي:
هل مغنية كان الهدف لهذا الاغتيال أو أن منفذي العملية خططوا مسبقا للتعرض لحياة الجنرال الايراني الذي سافر معه في القافلة؟ هل الاستخبارات العسكرية عرفت أن الجنرال كان هناك (أمس صرح رئيس الاستخبارات السابق ومرشح "المعسكر الصهيوني" لمنصب وزير الدفاع، عاموس يادلين، لصوت اسرائيل إنه "السؤال هو ما اذا كانت هناك طريقة اخرى لمنع هذه العملية المتدحرجة عندما علمنا عن وجود الايراني في القافلة").
هل الربح المتوقع من اغتيال مغنية الشاب، الذي بحكم وضعه العائلي مُعد ليكون شخصية قوية في حزب الله، يزيد على الضرر المحتمل في حالة تدهور الوضع؟ هذا السؤال يتكرر بعد كل عملية اغتيال. وفي حالة مغنية الأب الذي تمت تصفيته في 2008 كان الرد على هذا السؤال بالايجاب، بسبب الضرر الذي لحق بالقدرة التنفيذية لحزب الله. وهكذا ايضا عندما تم اغتيال فتحي الشقاقي، رئيس منظمة الجهاد الإسلامي الذي اغتيل في مالطة في 1995. والنموذج المعاكس الآخر عندما تم اغتيال سكرتير عام حزب الله السابق عباس موسوي في 1992، حيث رد حزب الله وايران بتفجير السفارة الاسرائيلية في الارجنتين بعد شهر، ودفعت هذه العملية إلى قمة القيادة زعيم أكثر تشددا وهو حسن نصر الله.
وحسب بعض التقارير في وسائل الإعلام الاجنبية، قُتل في الهجوم 12 شخصا، نصفهم من الايرانيين. فهل كانت النية المسبقة هي تصفية هذا العدد الكبير من الاشخاص؟.
من المعلوم أن مغنية فعّل في السنة الماضية خلية قامت ببضع عمليات ضد اسرائيل من الحدود السورية، فهل حدثت هذه العملية في الوقت الذي كان فيه القادة اللبنانيون والايرانيون منشغلون في استعدادات متقدمة لعملية اخرى التي (تم احباطها في هذا الهجوم)، أو أنه تم استغلال فرصة وجود دورية قادة بالقرب من الحدود؟.
حافظت اسرائيل حتى اليوم على تدخل بسيط جدا في الحرب الاهلية السورية، وقيدت نشاطاتها (حسب مصادر اجنبية) في الحالات التي تم فيها اجتياز الخطوط الحمراء، مثل احباط محاولة نقل منظومات سلاح متقدمة من سوريا إلى حزب الله. هل تم الاخذ في الحسبان امكانية أن هذه العملية الصعبة التي صُفي فيها رجال حزب الله (وشخصية ايرانية كبيرة) ستؤدي إلى التصعيد على الحدود؟ وفقط في يوم الخميس الماضي صرح نصر الله أن "المقاومة" ترى نفسها ملزمة بالرد على الهجمات الاسرائيلية ليس فقط في لبنان بل ايضا في سوريا.
قبل سنة أعلن نصر الله عن سياسات جديدة في الشمال التي بموجبها ستضرب منظمته أهدافا اسرائيلية ردا على النشاطات الاسرائيلية ضدها وضد سوريا. وفي تشرين الاول الماضي بعد مقتل أحد عناصر حزب الله، وهو خبير متفجرات، في تفجير منشأة استخبارية مفخخة في الجنوب اللبناني، فجر حزب الله ردا على ذلك عبوتين ناسفتين في جبل دوف. وجُرح جنديان اسرائيليان بسبب هذه العبوات. ولكن في الجيش ادعوا أن هذه العملية تسببت في مقتل عدد كبير من المقاتلين. هل اجتمعت الحكومة في أعقاب هذه الحادثة للنقاش في تغيير طبيعة الرد لحزب الله (الذي كان مستعدا للمخاطرة بقتل جنود وإن أدى ذلك إلى تصعيد كبير)، وبضرورة الفحص المجدد للسياسات الاسرائيلية في الشمال؟.
الى أي مدى الجبهة الداخلية الاسرائيلية مستعدة لمواجهة احتمالية نشوب الحرب التي يهدد فيها حزب الله باطلاق عشرات آلاف الصواريخ والقذائف على المراكز السكانية، هل يتطلب الامر استعدادات مسبقة لاحتمالية كهذه، على الرغم من الاحساس بأن حزب الله يريد الامتناع عن الدخول في حرب شاملة؟ وما هي نوعية الخطط العملية للجيش ضد هذا التنظيم الشيعي؟.
منذ عملية الاغتيال يثير الخصوم السياسيين لليكود امكانية أن يكون قرار الاغتيال له أبعاد سياسية أو أنه تم اتخاذه على خلفية الاعتبارات السياسية، وهذا الادعاء يصعب اثباته، لا سيما وأنه لا يمكن فصل السياسات الحزبية عن السياسة بشكل عام. ومن الواضح أن كل سياسي عندما يفكر بأي عمل أو خطوة معينة يأخذ في الحسبان مصالحه الشخصية. وبالتأكيد في فترة الانتخابات التي نمر بها لا بد أن يكون نتنياهو ويعلون قد أخذا في الحسبان مثل هذه الادعاءات.
إن المداولات في سلسلة الاسئلة هي أمر لا بد منه في هذه المرحلة بسبب أنه اذا تجسدت هذه التهديدات الايرانية واللبنانية من قبل حزب الله فسينشأ هنا وضع أمني جديد قد يضع الحملة الانتخابية كلها في الهامش. وعلى هذه الخلفية فان الاصرار الاسرائيلي على التخفي في هذه المساحة الضبابية لن يوحي بأي شيء. واذا كانت هناك أبعاد ممكنة لهذه العملية المذكورة، واذا أقرت الامم المتحدة أيضا أن اسرائيل هي التي نفذت العملية، فماذا ينفعنا البقاء في حالة الضبابية.