الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تركيا تستعد لحقبة بايدن.. تخوفات كبيرة وترتيبات لفتح صفحة جديدة “بحكم الأمر الواقع” 

تركيا تستعد لحقبة بايدن.. تخوفات كبيرة وترتيبات لفتح صفحة جديدة “بحكم الأمر الواقع” 

08.11.2020
إسماعيل جمال



إسطنبول- “القدس العربي”: 
السبت    7/11/2020 
على غرار معظم العواصم حول العالم، تواصل أنقرة متابعة نتائج الانتخابات الأمريكية عن قرب وتستعد لكافة السيناريوهات المتوقعة، والتي يبدو أن أبرزها بات قرب حسم المرشح الديمقراطي جو بايدن للصراع الانتخابي، والفوز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية للسنوات الأربع المقبلة. 
منذ أشهر، تشير كافة التقديرات في تركيا إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان والدوائر الرسمية في البلاد كانت تفضل استمرار العمل مع الرئيس الحالي دونالد ترامب على الرغم من أن فترته الرئاسية شهدت خلافات كبيرة وأزمات متلاحقة، وذلك كون التخوفات من سياسات بايدن ومواقفه من تركيا أكبر بكثير من التخوفات المتعلقة باستمرار العمل مع ترامب. 
فعلى الرغم من حصول أزمات كبيرة خلال السنوات الماضية في العلاقات الأمريكية التركية، إلا أن أردوغان وترامب وجدا على الدوام طرقا مختلفة للتوصل إلى تفاهمات وصفقات سياسية منعت تدهور العلاقات بين البلدين بشكل أكبر، وحافظا على مستوى جيد من التفاهم والاتصال، ما مكنهما من الوصول إلى حلول وسط حول الكثير من القضايا الخلافية، كما نجح أردوغان في إقناع ترامب بتجميد معظم ملفات العقوبات التي كان يفترض فرضها على تركيا من خلال الكونغرس والخارجية والبنتاغون. 
وفي حال فوز بايدن بالفعل، فإن أنقرة تتأهب لاحتمال تفعيل الرئيس الأمريكي مجموعة من حزم العقوبات الجاهزة لفرضها على تركيا حول عدد من القضايا، أبرزها ملف العقوبات الذي جرى إعداده رداً على تنفيذ تركيا عملية “نبع السلام” ضد الوحدات الكردية في شمال سوريا، لا سيما وأن الأوساط التركية تتوقع من بايدن نسخة شبيهة من سياسات الرئيس الأمريكي باراك أوباما وذلك فيما يتعلق بتوسيع الدعم على الوحدات الكردية في سوريا واعتبارها الحليف الرئيسي لواشنطن في الملف السوري على حساب تركيا، وهو تحدٍ آخر ينتظر العلاقات بين البلدين. 
لكن التحدي الأسرع سيكون فيما يتعلق بمنظومة “إس 400” الدفاعية الروسية، حيث بدأت أنقرة في الأسابيع الأخيرة الاختبارات النهائية من أجل تفعيل المنظومة، حيث يسود اعتقاد عام أنه في حال إعلانها رسمياً تفعيل المنظومة وإدخالها الخدمة، فإن بايدن سوف يوقع على حزمة العقوبات التي لم يوقع عليها ترامب طوال الأشهر الماضية، كما يمكن أن يعيد إلى الواجهة ملف العقوبات في قضية “خلق بنك” والمتعلقة باتهام بنك ومسؤولين أتراك بمساعدة إيران للتحايل على العقوبات الأمريكية. 
كم أن أنقرة تخشى أن يكون لبايدن مواقف “أسوأ” من الإدارة الأمريكية الحالية فيما يتعلق بملف دعم الوحدات الكردية في سوريا، والانحياز أكثر إلى قبرص واليونان في صراع شرق المتوسط، وزيادة الانتقادات للدعم التركي لأذربيجان في نزاعها حول إقليم قره باغ، والتستر على أنشطة تنظيم غولن المتهم بمحاولة الانقلاب، بالإضافة إلى عودة الانتقادات التي تصاعدت في عهد أوباما حول ما يعرف بـ”ملف أكراد تركيا والحريات”. 
لكن ورغم حزمة التخوفات السابقة، فإن الجهات الرسمية في تركيا بدأت فعلياً بالتحضير لحقبة بايدن باعتباره أمرا واقعا، وسيكون رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية للسنوات الأربع المقبلة في حال تأكد فوزه، وبالتالي يتوجب رسم خطط للتعامل مع بايدن ومحاولة فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. 
تقول الكاتبة التركية هندا فرات في مقال لها بصحيفة “حرييت” اليوم الجمعة، إن عهد ترامب لم يكن مثالياً، وإن بايدن كان له علاقات قريبة مع أردوغان عندما كان نائباً للرئيس في عهد أوباما، وزار تركيا أربع مرات، ووصف أردوغان بأنه “صديق قديم”، ولفتت إلى تقديمه الاعتذار مرتين إلى أردوغان، مرة عندما أطلق تصريحاً حاداً ضد تركيا، والأخرى بسبب تأخر واشنطن عن إدانة محاولة الانقلاب. 
وتكشف فرات المقربة من دوائر الحكم في أنقرة عن أن هناك اتصالات منذ فترة بين مسؤولين أتراك ومساعدي بايدن، لافتةً إلى أنه “يوجد توجه لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين”. 
وفي أول تصريح لمسؤول تركي حول النتائج المتوقعة للانتخابات الأمريكية، قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، إن بلاده تنظر إلى العلاقات مع الولايات المتحدة على أنها “فوق الأحزاب”، وقال: “بغضّ النظر عن الفائز في الانتخابات، سنتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة كما نتعامل مع أي دولة أخرى”. 
من جهته، اعتبر توبي موفيت العضو السابق في الكونغرس الأمريكي، أن تركيا دولة مهمة جداً للولايات المتحدة، وأن جو بايدن يدرك ذلك جيداً، وقال: “تركيا مهمة للغاية للولايات المتحدة، وليست بلداً لا يمكن إقامة علاقات متينة معه، وبايدن يعرف هذا الوضع جيداً، فأنا أعرفه منذ زمن طويل، إنه يولي مثل هذه العلاقات أهمية كبيرة”.