الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ترامب يقلب ميزان القوى في سوريا

ترامب يقلب ميزان القوى في سوريا

28.03.2017
عبدالرحمن سعد العرابي


المدينة
الاثنين 27/3/2017
هزائم قوات نظام بشار في دمشق وحماة أمام المعارضة السورية يعيد ميزان القوى إلى ما قبل تدخُّل القوات الروسية في الأراضي السورية في سبتمبر 2015م. فسيطرة قوى المعارضة على كراجات العباسيين أحد أكبر ميادين دمشق وفي القلب منها ،إضافة إلى الانتصارات في حي جوبر وشرق دمشق وريف حماة ووصول قوات المعارضة إلى محاصرة مطار حماة العسكري إنما هي مؤشرات على أن ميزان القوى الذي اختل بدخول القوات الروسية لصالح نظام بشار عاد إلى مساره السابق حين كانت تعاني قوات النظام وحلفاؤها إيران وحزب الله والمليشيات الشيعية من هزائم متكررة وخسائر كبيرة جعلت سيطرة النظام على ما إجماليُّه لا يزيد عن 30% من مساحة الأراضي السورية.
ومن المعلوم أن ميزان القوى اختلَّ بسبب تردد إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مما سمح لروسيا الدخول بقوة والعودة إلى كرسي القيادة في إدارة الشأن السوري كما اتضح من مفاوضات أستانة وجنيف واللقاءات الثلاثية، الروسية - التركية - الإيرانية. وهكذا تحوُّل أزعج كثيراً مخططي العسكرية الأمريكية غير أنهم كانوا ملزمين بأوامر أوباما كرئيس أعلى للقوات المسلحة الأمريكية ،لكن كل ذلك أخذ منحى مغايراً كلية مع وصول دونالد ترامب إلى كرسي الرئاسة،فقد وضع من ضمن مخططاته إعادة النفوذ والتأثير والتواجد الأمريكي بقوة إلى المنطقة سواء في سوريا أو العراق أو إيقاف المد الفارسي ،فأوعز لقادة البنتاغون العسكريين وضع خطط لزيادة القوات الأمريكية في سوريا والعراق. وكما نقلت مجلة «التايم» الأمريكية عن الجنرال جوزيف فوتيل أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ قوله: «إن نشر قوات أمريكية إضافية (في سوريا) ربما يكون ضرورياً للمساعدة على الاستقرار وجوانب أخرى من العمليات» وهو ما اعتبرته المجلة تحولاً في الموقف الأمريكي نحو التزام أمريكي مفتوح في سوريا وانعتاق من الحد الذي فرضه باراك أوباما بعدم رفع عدد القوات الأمريكية في الأراضي السورية بأكثر من 500 جندي.
الخطة الأمريكية كما أبانت عنها صحيفة «الواشنطن بوست» تتضمن زيادة كبيرة في عدد القوات الأمريكية والتخفيف من القيود التي وضعها أوباما والسماح للقوات الأمريكية الاقتراب من خطوط المواجهة المباشرة مع قوات داعش ودعم قوات المعارضة المعتدلة إضافة إلى زيادة عمليات القوات الخاصة والمدفعية والمروحيات وتزويد قوى المعارضة بالسلاح ،وبالفعل وصلت تلك القوات بمدرعاتها وجنودها إضافة إلى سلاح الطيران الذي يقود الهجمات الجوية ضمن قوات ما يسمى بالتحالف الدولي.
هذه التحولات أربكت نظام بشار كما أربكت الأوراق الروسية ،فلم تعد روسيا القوة الوحيدة المسيطرة على الشأن السوري ،وبدا ذلك واضحاً في تحوُّل ميزان القوى لصالح المعارضة في عدد من المناطق السورية بما فيها العاصمة دمشق ،وهو ما يشي بمسح انتصارات النظام خاصة بعد معركة حلب ،ولعل في تصريح رئيس النظام السوري بشار الأسد لقناة «فينيكس» الصينية بقوله: «أي قوات أجنبية تدخل سوريا دون دعوة أو إذن من الحكومة هي قوات غازية ،تركية كانت أو أمريكية»، خير دليل على مدى ربكة النظام وحلفائه بما فيهم الروس.
هذا إضافة إلى أن معركة الرقة ستكون فاصلة في حسم متغيرات القوى على الأرض السورية وهو ما يدفع بروسيا ونظام بشار وإيران إلى المسارعة بتواصل اجتماعات جنيف وأستانة عسى أن يجدوا مخرجاً يحفظ لهم ماء الوجه بعد العودة الأمريكية الفاعلة في المنطقة.