الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ترامب و"الحرس الثوري": هل يستفيد نتنياهو من هدية ثانية؟

ترامب و"الحرس الثوري": هل يستفيد نتنياهو من هدية ثانية؟

11.04.2019
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الاربعاء 10/4/2019
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة صنفت "الحرس الثوري" الإيراني ضمن لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، معتبراً أن هذا الفصيل العسكري "أداة الحكومة الرئيسية لتوجيه وتنفيذ حملتها الإرهابية العالمية". ولأن القرار ينطوي أيضاً على فرض عقوبات اقتصادية وحظر سفر على كل جهة تتعامل مع المنظمة الخاضعة لهذا التصنيف، فقد حذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو "كل الشركات والمصارف حول العالم" وحثها على التأكد من أن "المؤسسات التي يقومون بعمليات مالية معها ليست على علاقة مادية مع الحرس".
يلفت الانتباه أولاً أن هذه هي المرة الأولى التي تشهد لجوء الولايات المتحدة إلى تصنيف جيش بأكمله، تابع لدولة أجنبية، ضمن لائحة الإرهاب، بالنظر إلى أن أجهزة الولايات المتحدة ذاتها يمكن أن تخضع لإجراءات معاملة بالمثل لا تقتصر على عناصر المخابرات المركزية الأمريكية بل قد تشمل جيوش الولايات المتحدة المنتشرة في دول أجنبية عديدة. ذلك يفسر ما أشارت إليه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية من أن بعض مسؤولي مجلس الأمن القومي الأمريكي والاستخبارات ووزارة الدفاع، في طليعتهم الجنرال جوزيف دنفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة، اعترضوا على التصنيف لما يمثله من مخاطر مباشرة على آلاف الأمريكيين العاملين في مختلف المهامّ الخاصة أو العامة والعلنية أو السرية. وهذا ما حدث بالفعل، إذ سارع مجلس الأمن القومي الإيراني إلى إدراج الجيش الأمريكي والقوات التابعة له في منطقة غرب آسیا (سنتكوم) على اللائحة الإيرانية للمنظمات الإرهابية.
كذلك يلفت الانتباه مقدار التناقض الذي اكتنف هذا القرار بخصوص تصنيف "الحرس الثوري" الإيراني إجمالاً، والتركيز على "فيلق "القدس" الذي يقوده قاسم سليماني خصوصاً. فمن المعروف أن بعض وحدات الجيش الأمريكي العاملة في العراق تعاونت مع ضباط هذا الفيلق في قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" اعتباراً من العام 2014، وتم ذلك سواء عبر الجيش العراقي أو "الحشد الشعبي" أو مباشرة أحياناً. كذلك فإن الوجود العسكري الإيراني في العراق لم يكتسب صبغة شبه شرعية فحسب، بل بات جزءاً لا يتجزأ من معادلة النفوذ الإيراني في البلد، وصار يشمل السلطتين التنفيذية والتشريعية على حد سواء، فمن ستعاقب الإدارة الأمريكية من حلفائها المسؤولين العراقيين الذين يتعاملون مع "الحرس الثوري"، ومن ستعفي من المحاسبة؟
ولم يكن خافياً على أحد أن توقيت إفصاح ترامب عن قراره جاء تزامناً مع الانتخابات الإسرائيلية، ليكون بمثابة الهدية الثانية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يخوض معركة بقاء شرسة يهددها فيها تحالف جدي مؤلف من جنرالات متقاعدين. ذلك لأنّ التطبيق الرسمي لتصنيف "الحرس الثوري" في لائحة الإرهاب كان مقرراً بتاريخ 15 من هذا الشهر، لكن ترامب استعجل إعلانه لهذا الغرض تحديداً، فاستحق من نتنياهو تغريدة باللغة العبرية خاطبه فيها بالحرف: "شكراً لأنك وافقت على مطلب آخر هام طلبته منك".
وإلى جانب المعضلات الكثيرة التي ستقع على عاتق المسؤولين القانونيين الأمريكيين في تطبيق هذا القرار غير المسبوق، والذي تفادت اتخاذه إدارتا جورج بوش الابن وباراك أوباما، سوف يكون طريفاً معرفة تفسير تلك الجهات القانونية ذاتها لجيوش أخرى مسلحة تنتهج العنف وانتهاك حقوق الإنسان وخرق القانون الدولي، مثل جيش الاحتلال الإسرائيلي مثلاً، أو الجيش الروسي، إذا وضع المرء جانباً جيوش الولايات المتحدة ذاتها.