الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ترامب مضطرٌ أن يكون جاداً

ترامب مضطرٌ أن يكون جاداً

25.04.2017
د. يحيى العريضي

د. يحيى العريضي
 كلنا شركاء
الاثنين 24/4/2017
قال لنا الروس بأنه لن يكون هناك استهدافات أمريكية جديدة لسورية” تصريح للمستشارة السياسية والإعلامية لنظام الأسد الدكتورة بثينة شعبان، إثر الزيارة الأخيرة بمعية وليد المعلم الى موسكو، بعد آخر كيماوي وأول ردة فعل أمريكية على ذلك. يعكس هذا التصريح رعباً من أي تغيّر بقواعد اللعبة؛ فالمستشارة تطمئن جمهور النظام بان الحصانة لا تزال موجودة، وقاعدة (تحريم استهداف منظومة الأسد، لا سورية) لا تزال فاعلة.
لا بد أن السيدة المستشارة لا تزال قلقة؛ فأول ما سُحِبَ من التداول ، وبشكل سريع، كان ذلك التصريح الروسي-الإيراني –الأسدي، بان هذا الثلاثي سيرد على أي استهدافات أمريكية جديدة. ولا ندري إن كان قد وصل المستشارة تبرير الروس لعدم تصديهم للضربة الأمريكية بأن “القوة الروسية في سورية لا لحماية النظام بل لحماية القواعد الروسية في سوريا“؛ ولا ندري إن كانت تستشعر أن الإحتكار الروسي للملف السوري لم يعد قائماً، وأن هناك خطة أمريكية من ثمان نقاط قد تم تقديمها من قبل “تيلرسون” وزير خارجية أمريكا لحامي الحمى السيد بوتين، أهم ما فيها دعوة روسيا لرفع الغطاء عن نظام الإجرام مقابل مكاسب وإغراءات لا طائل لشعبان او الخامينائي على توفيرها.
سحب الزمن إلى الخلف لم يعد يجدي أو ينفع من يعيش على الدم السوري؛ قبل آخر كيماوي والتوماهوك ليس كما بعدهما. قبلهما كان الأسد قد أصبح خارج معادلة الخروج من السلطة ليكون أي انتقال سياسي وحل للمسألة السورية؛ بعدهما أصبحت القاعدة- التي تحرص شعبان على الهروب منها كالهروب من الموت- “لا تسوية مع استمرار سيدها“.
في القواعد الجديدة للعبة الدم السورية، تم تخيير حامي الحمى بوتين بين دور الوسيط الساعي إلى حل سلمي وإنهاء الأزمة –انسجاماً مع تصريحاته وتصريحات وزير خارجيته- وبين دور المحتل الساعي إلى حماية نظام شرير مجرم: عسكرياً بالقصف والقتل؛  وسياسياً بحماية القاتل في مجلس الأمن. وبناء على اختيار الروس، يتم التعامل معهم أمريكياً وأوروبياً وإقليمياً.
لم تلحظ السيدة المستشارة ربما ملامح وجه السيد لافروف الذي فنى من عمره ست سنين في الدفاع عن قضية، وكانها قضيته الشخصية. عندما يُعرض على موسكو العودة إلى الساحة الدولية معززة مكرمة وملفاتها الموجعة من جورجيا، لأوكرانيا، لاقتصادها، للقرم، للنيتو، ستتم حلحلتها؛ وتبقى متمترسة عند حماية منظومة قتلة- كما تشتهي وتطمئن بثينة- فهذا إما خيانة عظمى لروسيا، او غباء مستطير، أو سلوك أرعن، او مهمة إسرائيلية لم تُنته بعد، أو لعبة ودهاء بوتيني يريد أن يخفف الصدمة كي تكتمل الصفقة و”الخلاص من السموم بشكل منظم”. وآخر الاحتمالات هو الأرجح وربما المتفق عليه؛ ولكن الست بثينة مطلوب منها الطمأنة.
إن آخر ما يجب أن يقلق السيدة المستشارة هو عودة ترامب لاستهداف نظامها. المقلق حقاً، بل والحاسم والمصيري هو أن “اللعبة انتهت”/ Game Over / . يبدو انه بالنسبة للسيد ترامب هناك تداخل بين الشخصي أو الذاتي، من جانب، والموضوعي، من جتنب آخر. ولامهرب من هذا الشخصي ، كي ترتسم ملامح السياسي (الموضوعي). الرجل بحاجة لإنجاز ما خلال المئة يوم الأولى من رئاسته؛ ولا يمكن أن تكون مليئة فقط بالانتكاسات. وسوء طالع عصابة دمشق أن تصرفها الأرعن باستخدام الكيميائي أتى ضمن هذه المئة يوم. فالزخم الشخصي اللاسياسي لترامب مضاف إليه الزخم السياسي والاستراتيجي الخبير، لمن حوله في الدفاع والخارجية، بلور تلك السياسة التي يشكو السيد لافروف من عدم اكتمالها. وهنا كانت صعقته باكتمالها وتقديمها انذار من ثمان نقاط لمعلمه عليه تدبر امره في سورية بناءً عليها لا على طمئنة السيدة بسينة.
لن يعود ترامب لاستهداف منظومة الأسد- كما تطمئننا الست بسينة- ولكن الاقتلاع من الجذور و”بشكل منظم” هو الذي سيحدث. ليس هناك تفاصيل بخصوص نوع المراهم أو الزيوت أو التخديرات، التي تستلزمها عملية الإقتلاع؛ سيكون ذلك جزء من “اكتمال وتبلور السياسة الأمريكية” كما يشتهي او لا يشتهي السيد لافروف؛ الذي لا ينفك هذه الأيام عن الحديث عن الإلتزام بالقرار 2254؛ وكأنه طوق نجاة يمكن من خلاله سحب الزمن إلى الخلف وتفسير “الانتقال السياسي” بالطريقة التي يشاء. كان السيد لافروف قد قال يوما ما معناه: “إننا نحن مَن وضع الـقرار 2254؛ ونحن نفسره بالطريقة التي نشاء”. ونقول له: لقد كان ذلك في الزمن الماضي سيد لافروف. أمامك الآن ما يسمى بالانكليزية- التي تعرفها تماماً- ultimatum”   “/ إنذار/. المكابرة أخت الغباء وابنة عم الوقاحة الفاضية. لن يفيدك كرهك للسوريين، وربما للروس أنفسهم. إن صَعُب عليك أن تكون وطنياً، فكن إنساناً على الأقل. ولا مانع من طمأنة بسينة؛ ولكن نطمئنك؛ ونعرف انك تعرف بأن ترامب مضطرٌ أن يكون جاداً. ترامب بطاقمه النادر يطمئن روسيا بأن ورطتها في سورية هي مِن صنعها، والمستنقع في انتظارها، إن هي لم تستجب للـ ” ultimatum    “.