الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تدهور أمني وفوضى خلاقة تجتاح الشمال السوري..هل ينتهز النظام الفرصة لشن معركة حاسمة في إدلب؟

تدهور أمني وفوضى خلاقة تجتاح الشمال السوري..هل ينتهز النظام الفرصة لشن معركة حاسمة في إدلب؟

10.05.2020
هبة محمد



القدس العربي
السبت 9/5/2020
دمشق – "القدس العربي": وسط حالة من التدهور الأمني وتصاعد الفوضى والتوتر ضمن مناطق النفوذ التركية، وبينما يواصل الجيش التركي، دفع المزيد من التعزيزات والقوات العسكرية التابعة له، إلى مناطق نفوذه شمال غربي سوريا، في دليل واضح على تحسس أنقرة لعداء جديد قد يتعين عليها التعامل معه في المستقبل القريب، يعتبر خبراء ومراقبون أن تركيا باتت تواجه مأزقاً في علاقاتها المتوترة مع "هيئة تحرير الشام" والجماعات اﻷخرى الذين رفضوا الصفقات بين روسيا وتركيا، مشيرين إلى أن سياسة الكبت التي قد تتبع مع "العناصر المتطرفة" لن تجدي نفعاً.
ويثير هذا العداء أسئلة حول الأسباب والحلول لتحول إدلب إلى ساحة حرب قد تشهد حمام دم بين الحلفاء الاستراتيجيين السابقين، وهل من الممكن أن ينتهز نظام الأسد هذه الفرصة المثالية لإعادة إطلاق هجومه على إدلب المنقسمة؟
المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر أن رتلاً عسكرياً تابعاً للقوات التركية دخل الأراضي السورية، ويضم عشرات الآليات، وذلك عبر معبر كفرلوسين الحدودي، متجها نحو المواقع التركية في محيط إدلب.
ولفت إلى أنه مع استمرار تدفق الأرتال التركية، فإن عدد الآليات التي دخلت الأراضي السورية منذ بدء وقف إطلاق النار الجديد بلغ 3060 آلية، بعد تعزيزات تركية سابقة، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة أكثر 10300 جندي تركي.
ويأتي تعزيز الجيش التركي لمواقع جنودها وزيادة أعدادهم في محيط إدلب، بالتوازي مع تصاعد مظاهر الفوضى التي تعول أنقرة تعول على ضبطها ضمن مناطق عملياتها في سوريا من خلال الاعتماد على الهياكل العسكرية والأمنية الموجودة.
لكن بنية هذه الأخيرة حسب مراقبين لـ "القدس العربي" تشكل بيئة ملائمة لتنفيذ أنشطة مستمرّة من قبل النظام السوري، وتنظيم داعش، وقوات سوريا الديمقراطية.
الباحث السياسي ماهر علوش اعتبر أن مظاهر الفوضى الأمنية، تستمر شمالاً، دون أن تجدي معظم الإجراءات التي تم اتّخاذها مسبقاً في الوصول إلى حالة استقرار مستدام أو نسبي على أقل تقدير. ومن تلك المظاهر تفجير عربة شحن مفخخة في مدينة عفرين شمال غربي حلب قبل أيام، لافتاً إلى أن هذه العمليات التي باتت تركّز على النوعية على خلاف السابقة التي كانت تركّز على الكميّة، قد تدفع تركيا إلى إعادة تقييم مستوى التدخل الأمني أو حتى العسكري.
وقال لـ "القدس العربي"، إن تركيا تسعى إلى ضبط الفوضى ضمن مناطق نفوذها، من خلال الأجسام العسكرية والأمنية التي تساعد أصلاً في هذه المهمة، حيث تفتقر الهياكل العسكرية والأمنية التابعة للمعارضة السورية شمال غربي سوريا إلى الحوكمة وتعاني من غياب المسؤولية والكفاءة، إلى جانب الضعف الشديد في الموارد، ما يُساهم في تعزيز بيئة عدم الاستقرار في مناطق انتشارها وسيطرتها.
وبيّن المتحدث أن عملية فرض الاستقرار تحتاج إلى موارد مالية كبيرة يتم تخصيصها لحوكمة الأجهزة الأمنية والعسكرية والإدارية، وهذا يشمل تدريب العناصر بشكل أوسع وأكثف على العمليات في الأماكن السكنية، تدمير العبوات الناسفة وغيرها في إطار مكافحة الإرهاب وفرض الأمن العام، عدا عن الحاجة الماسّة إلى توفير المعدّات اللازمة للكشف عن المتفجّرات وتزويد فرق الأمن بالكلاب المدرّبة.
وفي رأي علوش فإن تركيا لا تمتلك القدرة أو الرغبة على توفير الموارد المالية بالحجم الكبير حالياً، في ظل غياب اليقين حول مستقبل تواجد تركيا القانوني في سوريا، ما يدفعها إلى التركيز أكثر على دفع أموال في إطار التعافي المبكّر والاعتماد على الولاء كوسيلة لضبط حالة الفوضى أو التقليل من حدّتها، إلى جانب ترجيح الخيار العسكري.
وفي ظل ضعف الخيارات أمام تركيا من أجل حل الملف الأمني في مناطق عمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات، فإنّها قد تبدي موقفاً أكثر حزماً وإصراراً لحل ملف تل رفعت عسكرياً أو دبلوماسياً مع روسيا، لتقويض قدرة الخلايا النائمة في عفرين على تنفيذ عمليات أمنيّة انطلاقاً منها.
موقع "ميدل إيست مونيتور" اعتبر أن تركيا تواجه مأزقاً في علاقاتها المتوترة مع "هيئة تحرير الشام" والجماعات اﻷخرى" وأضاف "اذا بدأت في كبت هذه العناصر المتطرفة على غرار ما فعلت في عفرين وشمالي سوريا ضد ميليشيات الحماية فمن المحتمل أن تؤدي إلى حمام دم بين الحلفاء الاستراتيجيين السابقين، عندها يمكن لنظام الأسد أن يحظى بفرصة مثالية لإعادة إطلاق هجومه على إدلب المنقسمة". واعتبر أن أنقرة "واعية بمراكز المراقبة والحشد العسكري داخل المقاطعة، لذلك من غير المرجح أن تتخذ هذا الخيار".
وجاء في تقرير ترجمه موقع "نداء سوريا" المحلي، "في الوقت الذي أصبح فيه الأسد مزعجاً وعبئاً على أهداف روسيا بعيدة المدى في سوريا، فإن بعض الجماعات التي لها نفوذ في إدلب أصبحت ذات الشيء بالنسبة لتركيا".
وأشار إلى أن القوات التركية قتلت ثلاثة من أعضاء "هيئة تحرير الشام" فيما أصيب عدد من الجنود الأتراك في هذه العملية، وهذا "لم يكسر السلام غير المستقر بين تركيا وهيئة تحرير الشام فحسب بل زاد التوتر بشكل كبير بين تلك الجماعة والجماعات المدعومة من تركيا، مما مهد الطريق لمزيد من الاشتباكات" وفي الأيام التالية منعت الهيئة رتلاً عسكرياً تركياً من المرور إلى مدينة في ريف حلب، وحاولت فتح طريق تجاري مع النظام السوري عملاً ضد رغبات تركيا.