الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تدجين "الحل السياسي"

تدجين "الحل السياسي"

22.11.2018
ياسر الأطرش


سوريا تي في
الاربعاء 21/11/2018
منذ العام 2012، ما زال العالم يتواطأ على إطالة عمر الموت السوري، عبر مزاعم "الحل السياسي" الذي ما زال يراوح منذ ست سنوات، وإن كان قد لفّ ودار على طرقات جنيف وأستانة وسوتشي... من دون أن يصل دمشق، حيث يفرض السفاح شروطه مستقوياً بـ"بلطجة" إيران و"فيتو" روسيا.
ومنذ جنيف 2012، قرر العالم متمثلاً بالأمم المتحدة -نظرياً- أنه لا حل للقضية السورية غير الحل السياسي، الذي التوت طرقه وتعرجت بين العواصم، إلا أنها لم تُفضِ إلا إلى مزيد من الموت، فالآلة العسكرية لم تهدأ، والتفاوض لم يكن يعني لجم الوحش الذي يتربص بالسوريين.
ومع طول العهد وتقادمه، صار للحل السياسي نجوم معروفون ومشاهير
 يبدو دي مستورا متمسكاً بالمسرح، لقفل صفحة فتحها، إما ليقول إنه قد أنجز وعده، أو ليطوي الملف ويسلم الصفحة بيضاء لخلفه غير بيدرسون
ارتبطوا به وصاروا يُذكرون به ويُذكر بهم.. عن المعارضة: نصر الحريري، وعن النظام: بشار الجعفري، وعن العالم: السيد ستافان دي مستورا، النجم الأشهر الذي لا يريد أن يغادر المنصة حتى بعد انتهاء العرض!.
فمع إعلان استقالته وانتهاء مهمته بنهاية تشرين الثاني الجاري، يبدو دي مستورا متمسكاً بالمسرح، لقفل صفحة فتحها، إما ليقول إنه قد أنجز وعده، أو ليطوي الملف ويسلم الصفحة بيضاء لخلفه غير بيدرسون.
فالسيد دي مستورا لا يريد أن يغادر منصبه قبل حسم مسألة "اللجنة الدستورية"، ولذا فربما يمدد مهمته شهراً آخر بطلب أو توافق مع أمين عام الأمم المتحدة، ليعلن التئام ونجاح تلك اللجنة، أو ليعلن وفاتها، وهو الغالب، لأن شروط النظام التي وردت في رساليتن وجههما للأمم المتحدة، تجعل من تشكيل اللجنة ضرباً من ضروب المستحيل، وإن شُكلت وفق تلك الشروط فإنها تصبح كـ"لجنة الدستور في مجلس الشعب"!.
دي مستورا الذي قوّض مقررات جنيف1، وسهّل طريق قطار المفاوضات إلى دهاليز أستانة وسوتشي، وقزّم الحل إلى مجرد استسلام منمق، لن يحصد مجد المساهمة في حل المعضلة السورية، بل سيغادر موقعه
ما مهمة دي مستورا أو من سيخلفه، إلا كصانع أقنعة للممثلين، أو مُضلل يخفي آثار الجرائم ويخلط الأوراق وصولاً إلى تحوير المشهد من جريمة إبادة يمارسها نظام بحق شعب
غير مذكور بخير من أحد، لكن التاريخ سيذكر أن هذا الرجل هو الذي طوّع المواقف لصالح سفاح العصر ونظامه، وهو الذي انتصر سياسياً على المعارضة، وهو الذي نسف "الحل السياسي" وقاد عمليات التهجير القسري والتغيير الديمغرافي، وهو الذي عمل على إرساء دعامات نظام القتل، من خلال اختصار الثورة في "تعديل دستوري" يضمن بقاء الأركان جميعها، مع مشاركة تجميلية للمعارضة، كل ما تفعله هو أنها تزيد شرعنة القتلة كنظام حكم ديموقراطي!.
الدول المحتلة والمتسلطة على الأرض السورية والقرار السوري، تحشد المزيد من المخططات والقوات، وتمعن في تكريس التقسيم جغرافياً وثقافياً  وفكرياً.. وعقب انتهاء كل معركة، وفي الاستراحات بين معركتين، تعلن أنه لا حلَّ عسكرياً للقضية السورية!. وما مهمة دي مستورا أو من سيخلفه، إلا كصانع أقنعة للممثلين، أو مُضلل يخفي آثار الجرائم ويخلط الأوراق وصولاً إلى تحوير المشهد من جريمة إبادة يمارسها نظام بحق شعب، إلى حرب يتقاتل فيها طرفان.. وبفضل دي مستورا وحده صار 12 مليون سوري قتيل ومُهجر ومعوّق.. طرفاً في الحرب وشركاء في الجريمة!..
وأغلب الظن أن السيد دي مستورا سيغادر المسرح بنهاية العام الجاري، مغلقاً ملف "اللجنة الدستورية"، ليفتح خليفته بيدرسون ملفاً جديداً على طريق "الحل السياسي".. ذلك الحل الذي أصبح "مؤيداً" في محطة أستانة، و"شبيحاً" في سوتشي..