الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تحديات لروسيا بعد دعم مجلس الأمن وقف النار خروق الهدنة تنسف فرصة مفاوضات آستانة ؟

تحديات لروسيا بعد دعم مجلس الأمن وقف النار خروق الهدنة تنسف فرصة مفاوضات آستانة ؟

05.01.2017
روزانا بومنصف


النهار
الاربعاء 4/1/2017
تشكل الخروق الذي يرتكبها النظام السوري للهدنة التي رعتها روسيا وتركيا، تحديا كبيرا، خصوصا إذا كانت روسيا تنوي الدعوة الى مفاوضات ثنائية بين النظام وبعض المعارضة السورية في استانة في قازافستان في 15 من الجاري، وفق ما أبلغت روسيا الاعضاء في مجلس الامن قبيل السعي الى حصولها على تصويت المجلس على قرار يدعم مشروع القرار الروسي لوقف النار في 31 كانون الاول المنصرم. استعجلت روسيا وحرصت على تمرير قرار بين الاعلان عنه في 30 كانون الاول والسعي الى الحصول على دعم مجلس الامن في 31 منه، من اجل ان تأخذ من المجلس شرعية لمشروعها، وتاليا للمفاوضات التي تنوي ادارتها. اكتسب اجتماع المجلس قبيل ساعات من نهاية السنة عاملا مفاجئا الى حد كبير، خصوصا مع موافقة الدول الاعضاء على إعطاء روسيا الدعم للقرار الذي رعته. لكن مصادر ديبلوماسية تبرر هذه المرونة من جانب المجلس، في الوقت الذي لم تتمتع روسيا في اي لحظة بأي مرونة ازاء موضوع سوريا، وشهرت الفيتو 6 مرات جنبا الى جنب مع الصين الذي يعتبر ديبلوماسيون كثر أن تنسيقا كاملا يتم بين الدولتين على هذا الصعيد، حيث تسلم الصين بالسياسة الخارجية التي تعتمدها روسيا في هذا المجال. وكان آخر الفيتوات الذي استخدمته روسيا في 5 كانون الاول الماضي ضد مشروع يهدف الى إنقاذ حلب ومنع السيطرة عليها من النظام. التحدي الذي يواجه روسيا يتصل بما إذا كان عدم صمود الهدنة سيساعدها او سيمهد الطريق للمفاوضات ام لا، على رغم ان مجلس الامن لم يعط روسيا شيكا على بياض في هذه المسألة، وأعاد المفاوضات تحت مظلة الامم المتحدة. فأعضاء مجلس الامن، أظهروا وفق ديبلوماسيين معنيين المرونة انسجاما مع طموحهم لوقف النار في سوريا وإعطاء فرصة لاي اتفاق يمكن ان يساهم في منع سقوط المزيد من الضحايا ويمكن ان يشكل خطوة نحو انهاء الحرب، ايا كان من ينجح في تحقيق هذه الخطوة. ولم تشأ عواصم مؤثرة على خلاف مع موسكو أن تظهر كأنها غير داعمة او متحفظة عن وقف النار، لكنها عمدت الى إظهار تحفظها عن مضمون القرار الذي قدمته موسكو، فأعطت بذلك دفعا وصدقية لاتفاق وقف النار، لكن دون سائر الخطوات كما كانت ترغب روسيا، وقد استفادت الدول الاخرى الاعضاء من الحاجة الروسية الى تمرير قرار يكسب ما قامت به غطاء دوليا شرعيا من أجل إدخال تعديلات جذرية سمحت بإعادة الاعتبار الى قرارات مجلس الامن. فإلى اهمية وقف النار، ثمة اهتمام دولي ايضا بانطلاق العملية السياسية بحيث لا يمكن ان يقف المجتمع الدولي ضد هاتين النقطتين اللتين وافق المجلس عليهما، لكن دون تبني وثائق الاتفاق التركي- الروسي التي لم تكشف تفاصيلها، وإن عرضت على الدول الاعضاء كيفية تطبيق وقف النار ومراقبة الخروق وتشكيل النظام والمعارضة التي ستشارك في مفاوضات استانة، باعتبار ان هناك المعارضة التي تؤثر عليها تركيا والاخرى التي تؤثر عليها القاهرة، فيما استبعدت المعارضة التي تتأثر بدول الخليج والمملكة السعودية.
 
ويقول الديبلوماسيون أنفسهم إن ثمة مقدارا كبيرا من عدم الوضوح في مضمون ما حمله المشروع الروسي لجهة التمييز بين المعارض المعتدل والآخر ممن يطلق عليه وصف الارهابي. وبمقدار ما كان الامر معقدا تطبيقه في الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة في هذا السياق، فإنه ينسحب على الواقع الراهن، على رغم أن تركيا هي من الدول المؤثرة في الميدان السوري على عكس الولايات المتحدة. لكن التحدي سيلقى على عاتق روسيا من أجل الإثبات أنها تستطيع السير باتفاق أملته مع تركيا وإيران على اللاعبين السوريين، علما أنها تدرك أن الحرب السورية أكثر تعقيدا، وثمة تبسيط كبير في اتفاق مع تركيا وايران ينهي الازمة. فأحد التحديات التي تلازمت تقريبا مع صدور قرار مجلس الامن هو ما حصل في تركيا في ليلة رأس السنة من عمل إرهابي يأتي معبرا بقسوة عن وضع صعب لتركيا، خصوصا بعد عمل إرهابي آخر لا يقل قسوة، تمثل باغتيال السفير الروسي لدى تركيا. فثمة أسئلة مهمة تثار حول قدرة تركيا على الاضطلاع بما اضطلعت به مع روسيا، والى أي مدى يمكن ان تذهب اذا كانت تهدئة الوضع في سوريا سيرتد عليها أعمالا تهز استقرارها وأمنها على نحو خطير، علما أن ثمة أسئلة عن مدى إتاحة المشاركة للأكراد في استانة مثلا، او هل سيتم تصنيفهم من خارج من يسري عليهم وقف النار أم لا؟. الأسئلة الأخرى تتصل بما إذا كان النظام وايران هما على الصفحة نفسها مع روسيا فعليا وليس كلاميا فحسب، ليس فقط انطلاقا من خروق للهدنة قد لا يتوقع كثر أن تسري على نحو فاعل فورا وتلقائيا، بل لاعتبارات وحسابات أخرى مختلفة كليا عن الحسابات الروسية. وبحسب الديبلوماسيين أنفسهم، فإن الكثير سيكون على المحك بالنسبة الى روسيا إذا لم تنجح في مسعاها، خصوصا انها حصلت على الدعم من مجلس الامن لوقف النار وعدم الممانعة في انطلاق مفاوضات سياسية، بحيث لا يمكنها أن تلقي التبعة في التعثر على مواقف دول لا توافقها في اسلوبها ولا في مقاربتها الطموحة في المنطقة.