الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تحديات قمم ترامب في الشرق الأوسط

تحديات قمم ترامب في الشرق الأوسط

25.05.2017
د. خليل حسين


الخليج
الاربعاء 24/5/2017
تشكل القمم الأمريكية الخليجية العربية الإسلامية التي عقدت في الرياض تحديات كبيرة للإدارة الأمريكية، لاسيما أن ثمة استحقاقات كثيرة تنتظر إجابات من الصعب التفلت منها. أولاً فيما خص العلاقات الأمريكية العربية والإسلامية والقضايا المتعلقة بها، علاوة على الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، وما يمكن أن يقدمه دونالد ترامب في زيارته ل"إسرائيل". إذ تكتسي جولته أهمية فاصلة وهي سابقة في جولات الرؤساء الأمريكيين، إذ تعتبر المرة الأولى التي يبدأ فيها رئيس أمريكي جولته الأولى إلى المنطقة، بعدما جرت العادة أن تكون الوجهة إحدى جاراته كندا أو المكسيك، أو بريطانيا.
وفي أي حال من الأحوال، كرست قمم ترامب دعمها لزعامة السعودية في المنطقة والوقوف خلفها في القضايا ذات الأبعاد الاستراتيجية إقليمياً، وبخاصة لجهة العلاقات الإيرانية الخليجية وما يعتريها من قضايا وملابسات كثيرة. فالرئيس الأمريكي مطالب بعد الآن بتصحيح العلاقات العربية والإسلامية الأمريكية بعدما بدأ عهده بسلسلة مواقف وإجراءات وضع بموجبها سبع دول عربية تحت مجهر المراقبة بذريعة مواجهة الإرهاب، وهي مهمة تتطلب جهداً مشتركاً لبلورة سياقات حوارية حول تعايش الثقافات والحضارات ومن بينها ذات الصلة بقضايا المنطقة، الأمر الذي يذكرنا بما بدأه مثلاً خلفه الرئيس باراك أوباما في خطابه الشهير في القاهرة بداية عهده في العام 2009.
ثمة ضرورة قصوى لإعادة هندسة التفاعلات الإقليمية، خاصة في ظل عودة الدور الأمريكي بشكل لافت إلى المنطقة بعد الضمور الذي ساد إدارة أوباما والتي أدت إلى صعود أدوار أخرى مثل الأدوار الروسية والتركية والإيرانية و"الإسرائيلية". كما ثمة ضرورة لمواجهة الإرهاب في المنطقة، عبر إغلاق ما يحدث في سوريا واليمن وليبيا والعراق وغيرها . وتحجيم التدخلات الخارجية في الواقع العربي والحد منها. وإيجاد تسوية عادلة للصراع العربي-"الإسرائيلي" عبر تحريك الملف الفلسطيني.
وفي المقلب الآخر من التحديات هو ما واجهه في "إسرائيل" من مطالب مزمنة، أولها، استمرار الضغط على إيران، وفي مقدمها إبقاء العقوبات المفروضة، بهدف عدم تحرير أموال إيرانية تتيح التدخل أكثر في سوريا ولبنان وغزة، الأمر الذي يشكل خطراً على أمنها، كما التنسيق الدائم معها فيما يتعلق بالضغط المستمر على طهران للحد من تطويرها للصواريخ البالستية. أما المطلب الثاني فيتعلق بما يجري في سوريا، في الجزء الأول، انتزاع الاعتراف الأمريكي بالسيادة "الإسرائيلية" على هضبة الجولان، والثاني أخذ المصالح الأمنية ل"إسرائيل" بالاعتبار في أية صفقة محتملة يمكن التوصل إليها مع روسيا. وثالثاً في الشق الفلسطيني ستطلب "تل أبيب" من ترامب العمل على الإيفاء بوعده الانتخابي بنقل السفارة الأمريكية في "إسرائيل" إلى القدس، كما عبّر بنيامين نتنياهو: "من أجل تبديد الوهم الفلسطيني بأن القدس ليست عاصمة "إسرائيل". ورابعاً في الشق الفلسطيني أيضاً، تعزيز الاستيطان وحماية مصالح "إسرائيل" في المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث تسعى "إسرائيل"، إلى إقناع ترامب بصعوبة التوصل إلى اتفاق على أساس المطالب الفلسطينية المتعلقة بالحدود وحق العودة والقدس. كما ستطلب "إسرائيل" على أن تكون الدولة الفلسطينية الموعودة منزوعة السلاح، ومحاولة الحصول من الرئيس الأمريكي على الموافقة للبناء في كل القدس، وداخل الكتل الاستيطانية الكبرى. أما خامس المطالب "الإسرائيلية"، ضمان الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي في المنطقة وهو أمر لا يغيب عن بال واشنطن.
إن نجاح قمم ترامب في المنطقة تتطلب استراتيجيات واضحة ومحددة لمعالجة الإشكاليات التي تواجهها المنطقة، إن لجهة شكل النظام الإقليمي وطبيعة العلاقات المستقبلية بين أمريكا والعالمين العربي والإسلامي، أو مكافحة الإرهاب، علَّ وعسى ألا تكون تداعيات جولته نسخة لما سبق من جولات لرؤساء سابقين.