الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تفجير السفارة الأميركية كان نقطة تحوّل فأي تغيير مع استهداف السفارة الإيرانية؟

تفجير السفارة الأميركية كان نقطة تحوّل فأي تغيير مع استهداف السفارة الإيرانية؟

23.11.2013
اميل خوري


النهار
الجمعة 22/11/2013
محاولة تفجير السفارة الايرانية في بيروت تذكّر بعملية تفجير السفارة الاميركية في بيروت ومقري مشاة البحرية الاميركية والجنود الفرنسيين الذين كانوا في عداد القوة المتعددة الجنسية التي تقرر ارسالها الى لبنان لوقف الاقتتال فيه وتوصلاً الى حلّ الأزمة اللبنانية. وقد اضطرت القوة بعد تلك التفجيرات الى مغادرة لبنان قبل أن تتوصل الى انجاز مهمتها.
وكان سفير الاتحاد السوفياتي آنذاك زار مسؤولاً لبنانياً وأبلغه بوضوح وصراحة أن بلاده لن تسمح للولايات المتحدة الأميركية بان تتولى حلّ أزمة الشرق الأوسط بمعزل عنه، وعندما قال له المسؤول إن الحل يقتصر على الأزمة اللبنانية ولا علاقة له بحلّ أزمة الشرق الأوسط، أجاب السفير السوفياتي أن المعلومات تخالف ذلك فحلّ الأزمة اللبنانية فقط، لا يحتاج الى وجود قوة متعددة الجنسية تساندها المدمّرة "نيوجرسي" المشهورة بمدفعها العملاق، إنّما لحل أزمة الشرق الأوسط انطلاقاً من حلّ الأزمة اللبنانية. لذلك فان الاتحاد السوفياتي سوف يلجأ الى كل الوسائل المتاحة لمنع الولايات المتحدة الأميركية من تحقيق أهدافها في المنطقة من دون مشاركة بلاده...
وشاع يومئذ أن الاتحاد السوفياتي وحلفاؤه في المنطقة لم يكونوا بعيدين عن عمليات التفجير، وقد استعان بعناصر ارهابية لتنفيذها، وكانت الحرب الباردة بين الدولتين العظميين على أشدها.
وانسحاب القوة المتعدّدة الجنسية من لبنان تحت ضغط التفجيرات كانت نقطة تحوّل في السياسة الاميركية في المنطقة، إذ انها كانت بداية عقد صفقة مع الرئيس حافظ الاسد لحلّ الأزمة اللبنانية وجعل هذه الصفقة تحظى بموافقة عربية وعدم ممانعة اسرائيلية. وقد أدت تلك الصفقة الى عقد مؤتمر الطائف.
وعندما أعلن زعماء مسيحيون معارضتهم للاتفاق وامتناعهم عن حضور لقاءات الطائف ما لم يتم ادخال تعديلات على بعض نصوصه، بعدما تبين لهم ان في الاتفاق نصوصاً لا تمس وقد كتبها الرئيس حافظ الاسد بخط يده وتتعلق بمهمة القوات السورية في لبنان ومدة بقائها، عندها تغاضت الولايات المتحدة عن قيام سوريا بضغط عسكري مباشر على الجبهات التي تتقاتل فيها الميليشيات المسيحية ضد الفصائل الفلسطينية وحلفائها اللبنانيين وتولى مسؤولون في السفارة الاميركية في بيروت اقناع عدد من النواب المسيحيين بضرورة حضور لقاءات الطائف اذا كانوا يريدون حلاً للأزمة اللبنانية.
ولم تنفع محاولات مسؤولين سوفيات لثني الرئيس حافظ الأسد عن إرسال جيشه الى لبنان لأنها ستصطدم بحلفائهم فيه مذكرين إياه بالمعاهدة السوفياتية المعقودة معه، لكن الصفقة الاميركية المغرية جعلت الرئيس الاسد يتجاهل تلك المعاهدة ويتولى مهمة اخراج المسلحين الفلسطينيين من لبنان الى تونس وهو ما اشترطته اسرائيل للموافقة على دخول قوات سورية الى لبنان.
والسؤال المطروح هو: هل تكون محاولة تفجير السفارة الايرانية في بيروت نقطة تحوّل في السياسة الاميركية في مواجهة الأزمة السورية وأزمات في دول عربية بعدما التقت مع روسيا على اهداف مشتركة تصون مصالحهما الحيوية في المنطقة وتحميها من الارهاب خصوصاً انه لم يعد بينهما حرب باردة كما في الماضي.
وبالاتفاق الاميركي – السوري على التفاصيل يمكن التوصل الى حل مشكلات المنطقة وتقاسم النفوذ، ومع استمرار هذا الاتفاق لن تكون حروب كبرى بعد اليوم لأنها أصبحت حروب دمار شامل تستخدم فيها الاسلحة المتطورة بحيث لا يخرج منها غالب ومغلوب كما في الماضي، بل قد تقع حروب صغيرة تبقى تحت سيطرة الدول الكبرى.
واذا كانت الولايات المتحدة الاميركية عقدت في الماضي صفقة مع سوريا حافظ الاسد ومن وراء ظهر الاتحاد السوفياتي، فمع من ستعقد صفقة جديدة لحل الأزمة السورية والأزمات في المنطقة بالاتفاق مع روسيا وبالتنسيق مع حلفاء كل من الدولتين؟
ثمة من يقول إن الضغط العسكري للجيش النظامي السوري على مسلحي المعارضة في سوريا وتحقيق تقدم على الأرض قد يكون شبيهاً بالضغط العسكري الذي تعرضت له الميليشيات المسيحية في حرب لبنان لتلبية الدعوة الى مؤتمر الطائف، وهو ما يحصل اليوم على المعارضة السورية كي تلبي الدعوة الى مؤتمر جنيف 2 بدون شروط تعجيزية مسبقة مثل رفض حضور هذا المؤتمر اذا كان للرئيس بشار الاسد دور فيه خصوصاً بعدما اصحبت وجهات النظر بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا متقاربة حول مصير الأسد.
وفي المعلومات ان التقدم في المفاوضات حول الملف النووي الايراني قد يكون ثمنه صفقة تعقد مع ايران فتضع سوريا تحت وصاية ايرانية غير مباشرة تدعم الحكم في مكافحة الارهابيين والاصوليين بعدما اصبحوا العدو المشترك يسمى بالتكفيريين ليس للدولتين العظميين فحسب بل لكل دول الاعتدال.
emile.khoury@annahar.com.lb