الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تجدد الاهتمام الدولي بالأزمة السورية

تجدد الاهتمام الدولي بالأزمة السورية

23.10.2018
محمود الريماوي


الخليج
الاثنين 22/10/2018
من المقرر أن تلتئم في أنقرة يوم السبت المقبل 27 أكتوبر الجاري، قمة تجمع قادة فرنسا وروسيا وألمانيا وتركيا لبحث الأزمة السورية من جميع جوانبها، انطلاقاً من تفحص اتفاق إدلب. وبانعقاد هذا اللقاء الرباعي، يتجدد الاهتمام الدولي على مستوى عالٍ بهذه الأزمة التي تشهد عامها الثامن. وكان لقاء تمهيدي قد جرى في الرابع عشر من سبتمبر الماضي على مستوى كبار المستشارين، وذلك تحضيراً لهذه القمة الرباعية، ولم يمض سوى ثلاثة أيام على ذلك اللقاء التمهيدي، حتى تم الاتفاق في سوتشي بين روسيا وتركيا على اتفاق إدلب. وكانت موسكو قد أبدت بعض التردد في المشاركة بهذه القمة الرباعية، قبل أن تعود عن ترددها وتقرر المشاركة، خشية انعقاد قمة ثلاثية في غيابها.
لا شك الآن أن هناك تفاؤلاً يتسم بالحذر، إزاء حظوظ هذا اللقاء بالنجاح. وذلك نظراً لاتساع شقة التباين في رؤى الأطراف الأربعة. فتركيا تمنح أولوية للوضع في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الكردية المسلحة، وثمة اتفاق أمريكي - تركي، على تسيير دوريات مشتركة في أحد معاقل الأكراد وهي مدينة منبج التي تقع شمال شرقي سوريا والتي تضم أغلبية عربية بين سكانها المئة ألف نسمة. إضافة إلى تعزيز الوجود التركي في محافظة إدلب حيث تتمركز 12 نقطة عسكرية تركية. وإذ تتفق موسكو وأنقرة على إنهاء الوجود العسكري للحركة الكردية، فإنهما تختلفان حول من يتولى السيطرة على تلك المناطق في حال تقهقر القوات الكردية.
وإلى ذلك فإن موسكو تمنح أولوية لمسألة إعادة الإعمار وعودة اللاجئين السوريين من الخارج وتعداد هؤلاء بضعة ملايين، وقد عاد مئات منهم من الأردن بصورة طوعية، كما عاد بضعة آلاف منهم من لبنان بصورة يصعب وصفها بالطوعية. وحول هاتين المسألتين تبرز خلافات في الرؤى بين موسكو وكل من باريس وبرلين. فهاتان العاصمتان تربطان الإعمار وعودة اللاجئين، بالتقدم على طريق الحل السياسي لمجمل الأزمة، وترفضان إعادة اللاجئين بصورة غير طوعية، كما تعتبران أن من المبكر الحديث عن إعادة الإعمار قبل أن تضع الحرب نهاية لها.
وتتفق الأطراف الأربعة على مكافحة بقايا تنظيم "داعش" الإرهابي، ولكن من دون عمل مشترك بينها حتى الآن، ومن المنتظر أن ينجح هذا اللقاء مبدئياً في رسم صورة لجهد إقليمي ودولي لمحاربة التنظيم الإرهابي.
كما سيتعرف هذا اللقاء الرباعي، على فرص إخراج تنظيم "النصرة" الإرهابي من منطقة إدلب، والجهود المبذولة وبالذات من طرف تركيا لتحقيق هذا الهدف الذي نص عليه اتفاق إدلب.
وإضافة إلى ما تقدم فإن من المنتظر أن تخيم مسألة الوجود الإيراني على الأراضي السورية على هذا اللقاء، وتالياً وبصورة أو بأخرى مسألة وجود القوات الأجنبية في هذا البلد (القوات الفرنسية في الحسكة شمال شرقي البلاد.. مثلاً)، وهي مسألة شائكة تتعلق بمصالح الدول ونفوذها، ويحتاج التوصل إلى وضع حل لها، إلى اتفاق إقليمي ودولي حول مستقبل سوريا، ليس على الأمد البعيد بل خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يعيد الوضع إلى نقطة البداية وهي أهمية وضع حل سياسي بين السوريين أنفسهم وبرعاية أممية، وعلى الأخص من الأمم المتحدة التي سبق أن أصدرت قرارات حول الأزمة. وما يتطلب توسيع دائرة هذا اللقاء بإشراك أطراف دولية وإقليمية ذات تأثير على مجرى الحلول المأمولة، علماً أن صمود اتفاق إدلب رغم الخروقات العسكرية، يمثل بارقة أمل في توسيع إطار هذا الاتفاق وبصورة تجمع بين الجوانب العسكرية والسياسية.
وبين عودة اللاجئين والبدء بالإعمار جنباً إلى جنب مع حل سياسي لا بد أن تتفق الأطراف فعلياً عليه وبخطوات ملموسة، وليس على طريقة ترداد عبارة: "أن لا حل عسكرياً للأزمة"، وهي العبارة التي ظلت ترددها مثل الكليشيه، الأطراف المنغمسة في الحرب وبالذات الطرف الإيراني، الذي واظب (في المحافل الدولية كما على الأرض) على رفض كل حل سياسي للأزمة، وحسناً أنه قد تم استبعاده من هذا اللقاء الرباعي المقرر بعد أيام، والذي يؤمل أن يحقق بعض النجاح في تضييق شقة الخلاف بين أطرافه، بما ينعكس إيجاباً على الأرض، وييسر مهمة أي مبعوث جديد للأمم المتحدة بعد استقالة ستيفان دي ميستورا، ويضع حداً لمسلسل الكوارث التي أصابت المدنيين والمرافق المدنية وعطلت دورة الحياة الاقتصادية، وراكمت من المشكلات والتحديات ما يحتاج الى جهود جبارة وأموال طائلة لمواجهة آثارها.