الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بين روسيا التي تسحب قواتها وبقاء "حزب الله" استبعاد الحل السوري بالرهان على المفاوضات؟

بين روسيا التي تسحب قواتها وبقاء "حزب الله" استبعاد الحل السوري بالرهان على المفاوضات؟

12.01.2017
روزانا بومنصف


النهار
الاربعاء 11/1/2017
كان لافتا لمراقبين إعلان هيئة الأركان الروسية الاسبوع الماضي البدء بتقليص قواتها في سوريا وسحب مقاتلات لها وحاملة الطائرات التي تحمل اسم الاميرال كوزينتسوف، وذلك بعد أسبوع من إعلان هدنة بين النظام والمعارضة في جميع أنحاء سوريا برعاية روسية وتركية. لا يتوقف المراقبون عند الاعلان الروسي لجهة احتمال تأثيره على القوة الروسية في سوريا التي غدت مؤمنة عبر قواعد عسكرية مضمونة واتفاقات طويلة المدى، علما أن روسيا سبق أن أعلنت انسحابا تكتيا في آذار الماضي قبل أن تعود فتنخرط أكثر في الحرب الى جانب النظام وتمكّنه من إعادة كسب الأراضي التي خسرها. فهذا الاعلان مرتبط تنفيذه باعتبارات روسية على الارجح كما يقول المراقبون، فيما قد يفهم كثر توجيه رسائل سياسية لهذه الخطوة، من بينها ان روسيا اطمأنت الى انتهاء مرحلة مهمة من المعارك باعادة تمكين النظام من السيطرة على حلب، وانها جادة في الدعوة الى مفاوضات بين هذا الاخير والمعارضة، على أساس أن في حساباتها في الافق المنظور سعيا الى حل سياسي لا الى حل عسكري في سوريا، وانها ربما تستطيع طمأنة المعارضة الى الدور الروسي. تبعا لذلك، بدا لافتا إعلان المستشار الاول لمرشد الجمهورية الاسلامية علي أكبر ولايتي من طهران، في وقت متزامن تقريبا مع الموقف الروسي المعاكس، رفضه الكلام على خروج "حزب الله" من سوريا، معتبرا أن الكلام على هذا الموضوع بعد اتفاق وقف النار هو "دعاية الاعداء". هذا الرفض كرره رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية الايراني علاء الدين بروجردي من بيروت في عطلة الاسبوع، قائلا ان مهمة الحزب في سوريا لم تنته بعد. الموقف الايراني ارتبط على نحو مباشر في هذا التوقيت بما تردد عن مطالبة تركيا بسحب كل الميليشيات الاجنبية من سوريا، و"حزب الله" من ضمنها، في إطار إنجاح وقف النار. وهو أمر أكده المسؤولون الايرانيون بالطلب من تركيا الانسحاب من سوريا، لأن وجودها فيها لم يحصل بطلب من الحكومة السورية، بحيث يرمي الى إقفال النقاش مع تركيا ومطالبتها بهذه النقطة. لكن هذه النقطة الاخيرة بالذات ليست جديدة في الواقع، وسبق للامين العام لـ"حزب الله" أن أعلن أن الحزب سيبقى في سوريا "حتى الانتصار على التكفيريين". لكن حتى مع الإقرار بارتباط السجال الذي دار بصراع النفوذ في المواقع والتأثير بين أفرقاء اتفاق الهدنة الثلاثي الذي أمنته روسيا مع تركيا وايران، فإن الاعلان عن بقاء الحزب في سوريا يناقض الى حد بعيد الاطمئنان الذي توحيه موسكو عن قرب انطلاق المفاوضات، وتاليا الحل السياسي بدل الحل العسكري. والواقع أن الموقف الإيراني يفيد بأن مصالح إيران تتناقض، أو ليست هي نفسها مصالح روسيا، فضلا عن الإيحاء أن النظام، على غير ما يوحيه الاطمئنان الروسي الى أن الهدنة اذا استمرت وتم تدعيمها بالمفاوضات هي التي تسمح بسحب بعض القوى الروسية، لا يزال في حاجة الى وجود التنظيمات التي تساعده، ولن يستطيع التخلي عنها، باعتبار أن الوهن الذي أصاب قواته ليس سهلا ترميمه او معالجته، وهو لا يزال في حاجة الى إيران التي بدورها تتمسك بتعزيز نفوذها في سوريا، ومنها في لبنان واليه. واذا تم عطف الموقف الايراني على كلام الرئيس السوري الذي يتطلع الى استعادة كل الاراضي السورية كما قال، فإن ذلك يرسخ الاعتقاد أن ما يجري تحضيره على صعيد مفاوضات استانة قد لا يتجاوز اطار التكتيك والحاجة الى الهدنة الراهنة ليس إلا. وسبق أن أقرت روسيا بخرق قوات الرئيس الاسد وقف النار، لكن من دون أن تتخذ أي إجراءات في مقابل التذرع بأن وجود "النصرة" او "داعش" مبرر لخرق الهدنة، علما أن أيا من عواصم الدول المؤثرة لا يقر لروسيا بهذا الواقع، أي سعيها وراء الارهابيين، بل هي سعت الى إنقاذ النظام وتعزيز موقعه وأوراقه وفق ما يقول ديبلوماسيون مؤثرون أو ما تقر به حتى الامم المتحدة.
يغلب الاقتناع في الواقع لدى غالبية المراقبين الديبلوماسيين للشأن السوري بأن مفاوضات استانة ليست هي التي ستبدأ طريق الحل في سوريا، وما حصل حتى الآن لا يمهد الطريق الى ذلك، على رغم ان وقف سقوط القتلى كما كان يحصل يعتبر أمرا إيجابيا. فاطراف الاتفاق الثلاثي عززوا مواقعهم واوراقهم قبيل تنصيب الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب في 20 من الجاري، وكذلك الامر بالنسبة الى الرئيس السوري، في حين يعتقد كثر أن ثلاثة أمور ستكون متكررة خلال الاشهر المقبلة، أولها الهُدن أو وقف النار، خصوصا متى كانت نية الرئيس السوري متابعة محاولة اعادة السيطرة على المزيد من الاراضي السورية، ثم الحرب المستمرة على تنظيم "الدولة الاسلامية" التي يمكن أن يعززها انخراط الرئيس الاميركي مع روسيا في هذا الاطار، ومن ثم فشل جولات المفاوضات السياسية على وقع الخروق للهدنة من جهة، ورفض المعارضات السورية ما يعرض عليها من حلول لن تكون سوى لكسب الوقت وتعزيز الرئيس السوري موقعه أكثر فأكثر من جهة أخرى.