الرئيسة \  مواقف  \  بيان مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين في سورية في ختام دورته العادية الرابعة – أيلول 2016 م

بيان مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين في سورية في ختام دورته العادية الرابعة – أيلول 2016 م

29.09.2016
جماعة الإخوان المسلمين في سورية


بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد...
تمرّ سوريّة اليوم في أشدّ أوقاتها حلكة، يتداعى عليها الأعداء من كل حدب وصوب؛ يدمرون إنسانها الكريم، وأرضَها المباركة. وفي هذا الوقت العصيب، عقدت جماعة الإخوان المسلمين في سوريّة الدّورة العاديّة الرابعة لمجلس الشورى؛ والتي كانت محطة لمراجعة المواقف، وتدارس الأوضاع والأحداث التي تمرّ بسورية والسوريين، ولرسم الخطة التي تلائم المرحلة بمستجداتها وتطوراتها المتسارعة.
إنّ أقسى ما شهدته سوريّة خلال أعوامها الستة الثائرة يتلخص اليوم بما تتعرّض له حلب الشهباء من بغي وحرب إبادة شاملة، وانتهاك لكل الحرمات، وخرق لكل ما تعارف عليه البشر من قوانين ومعايير وأخلاق؛ يتعاضد فيها الشرق والغرب وكل قوى الشر، على فئة مؤمنة عزلاء إلاّ من الكرامة والصمود، يفرضون عليها حلاً عسكرياً جائراً، يُسوّقونه على أنه الحلّ السياسي المنشود.
لقد كشفت مجزرة حلب الزيف الذي يعاني منه الضمير الإنساني، وهو يقف صامتاً أمام القتل الأعمى وسفك الدم الطاهر وتدمير الأحياء الآمنة بأحدث آلات الفتك والدمار. وإن جماعتنا تهيب بشعوب العالم الحرّ جمعاء، وشعوب أمتَيْنا العربية والإسلامية خصوصاً، أن تتحرك وتضغط على حكوماتها لوقف النزيف المستمر، وتدفع بالقدر الممكن من الدعم لهذا الشعب، الذي يقف اليوم سداً منيعاً أمام تغوّل آلة الحقد الطائفية التي يقودها النظام الإيراني من جهة، وآلة الاحتلال المجرمة التي تقودها روسيا من جهة ثانية.
وإننا في هذه المناسبة نؤكد ونشارك إخواننا في المجلس الإسلامي السوري وفي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في دعوتهم لاعتبار يوم الجمعة القادم 30/09/2016 يوم غضب واحتجاج عالمي من أجل حلب؛ وهو يوافق مرور سنة على الاحتلال الروسي لسورية وممارسة الإرهاب بأنواعه وأشكاله كافة.
إن ثورة السوريين على نظام الجريمة المنظمة، وعلى حلفائه المحتلين من الروس والنظام الإيراني والمليشيات الطائفية الحاقدة؛ مستمرة بإذن الله، حتى تحقيق تلك المطالب المشروعة بالحرية والكرامة. إنّ جماعتنا من واقع التحديات التي تمر بها الثورة السورية تعلن موقفها من المستجدات الأساسية بما يأتي:
أولاً: مع إيماننا الكامل بالحل السياسي العادل الذي يحقق أهداف ثورتنا، فإننا نوضح الأمور التالية:
١- في ظل استغلال النظام وروسيا للعملية السياسية وتحويلها إلى غطاء ومبرر للقتل والتدمير والإبادة، فإننا نعتبر أنفسنا غير معنيين بالعملية السياسية بمحدداتها الحالية، ولن نشارك في العملية التفاوضية في ظل استمرار القتل والقصف والتدمير، كما ندعو بقية القوى الوطنية والثورية لعدم المشاركة.
٢- إن مواقف الجماعة ثابتة ومنسجمة مع مواقف شركائنا في الوطن من فصائل ثورية وجيش حرّ ومؤسسات معارضة وطنية.
٣- نؤكد أنه لا دور للمحتل الروسي في العملية السياسية، ونطالب بمحاسبته على جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها ضد شعبنا، ونستنكر تواطؤ المجتمع الدولي وصمته على ما يجري في سورية،.
‌٤- تؤكد الجماعة على تطوير دورها الفاعل في الساحة السياسية والثورية وتعدد خياراتها لتحصين العمل الثوري وتحقيق أهداف الثورة.
ثانياً: نؤكد دعمنا للموقف التركي المؤيد للثورة السورية، كما ندعم جهوده الرامية لتأسيس المنطقة الآمنة، ونعمل مع بقية الشركاء على رفده بالبرامج والأفكار والدعم اللوجستي والكوادر ليكون مؤهلاً للإدارة المدنية.
ثالثاً: نؤكد تمسكنا بأهداف الثورة، وانحيازنا الكامل إلى إرادة الشعب السوري، وذلك في إطار وثيقة المبادئ الخمسة، التي أقرتها القوى الإسلامية والوطنية والثورية.
رابعاً: نتبع سياسية الاستمرار بالعلاقة الوثيقة مع الفصائل الثورية، ونعمل على تطويرها لتتحول إلى شراكة استراتيجية سياسية وميدانية تساهم في تحقيق أهداف الثورة.
خامساً: نعمل على إيجاد سياسات عامة تتبنى استراتيجية النفس الطويل، والمحافظة على الطاقات وتجنب إهدارها في معارك جانبية.
سادساً: ندين الإرهاب بأشكاله كافة، كما ندين الموقف الدولي الانتقائي له، ونعتبر أن الإرهاب الحقيقي هو الذي يمثله رأس النظام والقوى المحتلة والميليشيات الشيعية وجميع القوى المتطرفة المعادية للثورة.
سابعاً: ندعم حقوق الأكراد الاجتماعية والثقافية ضمن إطار الوطن الواحد، كما ندعم فكرة اللامركزية الإدارية، ونرفض احتكار (البي واي دي) لتمثيل الأكراد ودوره في محاولات تقسيم سورية وزعزعة استقرار تركيا، ونؤكد على وحدة سورية أرضاً وشعباً.
ثامناً: نرفض وندين جريمة التغيير الديموغرافي والتهجير القسري الذي يمارسه النظام وبشكل علني وبدعم وتواطئ أممي، وندعو إلى توفير الظروف الكفيلة لعودة المهجرين بشكل آمن إلى مدنهم وقراهم.
تاسعاً: فيما يخص الإطار السياسي للعملية التفاوضية، ورغم الإيجابيات التي تضمنتها ورقة الهيئة العليا للتفاوض، فإننا نشير إلى ما يلي:
١- فيما يتعلق بمصطلح "النظام" الوارد في الورقة، فإننا نؤكد أنه لا مكان لبشار الأسد وأركان حكمه ومن تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري في المرحلة الانتقالية ومستقبل سورية.
٢- نؤكد على موقفنا الثابت من ضرورة تفكيك المؤسسة الأمنية وإعادة تشكيلها، وكذلك إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على أسس وطنية.
عاشراً: نعمل على تطوير العلاقات مع الدول ذات التأثير الفاعل، وبناء تحالفات استراتيجية معها.
ختاماً، فإن جماعة الإخوان المسلمين في سورية تؤكد لأهلنا في الداخل والمهجر ولأبطالنا في الجيش الحر بأنها ستبقى على العهد، تعمل ضمن رؤيتها في العمل معكم وإلى جانبكم، حتى تتحقق أهداف ثورتنا في الحرية والكرامة، وتدعو جميع السوريين إلى الوحدة الحقة الصادقة، فالظرف الذي تمرّ فيه ثورتنا في هذه الأيام هو الأخطر على الإطلاق، ويتطلب من الجميع الوحدة ورصّ الصفوف.
إن النصر صبرُ ساعة، وإننا على يقين بنصر الله لثورتنا على نظام الفساد والاستبداد بإذن الله.
(واللهُ غالِبٌ عَلى أمْرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمون)؛
والله أكبر، ولله الحمد.
ذو الحجة 1437 ه
أيلول 2016 م
مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين في سورية