الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بوتين جرّب سلاح الراب في حلب"نصر"لبناني على الحدود يستخدم ضد الحريري وزكي كورديللو آخر المخايلين في

بوتين جرّب سلاح الراب في حلب"نصر"لبناني على الحدود يستخدم ضد الحريري وزكي كورديللو آخر المخايلين في

19.12.2018
راشد عيسى


بوتين جرّب سلاح “الراب” في حلب… “نصر” لبناني على الحدود يستخدم ضد الحريري… وزكي كورديللو آخر المخايلين في سجون النظام
القدس العربي
الثلاثاء 18/12/2018
لا شك أن المرء يملتئ عزّة وهو يشاهد فيديو الضابط في الجيش اللبناني محمد قرياني يعيد الأسلاك الشائكة إلى وضعها السابق على الحدود الجنوبية – اللبنانية، بعد أن عبث بها الجنود الإسرائيليون، وخصوصاً حينما ينهر الضابطُ بثقة وعزم جنودَ الاحتلال كي يتراجعوا، ولم يكن أمام هؤلاء إلا الانصياع.
انتشر الفيديو بسرعة، ومعه التعليقات الممجِّدة، كذلك جرى تداول صورة الضابط اللبناني على مواقع التواصل،.. ومن لا يحتاج لحظات نادرة كهذه في عزّ التخاذل.
لكن، وكما في كل مرة، يأبى مؤيدو النظام الممانع إلا أن يصرفوا “شيك” الانتصار في نزاعات داخلية، فرغم أن الضابط ينتمي للجيش لا لطرف أو حزب، أصرّ الممانعون على خطف هذا “النصر”.
على الفور راح معظم التعليقات يقارن بين وقفة الضابط على الحدود وصورة نجل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الذي تخرّج أخيراً من مدرسة عسكرية بريطانية: “الملازم البطل قرياني درس وتخرج بـِ لبنان، ما دعس بريطانيا ولا مدارسها العسكرية”! كأن من حق الممانعين أن يتخرجوا من طهران وليس من حق مواطنيهم أن يتخرجوا من بريطانيا.
إنهم جاهزون دائماً لإفساد حتى برهة نصر عابرة كهذه.
يحيا “الراب”!
يبدو أن الرئيس الروسي بوتين أعلن عجزه عن إمكانية حذف فن الراب من حياة الروس، وهو كان ألغى من قبل عدة حفلات للمغني الروسي الشهير هاسكي، ثم اعتقله بعد أن أقام حفلاً مخالفاً على ظهر سيارة.
الاحتجاجات المتضامنة مع هذا الفن الشعبي اللاذع كانت أوسع من أن يحتويها الكرملين. سلّم بوتين بأن “حظر موسيقى الراب أمر مستحيل، ولذلك يجب أن تلعب الدولة دوراً أكبر في السيطرة عليها”.
بوتين أوضح أن “الراب والأشكال الأخرى الحديثة تقوم على ثلاثة أعمدة: الجنس والمخدرات والاحتجاج”. وأضاف “أكثر ما يثير قلقي هي المخدرات (لعله يقصد الاحتجاج). إنها الطريق لانهيار أي أمة”. يمكن الاستنتاج إذاً أن بإمكان موسيقى الراب أن توهن نفسية الأمة.
وإذا كان فن الراب ينهض أساساً على ثنائية الشعر والموسيقى، فإن الرئيس الروسي انتقد بالذات لغة الراب، قال إنه “قلق إزاء اللغة “السيئة” المستخدمة في موسيقى الراب”، ونقل عنه أنه لم يطلق هذا الرأي جزافاً، فقد ” ناقش الأمر مع أحد المتخصصين في علم اللغويات”.
يبدو بوتين هنا كما لو أنه يكرر فكرة ذلك المعرض الذي أقامه الزعيم النازي هتلر للفن التشكيلي مطلِقاً عليه اسم “الفن المنحط”، معتبراً حينذاك أن تلك الأعمال التشكيلية (اللوحات والمنحوتات والكتب المنتجة من قبل التعبيريين والتكعيبيين والدادئيين) ما هي إلا “شخبطة مريضة وتلطيخاً يقوم به أشخاص أدنى في المستوى البشري”.
انطلقت موسيقى وأغاني الراب من الشارع، من الأماكن القصية والمهمشة. بدأت واستمرت كنوع من الاحتجاج على قضايا اجتماعية عديدة وشائكة، طرحت قضايا العنصرية وحمل المراهقات ووحشية الشرطة، وكل ما تتجنب الثقافة الرسمية التطرق إليه، لذلك يصعب أن نجد راب مدجناً، من دون ثقافة الاحتجاج لن يستحق اسم الراب.
فقط في روسيا سيرفض، كما رفضت من قبل موسيقى البوب والروك في ظل الاتحاد السوفيتي الآفل، وسيتعرّض موسيقيوها للاضطهاد.
نسخة بوتين من الراب شوهدت من قبل في مدينة حلب السورية، عندما ظهر جندي من فرق تفكيك الألغام الروسية وهو يؤدي أغنية راب أمام رفاقه في أحد شوارع المدينة، مرتدياً بدلة عسكرية، ومحاطاً بزملائه العسكر، محصّنين بالدبابات وملالات الجنود.
غنى الجندي: “حلب تهتز للمقاتل الروسي وهو ينشد الراب على أرض سوريا/ شكراً لكم جميعاً يا رفاقي على حبنا الذي نتقاسمه ولا يفرقنا/ لن نخون شرف البزّة فلسنا قتلة وجئنا حلب لنحميها/ جذوركم راسخة أيها الرفاق فأنتم رفضتم البزنس وفضلتم الخدمة/ لقد صعدنا إلى الأعلى لنطعم الجميع وصرنا أقوى”.
فن الراب سيحقق نقلة نوعية إذاً على يد بوتين، من قاع المدينة إلى الكرملين، من لغة الاحتجاج الصارخ إلى لغة الشبيح الفصيح!
عندما أقام هتلر معرض “الفن المنحط” كان هناك من أقام معرضاً مضاداً سمّاه “يحيا الفن المنحط”، على هذا النحو قد يجد الروس ضالتهم بالاحتجاج. يحيا فن الراب.
آخر المخايلين الأحرار
على موقع قناة “الميادين” فيديو عن فن خيال الظل في سوريا، وُضع بوحي من خبر يقول إن اليونسكو أدرجت هذا الفن في سوريا ضمن قائمة التراث العالمي، والقناة وضعت للفيديو العنوان “مسرح خيال الظل صامد في دمشق”. كما يؤكد الفيديو بأن هذا النوع الخاص من المسرح يحتاج إلى صيانة عاجلة، ويتساءل إن كان سينجو من الاندثار.
عندما تأتي سيرة خيال الظل في دمشق لا يمكن تجاهل الممثل زكي كورديللو، المعتقل مع ابنه مهيار في سجون النظام السوري منذ العام 2012، من دون أي خبر أو تفصيل يحدد مكان اعتقاله.
كورديللو، الممثل والمدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية، كان قد كرّس نفسه في السنوات الأخيرة قبيل اعتقاله لتقديم فن خيال الظل وتطويره والتدرّب على أدائه وإقامة ورش عمل لتدريب آخرين، إلى جانب صناعة الدمى الخاصة به.
لكن لا “الميادين”، ولا اليونسكو، سيذكران في معرض تفجّعهما على مصير هذا الفن المهدد، أن فناناً بهذه الهشاشة والسلمية يقبع في ظلام أقبية النظام حتى الآن. المهم إنقاذ مسرح خيال الظل!