الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بمناسبة الثامن من آذار

بمناسبة الثامن من آذار

11.03.2019
عبد الحميد الشدة


حرية برس
الاحد 10/3/2019
يصل كثيرا في منشوراتي أن تنزعج فئة من القراء لأسباب إيديولوجية أو بسبب صراحتي، ولكنني مقتنع بمبدأ اضحك لمن أبكاك.. اليوم سأقول لكم شيئا مزعجا لكنني أعتقد أنه واقع حصل ويجب أن تتعلم الثورة منه.
أبدأ بالقول إنه حتى لو قلنا إن حافظ الأسد نجح لأنه باع الجولان وأرضى إسرائيل والروس والأمريكان فإننا نبالغ ونتجاهل وجها هاما من الأمور.
إن حافظ الأسد بنى نظامه وحتى تاريخ قيام الثورة لم يستمد قوته الأساسية من الخارج وإنما من سورية نفسها ومن قواها الداخلية، ولإقامة مشروعه استطاع الأسد ركوب ماكينة ثلاثية الأركان: البعث والجيش والطائفة العلوية.
استغل حافظ الموجة اليسارية التي كانت سائدة والتي يقودها الإشتراكيون والقوميون ومن خلال هذا الحزب الإنقلابي وصل إلى السلطة واستطاع البقاء فيها هو وابنه عقودا طويلة وحتى اليوم يبقى هذا الحزب عمودا يستند عليه. والبعث هو حزب سياسي منظم وقوي ومتغلغل في سورية كلها وأعضاؤه هم من السوريين وله تحالفات مع أحزاب قريبة منه إيديولوجيا يسارية شيوعية وقومية، خاصة في إطار الجبهة الوطنية التقدمية.
من خلال هذا الحزب لعب الأسد على حبلين رئيسيين؛ الأول هو بجعله أداة سياسية متماسكة عالية التنظيم في خدمته بشكل مطلق وبدون منافس، والحبل الثاني هو الحبل الطبقي؛ فقد نجح الأسد في تقسيم المجتمع السوري إلى مناطق وفئات تستفيد منه وتطيعه وفئات ومناطق أقل استفادة، في فترة ما كان هناك تمييز للفلاحين على حساب المدن، خاصة في التوظيف، وفي النهاية نجح في كسب فئات ومناطق وطبقات والته، ولو لفترة محدودة، وساعدته في تثبيت حكمه.
الجيش الذي تضخم وأخذ أهمية في المجتمع السوري والدولة السورية بسبب الصراع مع إسرائيل، غني عن التفصيل كيف أن الجيش السوري كان أداة أساسية في انقلاب البعث والأسد وفي تثبيت حكم نظامه ومازال حتى اليوم اليد الحديدية للسيطرة على الدولة.
لا يوجد عاقل اليوم ينكر أهمية الطائفة العلوية في تثبيت وفي إستمرارية نظام الأسد، هذه الطائفة التي حصلت على امتيازات كثيرة مقابل ولائها المطلق للأسد هي أقلية، لكنها أقلية سورية.
وأشير إلى اعتماد حافظ الأسد وابنه على طبقة الشيوخ ومن التجار وأيضا على إجراء نوع من التفاهمات مع الأقليات لكسب تأييده، وقد نجحا كثيرا في هذا.
نظام الأسد، الأب والإبن، لم يترك نقطة قوة أو ضعف ولاثغرة ولا شارع ولا مجال في الأراصي السورية إلا استغلها للبقاء وللتجذر في السلطة. أي أن الأسد بالتهديد وبالوعيد قام بخلق نسيج من السوريين الذين كانوا عماد نظامه.
هذا ليس تمجيدا ولا يلغي شيئا من جرائم النظام الأسدي لكنه يظهر اعتماده على قوى داخلية سورية فعالة حتى لو حظي برضى قوى أجنبية وبمساعدة جيوش أجنبية كما فعل بشار.
كتبت كل هذا عندما تبين لي أن كل قوى المعارضة السوربة السياسية تهمل كثيرا القوى البشرية السورية والموارد الداخلية والقوى الكامنة، وتكاد لا تهتم بها. لا أرى تشكيل أحزاب جدي لتنظيم السوريين ولا أرى السياسيين يجولون ويحاضرون لإقناع الناس وللاستماع إلى آرائهم كما هو مفترض، النشاطات الأساسية تتم في المستشاريات الأجنبية وفي الأمم المتحدة وفي الكواليس المغلقة، الائتلاف وهيئة التفاوض علاقاتها مع الدول الأجنبية أكبر من علاقاتها مع المجتمع الثوري السوري، أعداء الثورة يهيمنون على لجنة تحضير الدستور، بعض القوى والشخصيات ووسائل الإعلام تدافع عن مواقف الدول الأجنبية وتتبنى سياساتها وتكاد لا تكترث بالرأي العام في الثورة، حتى الحقوقيون يحلمون بسذاجة بأن تلاحق محاكم الدول الأجنبية جلادي النظام ومسؤوليه ويهملون التنظم الداخلي ومحاولة تنظيم محاكم وطنية وخلق مؤسسات حقوقية وطنية فعالة وملاحقة ومعاقبة المجرمين.
المجرم حافظ الأسد في باطله كان أكثر ذكاء لتأسيس نظامه السيء من الثورة في حقها في تحصيل حقوق السوريين، فقد استخدم القوى الداخلية.
في انتظار عودة الثورة إلى السوريين وفي انتظار اعتمادها الجدي على القوى الذاتية السورية.