الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بعيون ساكنيها.. هكذا بدت دمشق بعد تسع سنوات من الثورة

بعيون ساكنيها.. هكذا بدت دمشق بعد تسع سنوات من الثورة

18.03.2020
منتصر أبو نبوت


دمشق
الجزيرة
الثلاثاء 17/3/2020
بعد تدافع وانتظار طويل، تظفر ميساء عبدو (اسم مستعار) بمقعد في حافلة النقل العام من محطة في آخر حي الميدان الدمشقي. تتوجه إلى منطقة الحلبوني قرب محطة الحجاز وسط دمشق. تسلك طريقها وهي تتمعن وجوها متعبة داخل الحافلة.
بدا على وجوه المنتظرين ما أثقلتهم به الحياة خلال تسع سنوات خلت، فالمظاهر التي ثار من أجلها الشعب السوري تضاعفت في العاصمة.
تقف ميساء في حديثها مع الجزيرة نت على حصاد ما وصلت إليه دمشق في الذكرى التاسعة لانطلاق الثورة السورية.
لم تصل ميساء إلى وجهتها بعد، فالطريق إلى أي مكان في دمشق لم يعد بالسهولة التي كانت عام 2011، ليس بسبب ازدحام الطرقات فحسب، بل لكثرة الحواجز العسكرية التي تنتشر في أحياء دمشق ويتوجب على الجميع التوقف عندها.
لكن الذي اختلف عن السابق هو الوجوه التي تقف على الحواجز أو تسير في الشوارع، فالمظاهر العسكرية عموما باتت أمرا طبيعيا في العاصمة، ليس فقط من عناصر النظام السوري وإنما من عناصر أجنبية تتبع مليشيات موالية له، صارت تصول وتجول في دمشق وغيرها من المحافظات، بحسب المتحدثة.
تقول ميساء إن جميع السكان يخافون هذه المليشيات لأنهم يعتبرون النظام السوري نفسه لا يملك سلطة كاملة عليها، خصوصا أن إيران هي التي تدعمها، مضيفة أن كثيرا منها يعمل على إدارة ملفات فساد في البلاد رغم كون أفرادها غير سوريين.
وكشفت أن من وصفتهم بشبيحة النظام باتوا بدورهم يتذمرون من هذه المليشيات، لأن الأمور تخرج من بين أيديهم تقريبا، وهذا ما تعتبره ميساء من أبرز التغيرات التي تظهر جلية في دمشق وشوارعها بعد تسع سنوات من انطلاق الثورة.
خدمات معدومة
تقول ميساء إن "وقوفك على جبل قاسيون ليلا للنظر إلى العاصمة كفيل بأن يكشف بشكل واضح الخدمات المعدومة في دمشق"، في إشارة إلى الظلام الذي يخيم على أغلب الأحياء في عاصمة الأمويين.
ويتناوب سكان الأحياء في دمشق على ما يعرف بـ"التقنين" في الكهرباء التي تأتي لحي وتُقطع عن آخر مدة زمنية. وتضيف ميساء أن الأمر لا يتعلق بالكهرباء فحسب، بل إن الخدمات العامة في جميع نواحي الحياة غير موجودة تماما.
وقارنت بين عام 2011 والعام الحالي، معتبرة أن الوقت الذي ثار فيه السوريون على النظام السوري كان الوضع في البلاد أفضل، لكن رغم ذلك لم يحتمل الشعب صعوبات الحياة ونهب خيرات سوريا على حد قولها.
وتحدثت ميساء عن شريحة الموظفين -ومنها والدها- قائلة إن رواتبهم لم تتغير عما كانت عليه عام 2011، لكنها كانت في عام الثورة تساوي ما يقارب 500 دولار، أما اليوم فتساوي أقل من 50 دولارا، وهو ما يعزز مظاهر الرشى في البلاد.
غني وفقير
من جهتها، تقول الشابة السورية شهد شقرة عن الأوضاع في دمشق بعد تسع سنوات من الثورة السورية "الفل يبدأ من دمشق بياضُه .. وبعطرها تتطيب الأطياب"، مستشهدة في حديثها للجزيرة نت بأحد أبيات نزار قباني.
شهد التي تسكن في حي مشروع دمر بالعاصمة، تسلك طريق الربوة خلال ذهابها إلى الجامعة يوميا، وتصفه بالمنظر الرائع والخلاب. ورغم أنه لا يخلو من متاعب المواصلات العامة، فإنه يعبر عن جمال العاصمة.
على جانبي الطريق تشاهد الورد والفل الدمشقي، قبل أن تدخل إلى وسط دمشق حيث المشاهد العشوائية وغير الحضارية بسبب الإهمال العام، بحسب كلامها.
وأكدت شهد أن المجتمع السوري في دمشق بعد تسع سنوات ينقسم إلى طبقتين اثنتين: الأغنياء والفقراء، ولا مكان للوسطى بينهما، معتبرة أن المجتمع السوري سابقا كان يضم عددا كبيرا من العائلات المحسوبة على الطبقة الوسطى التي سُحقت تماما.
وبرأيها، يبدو التناقض واضحا من خلال المطاعم والمحال التي يرتادها الناس، فمنها مثلا ما لا يمكن لشخص من أحياء مثل البرامكة أو دويلعة أو التضامن المرور أمامها -على حد وصفها- بسبب أسعارها الفاحشة، مع ذلك تجد أن هناك من يشتري منها.
وتتقاسم كل من ميساء وشهد طموح السفر والبحث عن فرصة حقيقية خارج البلاد، وهو هدف يسعى إليه حتى المؤيدون للنظام السوري، بحسب قولهما.