الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بعد تشديد العقوبات الأميركية على طهران؛ هل ستنهار الأخيرة اقتصاديًا؟

بعد تشديد العقوبات الأميركية على طهران؛ هل ستنهار الأخيرة اقتصاديًا؟

04.05.2019
أحمد مظهر سعدو


جيرون
الخميس 2/5/2019
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل أيام، إنهاء الإعفاءات التي كانت الولايات المتحدة قد سمحت بموجبها لثماني دول بشراء النفط الإيراني، بهدف تحقيق (صادرات صفر) من الخام في هذا البلد. وابتداء من مطلع أيار/ مايو، ستواجه الدول الثمانية، ومن ضمنها الصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا، عقوبات أميركية؛ إذا استمرت في شراء النفط الإيراني.
يقول الأكاديمي اللبناني جميل حمود، عميد كلية إدارة الأعمال والاقتصاد في جامعة رفيق الحريري في بيروت: “أعلن وزير الخارجية الأميركي (مايك) بومبيو بالفعل عدم تجديد الاستثناء المعطى سابقًا لثماني دول، 5 منها كانت ما تزال تستورد النفط الإيراني”، وأضاف في حديث إلى (جيرون) أنه يتوقع “عمليًا انخفاض صادرات إيران النفطية، من 1.9 إلى أقل من 1 مليون برميل يوميًا”.
ويرى حمود أن الإدارة الأميركية “ستواجه صعوبات في تشديد عقوباتها التي تطال الاقتصاد الإيراني، الذي بدأ فعلًا بالانزلاق نحو حالة ركود عميقة، يصحبها انخفاض كبير في قيمة العملة الإيرانية، وارتفاع حاد في الأسعار”، وأوضح أن واشنطن “ستجد صعوبة في تحفيز الصين على التعاون في العقوبات، نتيجة تأزم العلاقات التجارية بين البلدين وحاجة الصين إلى النفط. كما ستواجه الإدارة الأميركية تحديًا في إقناع الاتحاد الأوروبي، الذي يعمل على إيجاد آلية شرعية تتيح للشركات الأوروبية تجنب العقوبات في تعاملها مع إيران”.
وتابع: “يبقى أن نشير إلى أن إيران ستظل تعمل على الالتفاف على العقوبات، بوسائل عدة منها السوق السوداء والاستعانة بالحلفاء”، وبالتالي سيكون هناك “اشتداد الضغط على الاقتصاد الإيراني، لكن ذلك لن يؤدي إلى انهيار في المدى المنظور، علمًا أن الإدارة الأميركية تبدو حتى الآن مهتمة بالضغط الهادف إلى التفاوض مع النظام الإيراني وليس تغييره”.
أما الباحث السوري عبد القادر نعناع، فقال: “نتفق على أن النظام الإيراني، كأي نظام استبدادي، يحمل في بنيته مقومات انهياره، وما استمراره إلا عبر الأدوات القهرية العنفية التي تجعل من الانهيار مدويًا وكارثيًا على الدولة ومحيطها، ورأينا ذلك في النماذج العربية”، مضيفًا في حديث إلى (جيرون) أن العقوبات الأميركية و”تصعيدها الحاد الأخير” ستؤدي إلى “تآكل القدرة التسلطية/ القهرية للنظام الإيراني، حيث سيفقد الأداة الاقتصادية القهرية، ولن يكون بإمكانه استرضاء مجتمع تدهورت معيشته إلى مستويات غير مسبوقة حتى إبان الحرب مع العراق”.
ورأى أن “ما يحاول ترامب فعله مع إيران هو شبيه بما فعله ريغان مع الاتحاد السوفيتي، من خلال دفع إيران إلى الانهيار من الداخل”، وعقّب: “ذلك لا يعني أيضًا أن الانهيار سيكون بمجرد تصعيد العقوبات، أو خسارة بعض المعارك السياسية والعسكرية، الانهيار ذاته لا يمكن توقعه بالضبط، لكن مقوماته باتت حاضرة، وهو بحاجة إلى ما يسمى (فرصة سياسية) وهي حدث قد يكون قليل الأهمية، لكنه على شكل فتيل أزمةٍ تؤدي إلى انفجار عام (كما حصل مع حرق بوعزيزي لنفسه مثلًا). وهنا قد يكون ارتفاع حدة الفقر مع عقوبات حادة وارتفاع مستوى التسلط محفزًا لوجود (فرصة سياسية)”.
ويعتقد نعناع أن “إيران تضم كثيرًا مما يمكن أن يشكل فرصًا سياسية مقبلة، ومنها نشاط الاثنيات المناهض للسلطة، سلميًا وعسكريًا، إلى جانب أثر المشهد الإقليمي”، وتابع: “أي خسارة خارجية ستضاف إلى مبررات الانفجار الداخلي، أو حتى قرار تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية، وما قد يترتب عليه من إشكالات حتى داخل المؤسسات الإيرانية العسكرية والسياسية”.
وتابع: “حتى لو انهار النظام الإيراني فرضًا”، فإن ميليشياته المسلحة “قد يبقى بعضها في الفترة الأولى، عاملة على شكل عصابات مسلحة، مرتزقة وعصابات جريمة منظمة، وتحديدًا في سورية والعراق ولبنان واليمن، إلى أن يتم اجتثاثها أو تآكل قدرتها على العمل، وذلك منوط بحكومات هذه الدول، أو أن تنخرط في مسارات سياسية محلية إن كان بإمكانها ذلك، باستثناء سورية”.
وأشار نعناع إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتعامل مع خصومه، وفق سياسة تضمن خيارين هما “خيار إجبار الخصم على تقديم تنازلات شاملة، ثم النظر في التعامل معه (كوريا الشمالية)، أو خيار الدفع بالخصم إلى الانهيار الداخلي، مع الحفاظ على استمراره، بغية جره إلى الخيار الأول أو دعم بديل له (فنزويلا)”، وقال: “لن تخرج إيران من هذين الخيارين حتى الآن، ومما هو واضح فإن ترامب وضع إيران في الخيار الثاني حاليًا، على أمل نقلها إلى الخيار الأول”.
بدوره، قال محمود أحمد الأحوازي، الأمين العام لجبهة الأحواز الديمقراطية، في تصريح لـ (جيرون): إن “الإدارة الأميركية حتى الآن لم تعلن نيتها تغيير النظام الإيراني”، وعدّ أن ذلك يعود لسببين: “أولًا تريد البقاء على حكم طائفي لاستمرار الصدام الطائفي في الشرق الأوسط، ثانيًا توسع هذا النظام خدم الأميركان تريليونات من الدولارات من عدة دول عربية وغير عربية بغية دفاع أميركا عنهم”.
ويرى أن تفكك النظام الإيراني ممكن، موضحًا: “أولًا، داخل إيران يغلي، من جهة كل الطبقات الاجتماعية والقوميات غير الفارسية، وثانيًا، استقدامه الميليشيات غير الإيرانية يدلّ على إحساسه بالخطر وخصوصًا من الداخل، وهناك احتمالات أخرى موجودة من الجيش، فهو غير راض عن الحكم، وهناك قادة من الحرس أصبح لديهم تململ من سياسة الحرس نفسه وخامنئي، وهناك احتمالات أخرى بأن تسرع في زعزعة الاستقرار بعد التوقف الكامل عن تصدير النفط”.
وتابع: “ما زال هناك ما يواجه إعادة تحسن الاقتصاد الإيراني حتى لو سمح لهم ببيع النفط، إذ إن كل أجهزة إنتاج وتصديره تحتاج إعادة بناء كامل، وهذا يحتاج إلى 10 سنوات ومئات المليارات، والوضع الاجتماعي الفعلي لن يسمح بهذا الوقت بدون تغيير”.
في السياق، يقول العقيد السوري المنشق أحمد الحمادي، إنه لا يتوقع انهيار إيران “ولكنها ستتضرر بشكل كبير، مما يجعلها تتخلى عن دعم أدواتها، وترضخ لبعض المطالب الدولية”، وعدّ خلال حديثه إلى (جيرون) أن “الولايات المتحدة قادرة على استخدام أساليب متعددة ومنها الاقتصادية، لتمرير سياستها في المنطقة، ومشروع التموضع العسكري الإيراني في سورية مرفوض إسرائيليًا، وبالتالي أميركيًا، والممر البري الذي يتيح لإيران التخفي عن أنظار وسائط الاستطلاع، لأنها ستمد أدواتها عسكريًا للمنطقة، كذلك مرفوض”، مشيرًا إلى أنه “قد نشهد تحركًا عسكريًا باتجاه قطع الطريق، من خلال عملية عسكرية في منطقة القائم البوكمال”.
وقال الباحث الأحوازي جابر أحمد: “بما أن اقتصاد إيران وحيد الجانب، أي يعتمد على البترول، فإنها سوف تواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخها”، وأضاف لـ (جيرون): “لعل هذا الذي دفع وزير الخارجية الأميركي إلى القول إن هذه العقوبات هي الأقسى في تاريخ العقوبات، التي تفرضها أميركا”، ووصف الأمر بأنه “ليس عاديًا” وسينعكس آجلاً أم عاجلًا، على” سياسة النظام الإيراني من مواصلة دعمه للأنظمة الحليفة له مثل النظام السوري، وأيضًا للميليشيات مثل (حزب الله وفاطميون وزينبيون)”.