الرئيسة \  واحة اللقاء  \  برلين سورية

برلين سورية

19.03.2017
سميح صعب


النهار
السبت 18/3/2017
أن توجد قوات أميركية وروسية في مدينة سورية واحدة يعدّ من الامور النادرة ليس في سوريا وحدها وإنما في العالم. والمقصود هنا هو مدينة منبج التي كان الجيش التركي يتهيّأ لغزوها لطرد المقاتلين الأكراد منها فدخلها الجنود الاميركيون والروس كل من جهة للحؤول دون تقدم القوات التركية اليها ونشوب معركة بين تركيا و"وحدات حماية الشعب" الكردية وقت يفترض أن تسخر جميع القوى لقتال "داعش" وانتزاع مدينة الرقة من التنظيم الجهادي على وقع تسارع معركة الموصل العراقية.
غاية القول إن منبج تجربة ناجحة لاحتمالات التنسيق العسكري الاميركي - الروسي على الارض بعدما كان هذا التنسيق يقتصر على الجو منذ الحملة الجوية الروسية في أيلول 2015. وما يجري تطبيقه في منبج قد يصح غداً على الرقة تجنباً لمواجهة تركية - كردية هناك أيضاً.
والى تجنب الحرب التركية مع اكراد سوريا، يتيح توسع الانتشار العسكري الميداني للاميركيين والروس ضمان مصالح الجانبين والارتقاء من هذا التنسيق الارضي الى البحث الجدي في الحلول السياسية للازمة السورية. وبعد ستة اعوام من الحرب السورية، بات أمراً مسلماً به أن لا الولايات المتحدة وحدها قادرة على فرض الحل في سوريا، وكذلك روسيا. ومع اقتراب ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب من بلورة سياسة واضحة حيال سوريا، يفترض أن تترافق التعزيزات العسكرية الاميركية الجديدة التي ترسل الى سوريا تحضيراً لمعركة الرقة، مع جهد سياسي يلاقي المحاولات الروسية بين أستانا وجنيف. وكان لافتاً أن يتقدم الاتحاد الاوروبي الذي يراقب توسع الدورين العسكريين لأميركا ولروسيا في سوريا، بخطة لتمويل اعادة الاعمار في سوريا في هذا الوقت بالذات على رغم أن الحرب لم تنتهِ بعد. إلا اذا كان الاتحاد الذي يبحث عن دور في سوريا يريد حجز موقع له من الباب الاقتصادي.
وعلى رغم انه لا يزال من المبكر التكهن بانتهاء الحرب السورية في المدى المنظور، فإن تضافر القوى للقضاء على "داعش" عسكرياً في العراق وسوريا، يعدّ ولا شك مرحلة مهمة على طريق الانتقال الى البحث في الحلول السياسية.
وربما جعلت مرحلة ما بعد "داعش"، توأمه الجهادي الآخر "جبهة فتح الشام" ("النصرة" سابقاً) يستشعر ان الانتباه الدولي سيتركز عليه في قابل الايام، ولذلك تأتي التفجيرات التي تتبناها "هيئة تحرير الشام" التي تشكل "النصرة" عمودها الفقري وآخرها تلك التي ضربت حمص ودمشق.
بعد الحرب العالمية الثانية تقاسمت الولايات المتحدة وروسيا برلين ثم أُقيم الجدار في ذروة الحرب الباردة. اليوم يتقاسم الاميركيون والروس منبج وربما غداً الرقة في حرب باردة منبعثة من رحم الصراع الدولي على كل سوريا الطبيعية.