الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بدء تطبيق مخرجات "سوتشي" على الأرض السورية… وتغيير المسمى من منطقة "آمنة" إلى "عازلة"

بدء تطبيق مخرجات "سوتشي" على الأرض السورية… وتغيير المسمى من منطقة "آمنة" إلى "عازلة"

26.10.2019
هبة محمد


القدس العربي
الخميس 24/10/2019
دمشق – "القدس العربي": انتقلت مخرجات القمة الثئائية التي أزيل الستار عنها، بعد اللقاء الذي جمع الرئيسين الروسي والتركي في سوتشي، إلى مرحلة التطبيق العملي في الميدان المتشابك شمال سوريا، لتدخل المنطقة الأكثر تداخلاً وصراعاً بين الأطراف الدولية الفاعلة في سوريا مرحلة جديدة، تنتظر الانتهاء من ترسيم الواقع الجديد كي تتضح الصورة أكثر.
على الصعيد السوري المحلي، فقد ذكرت وكالة "إنترفاكس" نقلاً عن وزارة الدفاع الروسية، أن النظام السوري يتجه لإقامة 15 نقطة حدودية على الحدود السورية – التركية، في حين ذكرت مصادر لـ"القدس العربي"، أن جزءاً من قوات الجيش الوطني المعارض، عاد عبر الأراضي التركية نحو مدينة جرابلس في ريف حلب، بعد توقف العمليات العسكرية لـ"نبع السلام".
المصادر الروسية، تحدثت عن أن إقامة المراكز الحدودية تحت إشراف النظام السوري، ورد ضمن الاتفاق الموقع بين الجانبين الروسي والتركي، ويقضي كذلك بانتشار جيش النظام مع حليفه الروسي في شمال شرقي سوريا، وذلك بغية إخلاء المنطقة المقصودة من قوات سوريا الديمقراطية والأسلحة التي بحوزتهم.
أما على صعيد مدينتي "منبج وعين العرب"، فقد أكدت وزارة الدفاع الروسية، عدم وجود أي قوات تركية أو موالية لها في المدينتين، وفي الوقت ذاته، أرسلت القوات الروسية في سوريا، رتلاً من الشرطة العسكرية إلى مدينة عين العرب، للإشراف على انسحاب قوات وحدات حماية الشعب مع أسلحتهم إلى عمق 30 كيلو متراً.
وأعلنت تركيا عبر رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان، رفضها التام لبقاء أي قوات تتبع لوحدات حماية الشعب على الحدود بين البلدين، وقال اردوغان: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد "أن مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية لن يُسمح لهم بالبقاء على الحدود مع تركيا تحت عباءة النظام السوري".
وشدّد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، على أن أكبر بلدين في العالم روسيا وأمريكا، قَبِلا بشرعية عملية "نبع السلام" التي نفذتها تركيا شرق نهر الفرات.
معوقات تنتظر الأتراك وتمدد للنظام السوري وإعادة تدوير لـ "قسد"
تغير مفهوم "المنطقة الآمنة" منذ أن تم طرحه بشكلٍ مباشر في اتفاق أمريكا – تركيا في 7 آب – أغسطس الماضي، والذي كان المراد منه إنهاء مخاوف تركيا الأمنية عبر إزالة تحصينات وحدات حماية الشعب وقسد، وسحب أسلحتها الثقيلة.
ليتحول مع بدء العملية التركية في 9 تشرين الأول/أكتوبر، وفق الباحث المختص في الشرق السوري في مركز "عمران" للدراسات بدر ملا رشيد، إلى رغبة طرفٍ لتنفيذ رؤية أحادية في السيطرة على كل الشريط الحدودي، وهو ما لم يتم تحقيقه بخطوطه العريضة، المعلنة من قبل الجانب التركي. فعبر اتفاق الهدنة الاول في 17 تشرين الاول بين انقرة وواشنطن، تم تحديد مناطق التدخل التركي بتلك الممتدة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، وهذا يعتبر أهم معوق حالي أمام الطرح التركي الأول.
وقال رشيد لـ"القدس العربي": إذا أخذنا الاتفاق التركي – الروسي كبداية، فهي تتجاوز مفهوم المنطقة الآمنة وتتجه لتثبت مفهوم "المنطقة العازلة"، وهو أحد النماذج التي رفضتها تركيا، عندما تفاوضت مع الولايات المتحدة. ويحمل الاتفاق الجديد تعديلاً لاتفاقية أضنة فيما يخص "المنطقة المسيطر عليها من جديد بين تل أبيض – رأس العين"، حيث ستحتفظ تركيا بتواجد 32 كم كتغطية، وهو ما يعني إمكانية إحداث صيغة إدارية جديدة لا تشابه منطقة "درع الفرات".
كما أن قيام روسيا بتكفل دور المنفذ لاتفاقية أضنة بالنيابة عن النظام، يعني "مشروعية مطالبات روسيا المستقبلية"، أو طريقة إدارتها للمنطقة، وهو ما يمكن ان يؤدي لإعادة هيكلة قوات سوريا الديمقراطية بالصيغة التي تراها موسكو تصب لصالحها.
وهذا ما يفتح المجال حسب الباحث رشيد، لتناول مصير قوات "قسد"، بمساراتٍ عدة ما بين الحل الكامل في بعض المناطق لإعادة الهيكلة في مناطق أخرى، والبقاء بصيغتها الحالية في مناطق بقاء الولايات المتحدة الامريكية.
خلال الفترة المقبلة ستظهر أحد أكبر المعوقات، فيما يخص عملية إعادة لاجئين، فالتصريحات التي أشارت لاعادة مليوني لاجئ أو ما يزيد، لن تتحقق في الوضع الراهن حسب الباحث المختص بتطورات الشرق السوري بدر ملا رشيد الذي قال: كما انه صعب جداً إعادة أكثر من 500 ألف سوري لهذه المنطقة، كونها منطقة زراعية، وليس فيها بلدات كبيرة، ولا تتوافر فيها مياه تكفي لأعداد كبيرة.
بالإضافة لكون مدينة رأس العين نفسها ليست آمنة معيشياً، كونها مع محيطها تعاني من جفاف ينابيعها المشهورة، وهو ما يؤدي كل عام لحركات خسف أرضي فيها، وتحدث أحياناً كثيرة ضمن المنازل والشوارع.
ورأى بعض الخبراء في المشهد السوري وفق ما رصدته "القدس العربي"، أن الانتهاء من قضية قوات سوريا الديمقراطية، سيكون عنوان البداية لفتح السجلات الإيرانية في سوريا، وأن إيران هي المنسحب التالي من سوريا بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وبالتالي ستبقى سوريا بيد اللاعبين الأجدر وهما الروسي والتركي، ليديرا معاً الدفة السياسية والتسوية المحلية فيها، وفق قاعدة "لا غالب ولا مغلوب"، بعد الحصول على تأييد دولي وأممي لهما.
من جهته، الناشط السياسي معتصم سيوفي، يقول لـ "القدس العربي": ما بات واضحاً اليوم، هو أن النظام السوري سيعيد سيطرته على كامل الجغرافيا السورية، وربما تبقى فقط المناطق الخاضعة لسيطرة النفوذ التركي، خارج سيطرة دمشق كـ "درع الفرات وغصن الزيتون"، وأخيراً "نبع السلام". وأن المستجدات هذه، ستبقى على حالها بعد ذلك، بانتظار الحل النهائي، وتقرير مصير من سيقود النظام السياسي في الفترة المقبلة بالبلاد.
من جهته يقول مدير مركز "إدراك" للدراسات باسل حفار لـ"القدس العربي": إذا وضعنا الاتفاق الروسي التركي إلى جانب الأمريكي – التركي، فيمكن القول إن كلا الطرفين استغلا حرص الأتراك على القضاء على "قسد" والرغبة بتحييد منافسين إقليميين مثل إيران، والتوق للعب مع (الكبار)، ليدفعوهم باتجاه اتفاق يعول على العملية السياسية المستقبلية التي من المفترض أن تسمح بانتخاب قيادات على مستوى المناطق.
وكأنهم يقولون إذا كانت منبج مثلاً مع الثورة فلينتخبوا حاكماً من الثورة، عدا ذلك فروسيا وتركيا تقومان ومنذ 2016 – وربما من قبل – بالمهمة أو المهام التي كان من المفترض أن تقوم بها هيئة الحكم حسب بيان جنيف و 2254 من تثبيت وقف إطلاق نار إلى حل التشكيلات العسكرية الثورية ودمجها، إلى إدخال تعديلات في هيكلية وبنية النظام وأجهزته العسكرية والأمنية إلى إضعاف منصب الرئيس وتوزيع صلاحياته، وصولاً إلى تشكيل لجنة لكتابة الدستور.