الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بدء السنة السابعة للثورة السورية... عبر وأرقام

بدء السنة السابعة للثورة السورية... عبر وأرقام

01.04.2017
حنا صالح

الشرق الاوسط
الخميس 30/3/2017
كم هي معبرة ومؤثرة في هذا التوقيت، أن تُوجه فصائل عسكرية سورية، ضرباتها داخل دمشق وذلك لأول مرة، وتطلق مواجهات واسعة في ريف إدلب، وتحقق خرقاً في ريف اللاذقية، وتنهال القذائف الصاروخية على محيط قاعدة «حميميم» الجوية الروسية.
رغم أن دور «هيئة تحرير الشام» (أي جبهة النصرة - القاعدة) في كل هذه الحملة مقلق ومشين، فهذا لا ينتقص من أهمية الرسائل التي تم توجيهها تزامناً مع «جنيف 5»، وأولاها وبعيداً عن المبالغة والسيناريوهات المُتخيلة عما جرى، قالت الفصائل إنها قادرة على مواصلة القتال، وصولاً إلى داخل دمشق وعلى مقربة من قاعدة «حميميم»، والمعنى أن المعارضة السورية لم تترك ساحة المواجهة، وهي تمدُّ وفدها المفاوض في «جنيف 5» بشحنة من الدعم لم تتوفر للمفاوض السوري سابقاً في «آستانة» و«جنيف 4».
وثانيها أن العمل العسكري الصاعق صدم النظام السوري المتغطرس، وأكد أن كل ما بقي من «هالة» لهذه الديكتاتورية، وحاضنتها الميليشيات الطائفية المشاركة في «فيلق القدس» الإيراني، آيلة لسقوط مدوٍ، من دون دعم روسي أكبر، جوي وبري، وهذا الدعم إذا استمر سيغرق موسكو مع الوقت في الوحل السوري.
وثالثها إلى موسكو ولإفهام الجنرالات الروس، أن إطلاق الوعود والضمانات عن الهدنة وإبقائها من دون تنفيذ، والتغاضي عن الخروقات الإجرامية والتهجير من وادي بردى إلى حي الوعر، لا يجب المضي به وأنتم على المحك، لأن سقوط الهدنة سيهزُّ بقوة طموح موسكو في الانتقال للعب دور وسيط وراعٍ للحل، بعدما أدى تدخلها لإبقاء النظام السوري واقفاً على قدميه.
طبعاً الرسالة التي لا يجب إغفالها، هي أن الحرب المدمرة، التي اتخذت مراراً طابع الإبادة، مرشحة للاستمرار طويلاً، فلا شيء ثابت أو نهائي، وخرائط النفوذ ستكون عرضة للتبدل، لأنه لا إمكانية مطلقاً لحسم عسكري، رغم الكثير من التوقعات بأن ظروف المواجهة الأميركية - الإيرانية الآتية، لتحجيم التغلغل الإيراني في كل الإقليم، ستنعكس إيجاباً على الفصائل السورية المعتدلة.
احتمالات المستقبل كثيرة وما من مصلحة للسوريين، في الداخل والمنافي، إلاّ استثمار الوضع المستجد لمزيد من الانخراط في البحث عن التسوية الممكنة، على قاعدة ترسيخ الهدنة وشمولها كل سوريا، الأمر الذي سيفتح بقوة ملف إيران وميليشياتها... فالحرب في سوريا وعلى سوريا مع بدء السنة السابعة، مأساة تفوق أسوأ الكوابيس التي عرفتها الإنسانية. أرقام المنظمات الدولية وإحصاءاتها صادمة: أكثر من 10 ملايين نازح في الداخل، أو لاجئ يعرف أن عودته شبه مستحيلة. وأكثر من 15 مليون سوري بحاجة للغذاء ومياه نظيفة للشرب، وأرقام تتحدث عن 600 ألف قتيل، بينهم 850 من الكوادر الطبية، وفي سوريا قُتل 211 صحافياً، وأرقام إعادة الإعمار فلكية وغير متوفرة، وفوق ذلك، ما زال نظام الأسد مستمراً، والبلاد توزعت «أيدي سبأ» حصصاً ونفوذاً للقوى الإقليمية والدولية. وبين الأخطر إنهاء جيل الثورة الأول، وتدمير التنسيقيات، ومع العسكرة التي أسقطت على الناس وأوصلت الثورة إلى حافة الفشل، تقدم الصفوف لوردات حرب وحارات فرضوا خطابهم الأسود العبثي، الذي حمله ألوف من متطرفي العالم الذين انخرطوا في الصراع مع «داعش» و«النصرة»، وعموماً ماثلت ممارساتهم، ما يقوم به الجيش الأسدي وشبيحة القوى الطائفية، من كم أفواه وقتل وإخفاء وإقفال طال مؤسسات إعلامية وإغاثية، كما جرى قبل أيام في الغوطة التي لن تنسى اختطاف وإخفاء رزان زيتوني وسميرة الخليل ورفاقهما.
كل المتدخلين في الأزمة السورية حققوا الكثير؛ تركيا أسقطت المشروع الكردي، «روج آفا» المزعج لأنقرة، وارتباط وحدات من الجيش الحر، «درع الفرات»، سيمنحها تأثيراً أكبر لاحقاً. وطهران تنفذ استراتيجية قضم مناطق، وتسريع التغيير الديموغرافي، وفرضت على حاكم دمشق اتفاقات اقتصادية جائرة، باعتقاد منها أنها ضمانة استمرار النفوذ عندما يحين أوان التسوية. وروسيا تريد إنجازاً يضمن مصالحها الاستراتيجية في المنطقة والعالم ولا سيما في مسألة العقوبات والقرم وأوكرانيا، وتعدّ لإبرام صفقة مع الأميركيين تكرس دورها في العالم، إلاّ السوري، نظاماً ومعارضة، فقد بات هامشياً.
هي مرحلة صعبة ودقيقة، المفاوضات والعمل السياسي، دون أي تخلٍ عن العسكري الدفاعي... مرحلة بلورة شخصية المعارضة ورؤيتها لمستقبل سوريا، على قاعدة استعادة الثورة لأبنائها والانفتاح على كل مكونات سوريا. التشرذم في المواجهة، والارتجال في المواقف، إذا ما استمرا سيكون متعذراً على قوى الثورة الاستفادة من الأجندات المختلفة بين روسيا وإيران وتركيا