الرئيسة \  واحة اللقاء  \  باب الحل السياسي في سوريا

باب الحل السياسي في سوريا

01.01.2017
سميح صعب


النهار
السبت 31/12/2016
هدنة سوريا التي يفترض أن تليها محادثات سلام في أستانا ثم في جنيف، مبنية على التوازن الجديد للقوى الذي وفرته خسارة المعارضة السورية مدينة حلب. وعلى رغم ان أنقرة التي يفترض ان تكون شريكة روسيا في ترتيب اتفاق وقف النار لا تزال تتمسك بخطاب سياسي تصعيدي حيال النظام في سوريا، فإنها لا تملك في الوقت الحاضر ترف تقديم مطالب لا تتيحها موازين القوى.
 
وإنه لمفارقة ذات مغزيين عسكري وسياسي كبيرين أن تكون روسيا هي التي تؤمن الغطاء الجوي للقوات التركية التي تقاتل "داعش" في مدينة الباب بمحافظة حلب وليس الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة كما كان يفترض. والتناقض التركي - الاميركي بلغ من الحدة ان يتهم رجب طيب اردوغان الائتلاف بدعم "الجماعات الارهابية" وليس الجيش التركي أو فصائل المعارضة السورية التي تحظى بدعم أنقرة.
إنها لحظة روسيا في سوريا وفي الشرق الأوسط عموماً. ومن الواضح ان موسكو أرادت من معركة حلب ان تكون الباب الى حل سياسي يوفر على سوريا مزيداً من الدمار ونزف الدم، ويوفر ايضاً على روسيا نفسها احتمالات الغرق في حرب استنزاف طويلة في سوريا. ولم يكن حدثاً عابراً ان يوقع الرئيس الاميركي باراك أوباما عشية مغادرته البيت الابيض قانون تسليح المعارضة السورية بصواريخ تطلق عن الكتف. يدل هذا على ان واشنطن تحاول إطالة أمد الحرب السورية وتحويلها بؤرة استنزاف لروسيا وايران.
وفي المقابل ترى موسكو ان تركيا اذا كانت شريكاً جدياً في البحث عن الحل السياسي، يمكنها أن تحيد جزءاً واسعاً من المعارضة السورية التي تتخذ اسطنبول مقراً لها فضلاً عن الفصائل العسكرية التي تعتمد في تسليحها وتمويلها على تركيا. ومنذ البداية اعتمدت روسيا مقاربة تقوم على اشراك كل القوى الاقليمية في الحل السوري، لكن هذه القوى وفي مقدمها تركيا لم تكن حتى قبل حلب مقتنعة بالحل السياسي وكانت لا تزال تأمل في قلب المعادلات العسكرية لمصلحة المعارضة.
لكن حلب التي توجت عاماً من التدخل الروسي أقنعت تركيا بأنه بات من الصعب المضي في الخيار العسكري وخصوصاً في ضوء بروز أكراد سوريا كياناً يتمتع بالدعم الاميركي المطلق الامر الذي زاد الخلاف التركي - الاميركي. ثم ان التورط العسكري التركي في الشمال السوري يهدد بتورط واستنزاف تركيين بعيدي المدى.
في هذه اللحظة أتى الزخم السياسي الروسي ليوفّر مخرجاً لتركيا ولكثير من فصائل المعارضة السورية التي باتت تعتبر المضي في الخيار العسكري بمثابة انتحار سياسي.