الرئيسة \  واحة اللقاء  \  انسحابات ترمب وأثرها على الخليج

انسحابات ترمب وأثرها على الخليج

27.12.2018
د. ظافر محمد العجمي


د. ظافر محمد العجمي
العرب القطرية
الاربعاء 26/12/2018
لا شك أن الرئيس دونالد ترمب قادر على إرباك خصومه، وجعلهم يتفاعلون بشكل ارتجالي، فقد أعلن عن عقيدته أو "مبدأ ترمب Trump Doctrine" أسوة ‏ببقية الرؤساء، بمبادئهم الإرشادية أو الملزمة كمبدأ أيزنهاور، ومبدأ نيكسون ‏ومبدأ كارتر، وملخصه: "إذا احتجتني اطلبني"، والاختلاف الحاد عنها أنه ‏يظهر عزوف ترمب عن مبادئ السياسة الخارجية الأميركية طوال قرن، محيّراً ‏المراقبين إن كان ما يطرحه رؤية أم ارتجالاً، فقد بدأ بانسحاباته العجولة من ‏مواقع عسكرية مثل سوريا وأفغانستان، بل وسبقها سحب "الباتريوت" من الخليج،‏ لقد أقام الاستراتيجي القابع مستتراً في هيئة رجل أعمال اسمه ترمب، أقام مبدأ الأمن عند ‏الطلب‏ Security By Request"‏" حيث يمكنكم طلب "البيتزا" أو دجاج "‏كنتاكي" إذا شعرتم بالجوع، وسوف نفرض شروطاً لصالح واشنطن تدفعونها ‏صاغرين، لكنني لن أفتتح مطبخاً في بيتكم، وستعرفون قيمة ما نقدم إذا لم تروه إلا ‏بعد مكابدة عناء التوصيل.‏
ولم تحيّر الانسحابات العجولة حليفاً حكومياً في جبال أفغانستان، أو كردياً بشمال ‏سوريا، أو عربياً على ضفاف الخليج فحسب، بل أثارت جزع أجنحة مؤسسة صنع القرار ‏الأميركية، الأمنية والاستخباراتية والعسكرية، وكأن ترمب قد تحرّر من قيوده ‏الداخلية والخارجية، ففي الداخل هناك شعور بالخيانة، مما شرع الأبواب أمام ‏تخرصات منها إمكانية أن يعيد ترمب النظر فيما قرره من انسحابات، أو على الأقل عدم ‏الاستعجال في تنفيذها، وفي الخارج نظرة شك في هذه التحركات، وتفسيرها على أنها إعادة انتشار وخلق جبهات جديدة.‏
لقد آمنّا طويلاً أنه ليس من المستحسن أن يشارك المشرّعون في اتخاذ ‏قرارات ‏استراتيجية لميلهم المصلحي لشعبية القرارات، لكن رجل الأعمال المسمى ترمب -القابع مستتراً في هيئة رئيس أقوى دولة في العالم- أخذ في خفض تكاليف ‏الميزانية الأميركية في الخارج ليعززها في الداخل، فقد سبق ذلك ضرائب على ‏المستورد من الصلب والألمنيوم، مع استخدام التعرفة الجمركية كسلاح، ثم نجاحه ‏في الحرب التجارية مع الصين، عبر إهانة بكين باعتقال مديرة "هواوي" -عملاق تكنولوجيا ‏الاتصالات- وتقديم الصين تنازلات مذلّة كخفضها الضرائب على السيارات ‏الأميركية من %40 إلى 15 % فقط، بذريعة نزع فتيل الأزمة لتجاوز ركود ‏اقتصادها.‏‏
بالعجمي الفصيح:
إن انسحاب ترمب العجول من ساحات القتال في أفغانستان وسوريا، وقبلها ‏سحب بطاريات "الباتريوت" من الخليج، مؤشر على أن الانسحابات المقبلة بناء ‏على عقيدة ترمب "إذا احتجتني اطلبني" ستكون من القواعد الأميركية حول ‏العالم، فماذا أعددنا في الخليج لمرحلة الانسحاب من القواعد بعد اكتمال ‏الانسحاب من الصراعات؟!;