الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الولايات المتحدة تواجه أزمة جديدة في الشرق الأوسط قد تودي إلى حرب إقليمية

الولايات المتحدة تواجه أزمة جديدة في الشرق الأوسط قد تودي إلى حرب إقليمية

06.01.2020
رائد صالحة



القدس العربي
الاحد 5/1/2020
واشنطن-“القدس العربي”:حذر وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبير، قبل ساعات من تنفيذ الغارة الجوية المميتة، التي أدت لمقتل قاسم سليماني وعدد من القياديين في “الحشد الشعبي” من أن الولايات المتحدة تشهد علامات على أن إيران أو قواتها قد تخطط لشن هجمات إضافية على المصالح الأمريكية، مضيفاً أن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ إجراء وقائي ضد هذه الهجمات.
وبالفعل، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامره بتنفيذ أول “إجراء وقائي” ولكن القرار كان مفاجئاً وكبيراً إلى حد الجزع من اندلاع حرب إقليمية جديدة في المنطقة، حيث أسفرت الغارة الأمريكية المباغتة قرب مطار بغداد عن مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب قوات”الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس.
وحذرت واشنطن من أنها ستتحرك إذا تلقت أي إشارات أو كلمة عن هجمات من أي نوع، وقالت إنها ستتخذ المزيد من الإجراءات الوقائية
الوجود الأمريكي في العراق
عملية بغداد وتعليقات إسبير جاءت بعد أن اختتمت بعثة الولايات المتحدة في العراق عام 2019 عملها بملاحظات تتحدث عن عنف واقتحامات وحريق وسخط، حيث قام مؤيدو الميليشيات التي تدعمها إيران باختراق أبواب السفارة الأمريكية في بغداد، وأشعلوا حرائق صغيرة في الممتلكات، وعلى الفور، سارع الدبلوماسيون الأمريكيون بالاختفاء عن الأنظار.
هذه التطورات وضعت علامة استفهام حول مستقبل الوجود الأمريكي في العراق، حيث ناقش المشرعون في الكونغرس وغيرهم في واشنطن أهمية الأزمة وكيفية استجابة الولايات المتحدة لها.
وقد ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اللوم على حادث يوم الثلاثاء بشكل صارخ على إيران، ما جعل من دراما السفارة أحدث فصل في التوترات بين أمريكا وإيران، والتي يخشى البعض أن تؤدي إلى الحرب. وقال ترامب في تغريدة “الآن تقوم إيران بتنظيم هجوم على السفارة الأمريكية في العراق، سوف يتحملون المسؤولية الكاملة، ونتوقع أن يستخدم العراق قواته لحماية السفارة”.
ولكن نقاد ترامب ألقوا اللوم عليه، وقالوا إن سياسة الشرق الأوسط الخاطئة هي التي أدت إلى مشهد السفارة، وعلى سبيل المثال، أكد السيناتور كريس مورفي أن ترامب جعل أمريكا عاجزة في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن لا أحد يخاف أمريكا، وأضاف ساخراً أن أمريكا تحولت إلى تجمع في “غرف آمنة” على أمل أن يذهب “الأشرار” وأوضح السيناتور مورفي أن الهجوم على السفارة في بغداد كان مروعاً ولكن يمكن التنبؤ به.
واندلعت موجة التوتر الأخيرة عندما ألقت إدارة ترامب باللوم على ميليشيات كتائب حزب الله المدعومة من إيران في هجوم أسفر عن مقتل مقاول أمريكي وإصابة أربعة من أفراد الخدمة الأمريكية، ورداً على ذلك، نفذت الولايات المتحدة غارات جوية ضد خمسة أهداف لكتائب حزب الله في العراق وسوريا، ما أسفر عن مقتل 25 من مقاتلي الجماعة على الأقل.
وقام الآلاف من المتظاهرين باقتحام مجمع السفارة في بغداد رداُ على الغارات، وردد بعضهم هتافات “الموت لأمريكا” وهم يرتدون زيا عسكرياً.
وبالنسبة لإدارة ترامب فقد كانت الهجمات الأخيرة على السفارة بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في العراق بين الولايات المتحدة وإيران.
ودار نقاش ساخن في الكونغرس بين حلفاء وخصوم ترامب حول الغارة الأمريكية في بغداد حيث أيد الجمهوريون العملية المميتة، وقالوا إن سليماني كان عدواً للولايات المتحدة، في حين حذر العديد من الديمقراطيين من اندلاع حرب إقليمية جديدة في الشرق الأوسط، كما ثار سؤال حول قانونية العملية لأن ترامب أصدر أمره بدون أخذ أذن من الكونغرس.
وبينما كان النقاش يدور في واشنطن حول فعالية وقانونية قتل سليماني، ترك البنتاغون الباب مفتوحاً أمام الأعمال المستقبلية لردع الهجمات الإيرانية.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن هذه الضربة تهدف إلى ردع خطط الهجوم الإيراني في المستقبل، وأكدت أن “الولايات المتحدة ستواصل اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية الشعب الأمريكي والمصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم”.
المزيد من التصعيد
سليماني، هو العقل المدبر العسكري الذي اعتبره وزير الخارجية مايك بومبيو بنفس القدر من الخطورة مثل زعيم تنظيم”الدولة الإسلامية” أبو بكر البغدادي، وإذا كانت إدارة ترامب تعلم خطورة ومكانة سليماني في طهران، فهي بالتاكيد تعلم، وفقا لتوقعات الخبراء، أن طهران سترد بالتأكيد لأن عدم الرد سيعني أنها ضعيفة للغاية، وهذا يعني المزيد من التصعيد.
وقد حرصت واشنطن على بعث رسالة إلى طهران مع الغارة الجوية القاتلة، وهي أن العملية تهدف إلى وقف عمليات إيرانية مستقبلية في العراق في محاولة لتخفيف حدة رد الفعل المتوقع. ولكن مقتل سليماني والمهندس يعتبر نقطة تحول محتملة في الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن تجلب انتقاماً شديداً من إيران والقوات التي تدعمها في المنطقة ضد الكيان الإسرائيلي المحتل والمصالح الأمريكية.
وناقش إسبير ووزير الخارجية بومبيو ورئيس الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي مع ترامب آثار الغارات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط، ووضع خيارات أخرى لردع “السلوك السيئ” في المنطقة، على حد تعبير البيت الأبيض.
وقد جعل ترامب مواجهة إيران حجر الزاوية في سياسته الخارجية، ولكنه سعى إلى موازنة خطابه اللاذع مع رغبته في تجنب المزيد من التشابك في الحروب الخارجية.
وقد تميزت السنة الماضية بالعديد من حالات الصراع القريب بين طهران وواشنطن، بما في ذلك في حزيران/يونيو بعد أن اتهمت الولايات المتحدة إيران باسقاط طائرة أمريكية بدون طيار، وفي أيلول/سبتمبر بعد هجوم على منشآت نفط سعودية.
وقد أثار اقتحام السفارة الأمريكية في العراق مقارنات تاريخية قد ساعدت على ما يبدو من الرد الأمريكي العنيف. حيث وصف جون بولتون، المستشار السابق لترامب للأمن القومي، حادث الأسبوع الماضي بأنه “مباشرة من قواعد اللعبة الإيرانية في عام 1979 عندما اقتحم الإيرانيون السفارة الأمريكية في طهران وأشعلوا أزمة الرهائن.
كما أدت الأحداث في العراق، أيضاً، إلى تلميحات لهجوم عام 2012 على المجمع الأمريكي في بنغازي في ليبيا، حيث قُتل السفير كريستوفر ستيفنز.
وتعهد السيناتور غراهام، الذي قال إنه التقى مع ترامب لمناقشة الوضع، بأنه “لن تكون هناك بنغازي أخرى”.
اقتباس
القرار كان مفاجئاً إلى حد الجزع من اندلاع حرب إقليمية جديدة في المنطقة