الرئيسة \  واحة اللقاء  \  النظام السوري يطالب مدنيي إدلب بمغادرتها وحشود واستعدادات لعملية عسكرية واسعة غربي حلب

النظام السوري يطالب مدنيي إدلب بمغادرتها وحشود واستعدادات لعملية عسكرية واسعة غربي حلب

14.01.2020
هبة محمد



القدس العربي
الاثنين 13/1/2020
دمشق – "القدس العربي": دخلت هدنة إدلب شمال غربي سوريا، التي توصل إليها الرئيسان التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الروسي فلادمير بوتين خلال القمة الثنائية في إسطنبول، الأسبوع الفائت، حيز التنفيذ منتصف ليلة السبت – الأحد، علماً ان روسيا كانت قد أعلنت من طرفها وقفاً لإطلاق النار منذ ظهيرة الخميس في التاسع من الشهر الجاري، إذ يشير التفاوت الزمني في إعلان وقف إطلاق النار إلى جانب التصعيد إلى عدم انسجام كامل بين الضامنين التركي والروسي حيال التهدئة، وحجم الضغط الذي مارسته أنقرة على موسكو لإقناعها بضرورة ضبط حركة طيرانها وفوهات البنادق المسلطة على المدنيين يجري ذلك بينما النظام السوري يطالب مدنيي إدلب وريف حلب الغربي بمغادرتهما وسط حشود لقواته واستعدادات لعملية عسكرية واسعة في ريف حلب الغربي.
 
حشود في ريف حلب
 
ويبقى يقين أهالي إدلب وشكوكهم مشروعة حول نوايا النظام وبأن الهدنة ليست إلا لالتقاط أنفاسه والاستعداد لهجوم ولمجازر جديدة وتأكيداً لذلك جاءت مطالبة نظام الأسد المدنيين أمس في إدلب وريف حلب الغربي بمغادرة المنطقة تزامنًا مع وقف إطلاق النار الذي ترعاه تركيا وروسيا. وقال مراسل الأناضول إن مروحيات تابعة لنظام الأسد ألقت أمس الأحد منشورات على إدلب وريف حلب الغربي. ونصت المنشورات على أن قرار تطهير المناطق من التنظيمات الإرهابية "لا رجعة عنه". وطالبت المنشورات المدنيين بالانتقال إلى مناطق سيطرة النظام عبر قرى "الهبيط" و"أبو الضهور" و"الحاضر".
وتأكيداً لموقف العديد من المراقبين بأن النظام يستعد لمعركة مقبلة فقد أفاد تقرير إخباري أمس بأن جيش النظام السوري استكمل استعداداته لبدء عملية عسكرية في ضواحي حلب وريفها. وفي السياق نفسه أوضحت صحيفة "الوطن" السورية أن هذه العملية ستضع الطريق الدولي الذي يصل حلب بحماة، وفق "اتفاق سوتشي" 2018، في الخدمة و"تؤمن الجبهات الغربية للمدينة من الإرهاب".
 
قبيل ساعات من تطبيق الهدنة… مقتل 20 مدنياً بينهم 6 أطفال بغاراته
 
وكشف مصدر ميداني لوكالة "د ب أ" الألمانية عن استقدام الجيش السوري أرتالاً عسكرية جديدة، بينها صواريخ حديثة لم تستخدم في حلب من قبل، إلى خطوط تماس الجبهات الغربية من المدينة وإلى ريف المحافظة الجنوبي، لتضاف إلى التعزيزات السابقة التي أرسلت في وقت سابق إيذاناً ببدء عملية عسكرية متوقعة في أي لحظة. وأشار المصدر إلى أن الجيش "نفذ أمس رميات صاروخية ومدفعية استهدفت مقار وتحركات الإرهابيين في ريفي حلب الغربي والجنوبي".
ويُشير التفاوت الزمني في إعلان وقف إطلاق النار إلى جانب التصعيد الذي شمل استهداف نقطة المراقبة في عندان بشكل مباشر، حسب رأي رئيس وحدة الدراسات لدى مركز جسور للدراسات عبيدة فارس إلى عدم انسجام كامل بين روسيا وتركيا حيال التهدئة في إدلب شمال غربي سوريا، وأنّ موسكو استجابت إلى ضغوط كبيرة أكثر من قناعتها بضرورة التهدئة.
وحول التزام النظام السوري الهدنة، يقول الخبير فارس لـ"القدس العربي"، إنه في حال لم يبادر النظام السوري إلى شنّ هجوم جديد من أحد المحاور لا سيما شمال حلب وغربها، فإنّ التزامه بالتهدئة المؤقتة لا يعني إنهاءه الخروقات، وهو الذي سبق أن قدّم صورة عن تعاطيه مع وقف إطلاق النار منذ توقيع مذكّرة سوتشي (2018)؛ بحيث يتم تخفيض الطلعات الجوية إلى الحد الأدنى بدون ضرورة إنهائها، مع استمرار القصف الصاروخي والمدفعي على خطوط التماس وفي العمق.
وينطلق حرص النظام السوري وحلفائه على استمرار الخروقات في منطقة خفض التصعيد، من الرغبة في استمرار الكارثة الإنسانية، أي بما يؤدي إلى الإبقاء على حالة الذعر بين الأهالي للتأثير على قراراتهم السياسية والقبول بالممرات الآمنة والتي سيتم الإعلان غالباً عن وجودها، ورغم أنّ النظام السوري وحلفاءه أخفقوا في تطبيق هذا النموذج في منطقة خفض التصعيد، لكنّ يبدو أنه ما يزال هناك تعويل عليه مع تقويض مساحة سيطرة المعارضة السورية، والضغط على تركيا والمعارضة السورية، بحيث تؤدي موجات النزوح إلى خلق مزاج عام يطالب الطرفين بقبول المقاربة الروسية للمنـطقة العازلة.
 
استمرار سقوط الضحايا
 
ورغم استمرار قرع طبول الحرب، ساد هدوء نسبي في محافظة إدلب ومحيطها عقب توقف غارات الطائرات الحربية السورية والروسية عن الأجواء، وذلك بعد نحو ثلاثة أشهر على الحملة العنيفة ضد سكان المنطقة الذين عاشوا قصفاً يومياً منذ نهاية شهر تشرين الأول /أكتوبر الفائت، وأسفرت عن تهجير نحـو 300 ألف مدنـي.
الهدنة السارية، حسب ما يقول مدير الدفاع المدني السوري لـ"القدس العربي"، مليئة بخروقات النظام الذي يحفل سجله بعدم الالتزام بتعهداته، حيث أوضح المتحدث أن الوضع في إدلب ومحيطها هادئ بشكل عام، وليس كلياً، وذلك بسبب القذائف التي لا تزال مستمرة.
وقال مصطفى الحاج يوسف خلال حديثه "سجلنا سقوط 10 قذائف على معرة النعمان، وغيرها من مناطق الريف الشرقي مثل معر شمشة وتل منس ولم تتوقف، وحتى اللحظة يوجد رمايات على معرة النعمان".
استمرار القذائف يعني، وفقاً لمدير الدفاع المدني السوري، استمرار النزوح والتهجير، من هذه المناطق التي تم تهجير سكانها ابتداء من معرة النعمان وريفها الشرقي، مروراً بالريف الغربي والشمالي حتى ريف إدلب الجنوبي بالكامل، ومع استمرار القذائف والضربات المدفعية، لن تكون هناك عودة للمدنيين إلى مدنهم ولن يكون هناك استقرار في المنطقة بل ستستمر عملية النزوح.
ودعا، مصطفى المجتمع الدولي والضامن الدولي إلى تطبيق الهدنة والسعي لترسيخها بشكل فعلي ولجم النظام السوري عن خرقها بأي وسيلة كانت، سواء بالطيران أو القذائف المدفعية والصاروخية.
وقبيل ساعات من تطبيق الهدنة بشكل فعلي، ارتكب النظام السوري، السبت، سلسلة مجازر راح ضحيتها 20 مدنياً بينهم 6 أطفال وأكثر من 95 مصاباً، بينهم 32 طفلاً في كل من مدينة ادلب وبنش وبلدة النيرب، جراء قصف الطيران المروحي. حيث قتل 8 مدنيين بينهم طفل وسيدتان وأصيب 39 شخصاً بينهم 10 أطفال و9 نساء، في مجزرة مروعة في مدينة إدلب جراء قصفها عبر غارات جوية من قبل طائرات النظام استهدفت شارعاً وحياً سكنياً وأدت إلى دمار كبير في منازل المدنيين وآلياتهم، وفي بلدة بنش قتل 3 أطفال و4 نساء وأصيب 25 آخرين بينهم 13 طفل وسيدتان نتيجة استهداف الطيران الحربي التابع لقوات الأسد السوق الشعبي ومنازل المدنيين وسط البلدة، ما أدى لمجزرة بحق المدنيين ودمار كبير في المحال التجارية والحي السكني هناك.
أما في بلدة النيرب فقد قتلت طائرات الأسد 5 مدنيين بينهم طفل وسيدتان وأصابت 12 آخرين بينهم 4 نساء و4 أطفال إثر استهداف البلدة بعدة غارات جوية وسط الأحياء السكنية، كما أصيب 4 أطفال و3 نساء في بلدة سرمين و6 مدنيين بينهم 3 أطفال وامرأة في بلدة معردبسة و4 مدنيين في كدورة بجبل الزاوية ورجل في خان السبل ورجل في كفربطيخ إثر استهداف تلك البلدات بعدة غارات جوية من قبل الطائرات الحربية التابعة لقوات النظام، فيما أصيب رجل وامرأة في بلدة سرجة فجر اليوم جراء قصف بصواريخ عنقودية على البلدة.
واستهدف خلال القصف 24 منطقة بـ55 غارة جوية بفعل طيران الأسد و 39 برميلاً متفجراً بالإضافة إلى 80 قذيفة مدفعية و18 صاروخاً يحمل قنابل عنقودية، حيث شمل القصف مدينة إدلب وبلدات عدة شرق إدلب وريفيها الجنوبي والشمالي.
من جهتها، وثقت فرق الخوذ البيضاء لحظات مؤلمة أثناء انتشال فرق الإنقاذ جثث أطفال ونساء من تحت الأنقاض في بلدة النيرب شرق إدلب إثر غارات جوية من قبل طائرات قوات النظام، والتي أدت لمقتل 5 مدنيين وإصابة 12 آخرين، فضلاً عن خروج مركز قطاع معرة النعمان في الدفاع المدني عن الخدمة نتيجة قصفه من قبل الطائرات المروحية ببرميلين متفجرين يوم السبت، حيث أدى إلى دمار جزئي في المبنى الرئيسي ودمار كامل المستودع الخاص في المركز.