الرئيسة \  واحة اللقاء  \  النظام السوري يسيطر على معرة النعمان ويتوجه إلى سراقب 

النظام السوري يسيطر على معرة النعمان ويتوجه إلى سراقب 

03.02.2020
منهل باريش



القدس العربي
الاحد 2/2/2020
كررت قيادة العمليات الروسية خطة هجومها خلال السيطرة على مدينة معرة النعمان، ثاني أكبر حواضر محافظة إدلب، واتبعت سياسة حصار المدن وتجنب المواجهة المباشرة، وهي الخطة التي بدأ الروس تطبيقها بعد تدخلهم إلى جانب النظام نهاية 2015. وطبقت أول مرة خلال استعادة السيطرة على مدينة حلب كانون الأول (ديسمبر) 2016. وشطرت قوات النظام الغوطة الشرقية إلى ثلاثة أقسام في ربيع عام 2018 بهدف فصل القطاع الأوسط عن مدينتي دوما وحرستا، ومن ثم عزل المدينتين القريبتين عن بعضهما وهو ما سهل استسلام فصائل فيلق الرحمن وفجر الأمة وجيش الإسلام.
كذلك، حاصرت قوات النظام منطقة اللطامنة في ريف حماة الشمالي وخان شيخون جنوبي محافظة إدلب في صيف العام الماضي.
وطوقت قوات النظام والميليشيات المساندة لها معرة النعمان، الأسبوع الفائت، فسيطرت أولا على بلدات الدير الشرقي والدير الغربي ومعرشمشة وأبو دفنة ومعرشورين ومعرشمارين وتلمنس، ومنها تقدمت وتجاوزت طريق حلب-دمشق (إم 5) ووصلت إلى قرية الدانا (دانة المعرة) وقطعت خطوط الإمداد الشمالية باتجاه سراقب من خلال السيطرة على طريق (إم 5) وعلى الطريق الفرعي الواصل بين معرة النعمان وأريحا. وفي اليوم التالي خسرت فصائل المعارضة منطقة الحامدية، واشتد القتال في بلدة كفروما غربا، وتناوب مقاتلون محليون السيطرة على البلدة مع قوات النظام من دون تعزيزات من الفصائل الكبرى، الأمر الذي حال دون استمرار مقاومة المحليين الذين لا يملكون سوى أسلحة فردية. ومع سقوط كفروما، أصبح الطريق الرئيسي بين كفرنبل غربا ومعرة النعمان مقطوعا بشكل نهائي، وبقيت الطرق الفرعية الواصلة إلى بلدة البارة في جبل الزاوية الوحيدة السالكة، فيما رصد الطريق الواصل إلى حنتوتين ودير سنبل.
الانسحاب إلى الأطراف
إن إطباق الحصار من كل الجهات، منع دخول وخروج المقاتلين إلى معرة النعمان، وحاولت قوات النظام دخول المدينة نهارا لكنها لاقت مقاومة عنيفة من عشرات المقاتلين من أبنائها، ودفعها ذلك إلى الانسحاب إلى الأطراف، لتعاود الكرة بعد تمهيد صاروخي عنيف، مستغلة تفوقها التقني كونها تملك المناظير الليلية، الذي افتقدها مقاتلو المعارضة.
بعد السيطرة على معرة النعمان، تقدمت قوات النظام شمالا على طريق حلب-دمشق وسيطرت على بابيلا ومنها إلى خان السبل، وبالتوازي استمر تقدمها على محاور معصران وأبو دفنة ومن ثم شمالا إلى الهرتمية وتل دبس وحزان ليصبح خط الجبهة على القرى الجنوبية التابعة لناحية سراقب إداريا في الشيخ ادريس ولوف وتل مرديخ، حيث فشلت قوات النظام من التقدم على محور قرية لوف عدة مرات وأوقع “جيش علي” التابع لهيئة “تحرير الشام” عدة مجموعات من قوات النظام بين قتيل وجريح، وبث أشرطة مصورة لجثث قتلى النظام على ذلك المحور، بعد أن تمكن مقاتلوه من سحبها إلى مناطق تمركزهم في المزارع الجنوبية لقرية لوف.
إلى ذلك صدت فصائل المعارضة هجومين على قرية داديخ وجوباس غرب طريق حلب-دمشق، في القطاع المواجه لتل مرديخ ومعردبسة، وعززت الجبهة الوطنية جنوب سراقب بمئات المقاتلين ونصبت قواعد الصواريخ المضادة للدبابات (م/د).
وشهدت المنطقة التحاقاً لافتا من المدنيين غير العسكريين ومن أبناء المناطق الأخرى الذين شعروا أن النظام سيصل لمناطق وجودهم أينما كانوا. فمع السيطرة على معرة النعمان تراجعت الثقة بالدور التركي إلى حد كبير، وازداد التشكيك بجدوى وجود نقاط المراقبة التي تحاصر تباعا منذ حصار نقطة مورك إلى نقطة الصرمان، والنقطة المحدثة بالقرب من معرحطاط جنوب معرة النعمان.
وفي السياق، دفعت تركيا برتل عسكري جديد إلى منطقة سراقب يضم قرابة 100 آلية بينها دبابات وعربات مصفحة وناقلات عربات ومدافع ومعدات هندسية ثقيلة، وتمركز الجنود الأتراك في موقع حبوب سراقب الذي يبعد نحو أربعة كيلومترات عنها. وقامت القوات التركية صباح الجمعة بنشر نقطة متصلة بالنقطة-الجديدة، وحدد مكانها في معمل الأدوية (معمل السيرومات) الذي يقع نهاية عقدة التقاء طريقي (إم 4) و(إم5). وقامت القوات التركية بتشغيل أبراج اتصالات الهاتف الخليوي في المنطقة بعد تمركزها مباشرة. وبنشر النقطتين الجديدتين في سراقب، يرتفع عدد النقاط التركية إلى 15 منها 12 انتشرت ابتداء من تشرين الأول (أكتوبر) 2017. وأنشأت نقطة مراقبة جديدة على جنوب معرة النعمان في معرحطاط إثر سقوط مدينة خان شيخون آب (أغسطس) الماضي.
في ريف حلب الغربي، نجحت المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين “تحرير الشام” وحركة “نور الدين الزنكي” والتي استمرت ليومين متواصلين في بلدة دراة عزة، وأسفر التفاهم الذي رعاه قائد حركة “أحرار الشام” جابر علي باشا، بالسماح لمقاتلي الزنكي بالدخول إلى مناطقهم التي طردوا منها قبل عام، إثر سيطرة “تحرير الشام” على ريف حلب الغربي، وبدأ المئات من مقاتلي الزنكي بالدخول يوم الخميس على عدة دفعات واستلام نقاط مواجهة مع قوات النظام غرب حلب.
قرب التوصل إلى اتفاق
ودفع شعور العجز العسكري لدى “تحرير الشام” أمام قوات النظام، إلى السماح لمقاتلي الفرقة التاسعة في الجيش الوطني بالدخول إلى ريف حلب الغربي أيضا، فيما تعثر دخول فرقة سمرقند التي يقودها النقيب ثائر معروف (حتى ظهر الجمعة) وينحدر أغلب مقاتليها من فصائل الجيش الحر السابقين في منطقة جبل الزاوية، فيما تشير مصادر “القدس العربي” إلى قرب التوصل إلى اتفاق يسمح لهم بالدخول.
سياسيا، تصاعدت حدة التصريحات بين أنقرة وموسكو، واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فصائل المعارضة بالتصعيد، قائلاً: “إن المسلحين الذين يسيطرون بشكل كامل تقريباً على إدلب وخصوصاً من جبهة النصرة واصلوا بانتظام انتهاك نظام وقف إطلاق النار، الذي تم إعلانه في أوائل كانون الثاني (يناير) بناءً على اقتراح روسيا وتركيا”. وأشار إلى أن “خروج المقاتلين المعتدلين إلى ليبيا سيخلي الساحة لسيطرة المتشددين”. مضيفا ان الخيار الوحيد لهم “هو الإستسلام”.
وحمل فصائل المعارضة مسؤولية عشرات الانتهاكات، موضحاً “يهاجمون ويطلقون القذائف من مختلف أنواع الأسلحة على مواقع الجيش السوري والأهداف المدنية. ولا تتوقف محاولات إرسال طائرات مفخخة من دون طيار لشن هجمات ضد القاعدة الجوية الروسية في حميميم” منوهاً “هذه الاستفزازات أودت بحياة العشرات وجرح مئات المدنيين وأفراد الجيش السوري” على حد تعبيره.
وبلغ التوتر الروسي التركي أشده مع تصريح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الجمعة، أن بلاده “لن تقف متفرجة حيال الوضع في إدلب أو مناطق أخرى في سوريا، ولن تتردد في القيام بكل ما يلزم بما في ذلك استخدام القوة العسكرية” مضيفا في كلمة ألقاها أمام مسؤولين في حزبه (العدالة والتنمية) الحاكم: “لن نقف متفرجين على ممارسات الظلم وقصف المدنيين على حدودنا مع سوريا”.
وفي حين فهم من كلام اردوغان ان القصد هو إدلب، استدرك “لا يحق لأحد إجبارنا على الاختيار بين مطرقة الإرهاب الانفصالي وقبول ظلم النظام السوري” وعزا ذلك إلى أن “اتفاقية أضنة تمنحنا الحق في الدفاع عن حدودنا شمال سوريا”.
من جهته، لم يتأخر الكرملين بالرد على تصريحات اردوغان، حيث أكد المتحدث باسمه، ديميتري بيسكوف، أن موسكو “تفي بكامل التزاماتها بموجب اتفاق سوتشي الخاص بإدلب، لكن الهجمات الإرهابية المستمرة بهذه المنطقة تشكل مصدر قلق عميق”. وكرر بيسكوف الإتهامات المتعلقة بتمركز “الإرهابيين الذين يقومون باستمرار بأعمال هجومية عدوانية ضد القوات المسلحة السورية، وكذلك ضد القاعدة الروسية في حميميم”. حسب ما نقلت وكالة “انترفاكس”.