الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المعارضة السورية: تحدي قراءة المشهد وأداء الدور

المعارضة السورية: تحدي قراءة المشهد وأداء الدور

30.05.2016
وائل مرزا


المدينة
الاحد 29/5/2016
المعارضة السورية: تحدي قراءة المشهد وأداء الدور ثمة عبارتان في كلمة وزير الخارجية القطري، خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة السادس عشر الأسبوع الماضي، يجدر بالسوريين، ومعارضتهم تحديداً، التفكير فيهما بشكل جدي.
في تلك الكلمة، قال الوزير: "إن الشعب السوري يستحق قيادةً موحدة لفصائله المعارضة بعيداً عن المصالح الضيقة التي لاتُجدي نفعاً... الانقسامات لن تمكن الفصائل من تحقيق نظام سياسي ديمقراطي أو غير ديمقراطي". ليؤكد بعدها بقليل أن "الحل النهائي للأزمة السورية أصبح مرهوناً بإرادة واضحة للقوى الدولية الفاعلة، لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لتكون هناك جدوى من المفاوضات بين المعارضة السورية والنظام".
أن تأتي أولُ ملاحظة، وهي أيضاً الأولى من نوعها عَلَناً، من وزير خارجية قطر، بعد هذه السنوات من العلاقة مع المعارضة السورية، أمرٌ لافت يجب أن يؤخذ بدرجةٍ عالية من الاهتمام الحقيقي، خاصة وأنها جاءت بعد اجتماعات في الدوحة لبعض فصائل المعارضة كانت تهدف لتسوية خلافاتها، لم تتكلل بالنجاح.
ثمة تفسيرات كثيرة لأسباب اختلاف فصائل المعارضة السورية فيما بينها، من البداية، يُمكن أن تبقى محل جدلٍ وحوار. لكن ما لاجدل فيه يتمثل في أن هذا الخلاف، مهما كانت أسبابه الأخرى، لم يكن له أن يستمر دون دورٍ رئيسٍ فيه للمعارضة نفسها، ولثقافتها السياسية. والذي جرى، ولايزال يجري، في الأسابيع الأخيرة بين فصائل الثوار في الغوطة، مثالٌ فاقعٌ لايترك مجالاً لنقاشٍ حول هذه الحقيقة.
منذ ستة أشهر فقط، تفاءل السوريون باجتماع أطياف المعارضة في الرياض ومانتج عنه. وبغض النظر عن طروحات بعض المراقبين والخبراء، وقتَها، بعدم امتلاك المعارضة السورية الراهنة القدرة على الأداء السياسي المحترف المنوط بها، كان ثمة أمرٌ واقع في صيرورة الأحداث على الأرض لايمكن تجاهله من خلال قبول ذلك الرأي. بل إن اجتماعات الرياض، وما تمخض عنها، كانت تحمل كموناً لإحداث نقلةٍ عملية في عمل المعارضة، قد تؤدي، تدريجياً، إلى نقلةٍ نوعية في الثقافة السياسية وماينتج عنها من ممارسات.
من هنا، تأتي ملاحظة الوزير مناسَبةً، ليس فقط لمراجعة مرحلة الأشهر السابقة، بل ولرصد المشهد الراهن بدرجةٍ أعلى من الإحاطة والواقعية. وتأتي ملاحظتهُ الثانية لتكون مدخلاً لهذا الرصد، عبر إدراك دلالاتها المتعلقة بالعوامل التي تؤثر في راهن الوضع السوري ومستقبله. فإذا كان في هذه العبارة إشارةٌ لحالة "الاستعصاء" الحالية لو تُرك الوضع في يد الفاعلين الدوليين كما هو الحال اليوم، فإن الجمع بين دلالات العبارتين سوياً يوحي بأن الأمل الوحيد في الخروج من ذلك الاستعصاء يكمن في أن تقرر المعارضة السورية تجاوز طريقة تفكيرها وعملها.
في هذا الإطار، تأتي تصريحات وزير الخارجية السعودي على قناة (روسيا اليوم)، والتي تُعيد التأكيد على موقف المملكة ودول الخليج فيما يتعلق بالوضع في سوريا. فقد حرص الوزير على التوضيح بأن موقف بلاده إزاء مصير بشار الأسد لم يتغير، إذ أوضح قائلاً: "الفكرة أنه عندما تبدأ المرحلة الانتقالية يجب أن يرحل الأسد... هذا ما ينص عليه إعلان (جنيف  1) وقرار مجلس الأمن 4225، بحسب تفسيرنا له، وبحسب المعارضة السورية المعتدلة".
كما أشار الجبير إلى استمرار التباين حول تشكيلة وفد المعارضة، مؤكداً أن المملكة ومعها قطاع واسع من بلدان مجموعة دعم التسوية في سورية تؤكد أن هيئة المفاوضات التي تشكلت في الرياض هي الوحيدة المخولة التفاوض باسم الشعب السوري، بينما تصر موسكو على إشراك أطراف أخرى، مع التوضيح بأن "الخلاف في وجهات النظر لا يمنع مواصلة الحوار وتعميقه مع روسيا، خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة".
بقية المشهد الذي يجب أن تتأمل المعارضة السورية أبعاده يكمن في أن التصريحات المذكورة جاءت خلال اجتماعات الدورة الرابعة لمنتدى "الحوار الاستراتيجي" لروسيا ومجلس التعاون، منذ أيام، وترأسها من الجانب العربي الوزير الجبير نفسه، وخُصصت للبحث في آفاق تطوير التعاون الثنائي في المجالات المختلفة ووضع آليات لتعزيز التنسيق بين الطرفين في القضايا الإقليمية والدولية.
هل تتمكن المعارضة السورية من قراءة أبعاد المشهد الراهن بحيث تؤدي دورها الوطني المسؤول؟ رغم تشاؤم الكثيرين، لاتزال المبادرة، حتى الآن، ممكنةً في هذا المجال