الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المشهد السياسي في اليوم التالي للانتخابات الأميركية 

المشهد السياسي في اليوم التالي للانتخابات الأميركية 

07.11.2020
هشام ملحم


واشنطن
النهار العربي 
الخميس 5/11/2020 
... وفي اليوم التالي، بدأ المشهد الانتخابي الأميركي داكناً أكثر بالنسبة إلى الرئيس دونالد ترامب، مع اقتراب المرشح الديموقراطي جوزف بايدن من الرقم الحاسم للفوز بالانتخابات، أي الحصول على الأكثرية البسيطة في المجمع الانتخابي، أي 270 صوتاً. ومع حلول مساء أمس الأربعاء بلغ عدد المندوبين في معسكر بايدن 253 مقابل 214 لترامب، حيث يحتاج بايدن 17 عضواً للفوز بالرئاسة. وعلى الرغم من الاهتمام الكبير الذي تركز على ولاية بنسلفانيا المحورية باصواتها العشرين في المجمّع، والتي لا يمكن لترامب البقاء في البيت الأبيض دونها، فإن بايدن المتقدم في أريزونا ونيفادا الغربيتين والتي يبلغ عدد مندوبي الولايتين في المجمع الانتخابي 17 صوتاً، يمكن أن يعطيا المرشح الديموقراطي مفتاح البيت الأبيض إذا فاز بهما كما يتوقع المراقبون، حتى ولو خسر ولاية بنسلفانيا. ويوم الأربعاء فاز بايدن بولايتي ويسكونسن وميتشغان، اللتين فاز بهما ترامب في 2014. وحتى الآن لم يفز ترامب بأي ولاية جديدة لم يكسبها في 2016.  
ولا تزال عمليات الفرز مستمرة في ولايات بنسلفانيا وألاسكا ونورث كارولينا وجورجيا وأريزونا ونيفادا. وحتى قبل الانتهاء من فرز الأصوات على الصعيد الوطني، حصل بايدن على أكثر من خمسين في المئة في الاقتراع الشعبي، بينما حصل ترامب على 48 في المئة، أي أن بايدن حصل على أصوات ثلاثة ملايين ناخب أكثر من الرئيس ترامب. 
 وفي اليوم التالي أيضاً، بدأ الهجوم المضاد القانوني والاعلامي لحملة ترامب ضد حملة بايدن، وضد المسؤولين المحليين في الولايات المتقدم فيها بايدن، إما لوقف فرز الاصوات، أو الادعاء بان المسؤولين عن ادارة الانتخابات منعوا ممثلي حملة ترامب من التواجد في مراكز الاقتراع وفرز الأصوات، او استخدام حجج أخرى مثل فصل بطاقات الاقتراع البريدية عن بطاقات الاقتراع المباشر، وغيرها من الحجج التي شكك فيها حتى بعض السياسيين المؤيدين لترامب، وسخر منها العديد من الحقوقيين. أما الحملة الإعلامية التي قادها ترامب وأفراد من عائلته، فإنها تهدف الى التشكيك بنظام الانتخابات الأميركية ونزاهته، اما لكسب المزيد من الوقت وزرع الشكوك بصدقية النتائج، او لطرح نفسه كشهيد لمؤامرات "الدولة العميقة" ولعجز بعض المسؤولين في إدارته عن مساعدته في معاركه ضد خصومه داخل الحكومة وخارجها، مثل مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي الذي كان يفنّد ادعاءات ترامب المتكررة بأن الديموقراطيين وأعداءه في الأجهزة الحكومية سوف يزّورون الانتخابات. 
وطلبت حملة ترامب وقف فرز الأصوات في بنسلفانيا وميتشغان، كما طالبت بإعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن، لأن نسبة تقدم بايدن بأقل من واحد في المئة، إضافة الى تحدي كيفية فرز الأصوات في جورجيا. وجاءت هذه المناورات القانونية في غياب أي أدلة من حملة ترامب تبيّن حدوث انتهاكات جدية لنزاهة الانتخابات، وفي غياب أي تهم من هذا النوع من أطراف محايدة. 
 ومع فجر اليوم الخميس، أظهرت آخر نتائج الفرز، أن بايدن يواصل تقليص نسبة تقدم ترامب في بنسلفانيا، (هناك أكثر من 750 ألف بطاقة اقتراع بريدي، لم يتم فرزها بعد، يعتقد أن أكثريتها لناخبين ديموقراطيين، يقيمون في مناطق ديموقراطية تقليدياً) وفي جورجيا الجنوبية التي لم يفز فيها مرشح ديموقراطي منذ أن وضعها الرئيس بيل كلينتون في معسكره في 1992. ومن المتوقع أن تعلن نتائج الفرز في أريزونا في أي وقت الآن، ولكن ليس من المتوقع الانتهاء من عملية فرز الأصوات في بنسلفانيا قبل يوم غدٍ الجمعة.  
وبعكس ادعاء الرئيس ترامب في الساعات الأولى لفجر أمس الأربعاء بأنه فاز في الانتخاب، تحدث المرشح بايدن لأنصاره في مدينة ويلمينغتون، في ولايته ديلاوير، بلهجة واثقة، عكست ثقة حملته بأنها تقترب من نهاية السباق، "بعد ليلة طويلة من الفرز، من الواضح أننا كسبنا بولايات كافية لأن نحصل على 270 صوتاً للفوز بالرئاسة". وأضاف: "أنا لست هنا لأعلن أننا انتصرنا. أنا هنا لأقول انه عندما ينتهي الفرز، نحن نعتقد أننا سنكون الطرف المنتصر". وتابع: "لن يأخذ أحد منا ديموقراطيتنا، لا الآن ولا في أي وقت آخر". ولوحظ أن ترامب بقي في البيت الأبيض ولم يدلِ بأي تصريحات لأنصاره. وفي مؤشر بأن حملة بايدن أصبحت مقتنعة بانتصارها، بدأ المسؤولون فيها بالتحضير للعملية الانتقالية التي تفصل الانتخابات عن قسم اليمين وتبادل السلطة في العشرين من كانون الثاني (يناير) المقبل. 
 وهناك مخاوف في الأوساط السياسية، وحتى الأوساط الحكومية، حول ما يمكن للرئيس ترامب في حال فوز بايدن بشكل لا يمكن الطعن به، أن يفعله خلال هذه الفترة الانتقالية، لأنه سيبقى الرئيس المسؤول حتى إدلاء الرئيس المنتخب بقسم اليمين. وليس من المتوقع في هذه الحالة أن يتعاون الرئيس ترامب مع المسؤولين في حملة الرئيس المنتخب كما هو العرف. والمخاوف تتركز على أي قرارات انتقامية قد يلجأ اليها ترامب ضد خصومه الحقيقيين او المتخيلين في الداخل، أو اتخاذ قرارات متهورة في مجال السياسة الخارجية. 
هزيمة ترامب الانتخابية، لن تعني نهايته كقوة سياسية ذات نفوذ قوي وهو خارج البيت الأبيض. وأظهرت الانتخابات أن ترامب حصل على أكثر من 68 مليون صوت (حتى الآن)، أي أكثر بملايين من الأصوات التي حصل عليها في 2016. ويُعتقد انه سيبقى قوة أساسية داخل الحزب الجمهوري، وسوف يحاول استخدام هذا النفوذ للضغط على الجمهوريين لعرقلة أي مشاريع يريد الرئيس الجديد إقرارها في الكونغرس، خصوصاً إذا واصل الحزب الجمهوري سيطرته على مجلس الشيوخ، كما تبين المؤشرات الأولية. وهذا يعني أن ترامب سوف يبقى حاضراً في الحياة السياسية الأميركية كقوة سلبية وحتى تخريبية طالما بقي على قيد الحياة.  
 هذا بعض المشهد السياسي والانتخابي، في اليوم التالي للانتخابات الأميركية.