الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المسألة السورية في مرحلة مابعد حلب

المسألة السورية في مرحلة مابعد حلب

07.01.2017
محمد الزعبي


 كلنا شركاء
الخميس 5/1/2017
قرأت صبيحة هذا اليوم عددا من المقالات التي كانت تدورجميعها حول ” الاتفاق الروسي التركي ” والذي يمثل بنظرنا  العنصر الأهم في مرحلة  ” مابعد حلب  ” . لقد كانت تلك المقالات / الكتابات في معظمها كتابات بكائية على سورية التي دمرها نظام عائلة الأسد بالتعاون  مع  الجماعات العسكرية والطائفية القريبة والبعيدة . لقد غلب على معظم الكتابات التي قرأتها اللون المعروف في الأدب العربي ب- ” البكائيات ”  ، التي ينطبق عليها  بكائية الخنساء في رثائها لأخيها صخر:         ( ولولا كثرة الباكين حولي ….على إخوانهم لقتلت نفسي).لاشك أن مدينة حلب أكثر من مهمة ، وإن سقوطها بيد ملالي دمشق وطهران ولبنان يمثل خسارة كبيرة للثورة السورية  ، وتحولاً استراتيجيا سلبياً نوعياً  في حرب الخمس سنوات الماضية ، ولكن هذا( الانتصار!) المؤقت لمثلث الشر( بوتن ، خامنئي ، بشار ) على سكان حلب المدنيين العزل ، لايمكن أن يقلب الحق باطلا والباطل حقاً .  ولا سيما أن شعارات وهتافات كافة المظاهرات الشبابية الشعبية في مختلف المدن والقرى السورية ، سواء قبل حلب أو بعدها ، لم تزد على المطالبة بالحرية والكرامة ، وهي مطالب اعترف بشارالأسد  بعظمة لسانه ذات يوم  (وبغض النظر عما كان يقصده هذا الخب من هذا الاعتراف عملاً بمبدأ التقية المعروف) بأنها مطالب مشروعة . لقد بدأ النظام عملياً منذ اليوم الأول للثورة بالعزف على  الوتر الطائفي ، وبالتوازي مع هذا البعد الطائفي للرد على الثورة بدأ  بالعزف  أيضاً على وتر”  الحل العسكري / الأمني ” ، وأعطى أوامره لشبيحته من العسكريين والمدنيين ، بقمع الثورة بالرصاص الحي  ، وبدأ تساقط الشهداء ، بداية  بالعشرات ، ولاحقاً بالمئات ، الأمر الدي معه أخذ الشرفاء من الضباط والجنود  في الجيش السوري بالانشقاق عن النظام  والانحياز للثورة  ، وكان رد المتردد
ين والخائفين من الديموقراطية على هذه الانشقاقات المشروعة ، بالعزف على وتر ” الحل السياسي ” مقابل الحل العسكري الذي طرحه النظام .
 إن تبني شباب الثورة لشعار ” الحل السياسي ” كمقابل لل ” الحل العسكري ” هو خيار صحيح  وسليم  ، ولكن الذهاب به إلى حد  وصم كل من يحمل السلاح  ليدافع  به عن نفسه وعن أطفاله وعن ماله وعرضه  ب ” الإرهاب ” إنما هو موقف ( مع احترامي لنوايا أصحابه ) يصب في طاحونة النظام .
كلنا يعرف أن نظام عائلة الأسد الطائفي يعتبر كافة ” العرب السنة ” إرهابيين (!!) ، وهوأمر لم يعد خافيا على أحد ، وإن حشر بعض الجماعات الإسلامية  التي ذنبها الوحيد ” الذقن والصلاة في المسجد ” في خانة ( داعش ) التي هي كيان هجين ، لاعلاقة له لا بالاسلام ولا بالمسلمين في شيء خلقه ورعاه واستخدمه في تحقيق مآربه ومصالحه كل أعداء الربيع العربي والثورة السورية في الداخل والخارج ، وعلى رأسهم نظامي دمشق وطهران  ( أنظر التحقيق الذي أجراه في بروكسل تامر المسحال / الجزيرة بعنوان ماخفي أعظم )  ، إنما هو خدمة مجانية يقدمها البعض  – سواء دري أم لم يدر  – لأعداء هذا الربيع  .
 نعم للحل السياسي كبديل للحل العسكري الأمني الذي يمارسه بشار الأسد وأعوانه من العرب والروس والعجم  ، وهو يصب في هذه الحال في طاحونة الثورة  ، أما إذا كان  أو سيكون هذا الحل  السياسي رفعاً  للراية البيضاء بهذه الذريعة أو تلك  ، وطرداً للسكان من دورهم وقراهموإحلال القادمين الغرباء محلهم  ،ألا بئساً له من حل   ،  وفي هذه الحال  فإن الحل العسكري ورغم إشكالاته وعيوبه  المعروفة ، المؤلمة والمؤسفة  ،  هوخير من الغرق في بحرالدماء التي سيغرقنا ويغرق أطفالنا به الكذابون الثلاثة :  بشارالأسد والخامنئي وبوتن .
أعرف أن البعض سيرد بالقول ، ولكن الحل العسكري هو مايريده النظام ، لأنه الأقوى في هذا المجال ، ويأتيني الرد على هؤلاء الخائفين على لسان نزار القباني الذي يقول في قصيدته المعروفة ” هوامش على دفتر النكسة ” ( نكسة 1967 ) : ( ماعبر اليهود من حدودنا لكنهم تسربوا كالنمل من عيوبنا ) . نعم إن جنود حسن نصر الله وجنود ولي الفقيه ، وجنود بوتن قد تسربوا كالنمل من عيوب ثورتنا وثوارنا ، والذين بات عليهم ” اليوم ، اليوم ، وليس غداً ” أن يحددوا نقاط الضعف ونقاط القوة في مسيرتهم طوال السنوات الخمس الماضية ، وينقدوا أنفسهم نقداً ذاتياً صارماً لامجال فيبه للمجاملة وترحيل الأزمات من مكان إلى مكان ، أو من زمان إلى زمان ، أي أن يغلقوا كافة المعابروالمنافذ التي تسربت منها قوات الآخرين إلى بلدنا ووطننا ،ولا سيما قوات فرسان الكذب الثلاثة الذين أشرنا إليهم أعلاه ،  وعندها سوف يكون النصر حليف ثورتنا ، إن لم يكن اليوم فغداً وإن غداً لناظره قريب .
إن سقوط حلب ينبغي أن يكون درسا عسكريا وأخلاقيا وإجتماعياً  وسياسياً للجميع ، أصحاب الحل السياسي وأصحاب الحل العسكري  . وإن تجاوز هذا الطرف أو ذاك لهذا الدرس  ، إنما هو ” عيب / خلل ” وطني تقع مسؤوليته على الجميع ، دونما استثناء . إن بشار الأسد لم يعدرئيساً ، حتى لحارة من حارات سوريا ، كما أن القوات غير السورية التي تقاتل اليوم مع قوات بشار الأسد برا و/ أو بحرا و/ أو جوا  ، وعلى رأسها قوات بوتن  وقوات قاسم سليماني وحسن نصر الله هي قوات جاءت محتلة وستبقى تحمل هذا الإسم مادامت في سوريا ،وسيبقى من استدعاها لمعاونته والدفاع عنه  تحت أي ذريعة كانت  ، هو سوري خائن لبلده أرضاً وشعباً ، وستبقى مقاومتها حتى إخراجها وإخراج  الخائن الذي استدعاها  من سوريا هي الهدف الأساسي لثورة آذار 2011 ، وفي إطار أي حل قادم ، سواء أكان عسكرياً أم سياسياً